لغمان وحبل‮ “‬الفوضى‮” ‬على الجَرار ‮

حركة جنبلاط ومواقفه تعكس بلوغ‮ ‬الوضع حافة‮ "‬المنزلقات الخطرة‮"‬ ‮‬
تعطيل لغم‮ "‬الاتصالات‮" ‬بـ‮ "‬تسوية ملغومة‮" ‬قابلة للإنفجار
إنفجار اللغم بـ‮ "‬اليونيفيل‮" ‬يؤشر الى إقتران‮ "‬الأقوال بالأفعال‮"‬

على المراقب معاينة حركة النائب وليد جنبلاط ومواقفه،‮ ‬فهذا‮ "‬البارومتر‮" ‬الذي‮ ‬غالباً‮ ‬ما‮ ‬يدير البلاد بحسب‮ "‬إستدارته‮" ‬لم‮ ‬يستكن اخيراً‮ … ‬قام بحركة إتصالات لم تهدأ وأطلق العنان لمواقف لم تخل من الصدمة،‮ ‬عينه على دمشق وقلبه على بيروت تسكنه مخاوف لم‮ ‬يتردد في‮ ‬البوح بها بـ‮ "‬مكبرات الصوت‮".‬ في‮ ‬اتصالاته المعلنة،‮ ‬زار جنبلاط باريس والتقى في‮ ‬بيروت جيفري‮ ‬فيلتمان ولم‮ ‬ينقطع‮ "‬حمامه الزاجل‮" ‬عن الطران الى دمشق‮. ‬دأب على اطلاق النصائح للرئيس بشار الاسد بتجرع كأس الاصلاح قبل فوات الأوان،‮ ‬ولم‮ ‬يتردد في‮ ‬المكاشفة بأن‮ "‬حلفائنا في‮ ‬حزب الله‮" ‬لا‮ ‬يريدون حكومة من دون ان‮ ‬ينسى سرد لائحة بـ‮ »‬الخسائر الجسيمة‮".‬

