تجاوزات ‘بلدية’ وربّ ثلاثين نموذجا

إهمال شؤون البلدة، لامبالاة بالمسائل العامة لمصلحة الأفراد، تلكؤ عن القيام بالواجبات. هذه هي صفات المجلس البلدي في بلدة رب ثلاثين الجنوبية، قضاء مرجعيون. المجلس التابع لـ"حزب الله"، والذي يمثل، في عمله مع المواطنين، استثناءً جليّا وأكيدا للخرق الفاضح لنصوص القانون.
في العودة إلى التفاصيل المبئية، كلف القانون المواطنين، كل في بلدته ومدينته، انتخاب مجلس بلدي يضم أعضاءً ورئيساً ليعملوا بشكلً محلي، على خدمة أولئك المواطنين الذين يقطنون بقعة أرضية معينة ولتحسينها. هذا هو المبدأ النظري، لكن عملياً والحال هذه، فبلدية رب ثلاثين التي سنتكلم عن "إنجازاتها الخارقة" لبلدتها، لا تعمل وفق ما ينص عليه القانون، بل تبعاً لما تمليه عليها "قيادتها الحزبية"، مما يشكل الاستثناء.
للاستفسار عن انجازات هذه البلدية، قام موقع "جنوبية" بالاتصال بعضو البلدية السابق محمد فقيه، الذي قال إنّ البلدية "لا تُعنى بمواطنيها، كما وأنها لا تكترث بالشكاوى التي نقدمها لها باستمرار، والتي لا جواب عنها سوى: اللي بيطلع بإيدكم روحوا اعملوا".
ومن هذه الاستفسارات والشكاوى مسألة البناء على الاملاك العامة: "كلّفت البلدية محامٍ ليلاحق المعتدين على هذه الاملاك، فقدمنا له صورا وبيانات  عن الأماكن المعنيّة كوننا مع القانون ولسنا ضده، لكن هذا المحامي قام عمليّاً بملاحقة كل من لم ينتخب أعضاء البلدية، متغاضياعن كل المخالفات التي ارتكبها مناصرو المجلس البلدي، ما دفعنا لرفض الامر، لكن دون جدوى"، يقول فقيه ويضاف: "طالبنا بإزالة مخالفات تسبب حوادث سير، لكن تذرعوا بأسباب واهية، ولم يعمدوا إلى ملاحقة مرتكبيها لأنهم أعضاء في المجلس البلدي".
وتابع مستطردا قائلا "في البلدة شخص يدعى علي محمد فقيه أقدم على بناء حائط دعم ليمنع به مياه الامطار والسيول من التمركز أمام منزله بعدما يئس من مطالبة البلدية بوضع حد للامر، ولكن ولانه لا ينتمي إلى حزب الله طالبوه بإزالة الحائط، كونه يشكل تعدٍ على الاملاك العامة"!!!
ولفت فقيه إلى أن رئيس البلدية علي محمود بركات "وهو تاجر متنقل، لا يتواجد في البلدة إلا في المناسبات، كما وأنه لم يدعُ إلى أيّ لقاء بين المجلس البلدي والمواطنين منذ انتخابه"، مشيرأ إلى أن "البلدة حصلت على 3 مولدات كهربائية كهبة، ولكنها قامت ببيعها، غير مكترثة بحاجات مواطنيها، لانها كما صرحت لهم أن البلدية :حرّة"!!! ويذكر أحد الوجهاء هنا، وهو رفض نشر اسمه، أنّ "رئيس البلدية باع أحد المولّدات وقال لمن راجعوه رافضين إنّه جاء من إيران هدية له شخصيا"، فهل تعرف إيران علي محمود بركات كي تهديه مولدا كهربائيا، أم أنه كان هدية إلى أهالي القرية؟
هذا، وكشف فقيه "عن وجود موظف في البلدية غير شرعي، لم  يتم تعيينه وفق الاصول القانونية، يدعى حسين محمد بركات"، وقال: "عندما طالبنا بمعرفة كيفية تعيينه، تذرّع أحد الاعضاء بأنه عامل يومي، لا دخل للمواطنين في القرية به، مؤكداً أن تعيينه أتى على خلفية وعود الحزب لعائلته التي انتخبت المجلس البلدي".
 أما بِشأن عمليات التحديد والتحرير منذ العام 2007 في البلدة، لفت فقيه إلى أن "البلدية حصلت على مبالغ من الافراد الذين استفادوا من هذه العمليات، تتراوح قيمتها بين 300$ و5000$ حسب قدرة الفرد على الدفع، لكن دون الحصول على ايصالات، متذرّعةً بأسباب لا قيمة لها، مثل أنّه للمساح الحرية في تحديد المبلغ المطلوب، كذلك صادرت البلدية بعض العقارات من الاشخاص الفقراء، لقاء مسح أراض أخرى لهم، منهم محمد أحمد بركات، وهؤلاء لا تسمح لهم أوضاعهم المالية بدفع المبالغ المطلوبة".
إلى ذلك، أشار فقيه إلى أننا "كأفراد يهمنا انماء وتحسين بلدتنا، ولن نتراجع عن المطالبة بتحسينها، والعمل على تحسينها، لكن تحركاتنا محدودة، اذ أنه وفي حال لجأنا إلى القيمين على الجنوبسيبرّرون هذه الأفعال".
كما لفت فقيه إلى أن "ما يحصل في بلدتنا أصبح معروفاً من قبل بعض النواب والوزراء، ولكن كون القرية صغيرة وبعيدة، فلا أحد يكترث لها".  أما ما هو فاضح، على قول فقيه، فهو أنّه "بعد حرب تموز 2006 أعطيت البلدية مواد غذائية لتوزيعها على المواطنين، لكن ما حصل هو أنها أعطت البعض منها إلى مناصري مجلسها، والباقي عمدت إلى اتلافه، وكل شخص في القرية شاهد على هذا الحادث".
وفي الختام عرض فقيه زيارة البلدة، والاطلاع على حقيقة ما يجري، وتقديم كل المستندات اللازمة التي تثبت أقواله إلى الموقع.
لكن كان لا بد لنا من معرفة رأي الفريق الآخر ، الذي هو المجلس البلدية، فهاتفنا عضو البلدية علي بركات الذي، ولدى سؤاله عن كيفية تقييمه لعمل بلدية رب ثلالثين، سكت لبرهة قبل أن يقول: "بالنسبة لامكانيات البلدية المالية، لا ميزانية كبيرة نظراً لصغر البلدة جغرافياً، لذلك لا بأس بما تقدمه من مشاريع، فالامور جيدة"، مشدداً على أن "هناك مشاريع قيد الدراسة والتطبيق".
أما بشأن التواصل بين الاهالي والبلدية قال بركات متملصاً: "يعني، هه، منيح"، وتابع: "هناك مشاكل بين البلدية وبعض الاهالي، لكن المشاكل سياسة أكثر مما هي إنمائية"، مضيفاً أن "من يتذرع بعدم تواصل البلدية هو أيضاً يرفض التواصل معها".
وأردف بركات: "أنا عضو في البلدية، وأنا لست في حزب الله، عملت جاهداً ولا أزال على تقريب وجهات النظر بين الطرفين ليتم التواصل بينهما، ولكن الأهالي يرفضون ذلك باستمرار والسبب موقفهم ضد حزب الله المسبق".
واسترسل في حديثه قائلاً: "أقول لك بصراحة مطلقة، البلدية في بعض المواضيع مقصرة، وهناك بعض الاخطاء، ولكن هناك موقف مسبق ضدها من قبل البعض وهو موقف سياسي، وليس انمائي".
ورداً على سؤال قال بركات: "في المجالس أطرح أفكار ضد أفكارهم وأبدي رأيي بحرية"، وتابع ضاحكاً: "لكن بالنهاية، شو اللي بيمشي؟ في أكثرية بتمشي اللي بدا يي".
ورداً على سؤال عن عمليات التحديد والتحرير أجاب بركات: "البلدية لم تأخذ مبالغ مالية من الاهالي، المساح قام بذلك"، وقال: "هذه الامور تستوجب جلسة، لا يمكنني متابعة حديثي، لكن المساح هو من قبض المبالغ، والبلدية لا دخل لها بهذه العملية والمختار حينذاك (التابع لحزب الله) هو من ساهم بالعمل إلى جانب المساح، مع العلم أنني لم أكن في هذه الفترة عضواً في البلدية"، مؤكداً أنه "تم قبض مبالغ مالية من الاهالي".
هذا وأشار بركات إلى أنه "من الممكن أن يكون البعض سجل عقارات الغير على اسمه في عمليات المسح، ولكن برضى وموافقة المتضرّر (!!)، والسبب عدم قدرته على الدفع"، مؤكداً أن "هناك حتى الآن أشخاص لم يدفعوا ولم تؤخذ عقارات منهم، فالحديث عن مصادرة عقارات غير صحيح"، وتابع: "هذه الامور حصلت بحسب وضعية الشخص، وشطارته".
وبشأن موظف البلدية، أوضح بركات أنه "تم التوافق على اسمه من قبل جميع أعضاء البلدية، إذ أنه مقيم في البلدة، ووالداه تعرضا للحبس أيام الاحتلال، ولا علم لدي بشأن وعود حزب الله لعائلته، كما لا أعلم إذا كان هناك طريقة معينة لتعيينه".
وعن المولدات الكهربائية، أشار بركات إلى أن "البلدية عليها ديون لشخص قام بتزفيت طرق البلدة، وهو من قام بأخذ هذه المولدات مقابل عمله"، لافتاً إلى أن "في البلدة مولد كهربائي واحد".
وبشأن المواد الغذائية، كرر بركات قوله: "لم أكن حينها في البلدية ولا أعتقد أن البلدية وزعتها على أشخاص محددين، وبالتأكيد لم تتلف ما بقي منها".
وختم حاداً في جوابه: "الموقف من البلدية هو سياسي مسبق"، طالباً من محدّثته زيارة البلدة للوقوف على حقيقة ما يجري، وحقيقة الامور، وعرض المساعدة في أي أمر آخر".
هذه عينّة محدّدة ومفصّلة من بلديات انتخبت لمصادرة البلدات الجنوبية سياسياً، وأعضاء مجالسها يتناسون كلياً واجباتهم الاساسية التي فرضها عليهم القانون.
 
 
 

 

السابق
تمرد سجينان رفضاً لنقلهما من سجن جبيل الى طرابلس
التالي
المرأة: تظاهرة في لبنان اليوم والفايسبوك جمع 12000 توقيع