القراءة في‮ "‬الفنجان‮" ‬الجنبلاطي‮ ‬تقود الى خلاصات بالغة الحساسية ويمكن الاستهلال بها لتفكيك اللغم الذي‮ ‬كاد ان‮ ‬ينفجر في‮ ‬مبنى التخابر الدولي‮ ‬التابع لـ‮ "‬الاتصالات‮" ‬وتفكيك‮ "‬شيفرة‮" ‬اللغم الذي‮ ‬انفجر برجال‮ "‬القبعات الزرق‮" ‬قرب صيدا،‮ ‬فكلا‮ "‬اللغمين‮" ‬على صلة بالانفجار العام الذي‮ ‬دهم سورية ويتردد صداه في‮ ‬لبنان‮.‬ ناقوس الخطر يدرك جنبلاط،‮ ‬الذي‮ ‬لطالما قيل انه صاحب‮ "‬رادارات‮" ‬لا تخطئ بأن الوضع في‮ ‬سورية‮ ‬يكاد ان‮ ‬يخرج عن السيطرة،‮ ‬فالقبضة الامينة لن تنجح في‮ ‬وأد الاحتجاجات ولن تبني‮ ‬سداً‮ ‬في‮ ‬وجه الضغوط الدولية المتعاظمة،‮ ‬وحدها المسارعة الى قرن‮ "‬الاقوال بالأفعال‮" ‬في‮ ‬وضع حصان الاصلاحات امام العربية من شأنها ضمان إعادة الاستقرار الى سورية وتجنيبها المصير الغامض‮.‬ وفي‮ ‬الحسابات الجنبلاطية ان لبنان لن‮ ‬يكون في‮ ‬منأى عن العاصفة السورية بل هو مرشح لأن‮ ‬يكون في‮ ‬عينها،‮ ‬ولذا فإن تشكيل حكومة جديدة‮ ‬يتجاوز‮ "‬تناتش‮" ‬الحقائب ويرتقي‮ ‬الى مستوى الحاجة الوطنية الماسة لإقامة‮ "‬مانعة صواعق‮" ‬تحد من ارتدادات الزلزال السوري‮ ‬وتضمن حماية الحد الأدنى من‮ "‬الاستقرار الهش‮"‬،‮ ‬الذي‮ ‬من المرجح انهياره تحت وطأة استمرار الفراغ‮ ‬وترك البلاد في‮ ‬العراء‮.‬ وبهذا المعنى فإن ما حصل في‮ ‬ملف الاتصالات لا‮ ‬يعدو كونه‮ "‬مسرحية‮" ‬مأسوية على الخشبة القابلة للاشتعال وحرق اصابع الجميع،‮ ‬وهو الامر الذي‮ ‬يضع البلاد في‮ ‬فوهة‮ "‬فوضى‮" ‬عارمة تشبه الطوفان،‮ ‬بغض النظر عن الجوانب‮ "‬التقنية‮" ‬في‮ ‬الصراع الذي‮ ‬شهدته الطبقة الثانية من المبنى وما‮ ‬يحتويه من اسرار وألغاز ومكائد وأفخاخ وتصفية حسابات،‮ ‬وما هو ادهى من‮ "‬الشبكة الثالثة‮" ‬وما‮ ‬يدور حول شباكها‮.‬ الرسالة السوداء والأكثر اثارة انه في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬كان‮ ‬يتم وعلى عجل تعطيل انفجار الاتصالات بتسوية على الطريقة اللبنانية،‮ ‬لا‮ ‬غالب فيها ولا مغلوب،‮ ‬إنفجرت‮ "‬الرسالة السوداء‮" ‬في‮ ‬دورية‮ "‬اليونيفيل‮" ‬على المدخل الشمالي‮ ‬لمدينة صيدا،‮ ‬مستهدفة الوحدة الايطالية،‮ ‬كـ‮ "‬خاصرة رخوة‮" ‬في‮ ‬القوة الدولية العاملة في‮ ‬جنوب لبنان،‮ ‬الامر الذي‮ ‬فسر مسارعة الحكومة الايطالية الى الاعلان عن خفض عديد وحدتها وربما سحبها في‮ ‬وقت لاحق‮.‬ لم‮ ‬يكن الامر‮ ‬يحتاج الى الكثير من العناء لاكتشاف مضمون تلك الرسالة التي‮ ‬تزامنت مع مناقشة الملف السوري‮ ‬في‮ ‬اجتماع الدول الثماني‮ ‬وسط اتجاه لنقله الى مجلس الامن الدولي،‮ ‬غداة عقوبات اميركية وأوروبية طالت الرئيس الاسد شخصياً‮.‬ البعض من المحسوبين على سورية في‮ ‬بيروت لم‮ ‬يكن‮ ‬يتردد في‮ ‬القوى ان عناصر‮ "‬اليونيفيل‮" ‬هم مجرد‮ "‬رهائن‮" ‬لن‮ ‬يكونوا في‮ ‬منأى عن اي‮ ‬محاولة دولية لاستهداف سورية‮. ‬وبغض النظر عن الذين‮ "‬كبسوا على زر‮" ‬العبوة التي‮ ‬جرى تفجيرها عن بعد فإن الانطباع السائد هو ان هذه‮ "‬الهدية الدموية‮" ‬كانت رسالة سورية ـ ايرانية و"دفعة على الحساب‮" ‬في‮ ‬المواجهة التي‮ ‬بدأت بين سورية‮ "‬الممانعة‮" ‬والمجتمع الدولي‮ ‬على خلفية افراط النظام في‮ ‬دمشق باستخدام‮ "‬فائض‮" ‬القوة في‮ ‬قمع التظاهرات‮.‬ هذه الرسالة لن تكون الاخيرة،‮ ‬فالانظار تتجه الى‮ ‬يوم النكسة في‮ ‬الخامس من حزيران،‮ ‬الذي‮ ‬من‮ ‬غير المستبعد ان‮ ‬يتكرر فيه ما هو‮ "‬أضخم‮" ‬من‮ "‬الحشد الحدودي‮" ‬الذي‮ ‬اندفع نحو الشريط الشائك في‮ ‬يوم النكبة‮.‬ واذا كان من المتوقع ان تستمر الامور تحت سقف من التصعيد المضبوط على الحدود،‮ ‬فإن ما هو متوقع‮ ‬يؤشر الى بدء مرحلة جديدة مفتوحة على المزيد من الخطوات المتصلة بما‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬سورية‮.‬

السابق
نحاس يصف عبدو يوسف بالكاذب والموظف المتمرد
التالي
الجيش يدعو يوسف إلى فنجان قهـوة