أكثر من 300 شخص يعيشون في مدينة صيدا باتوا غير موجودين قانونيا بعد توقيف العمل بسجلاتهم الشخصية، بحجة أنّ حصولهم على الجنسية اللبنانية بموجب حكم قضائي امر غير قانوني.
مروان شما هو أحد هؤلاء الاشخاص، وهو يشرح لنا القصة: “عرفت انه في العام 2001 جرى تحديث سجلات دائرة النفوس عبر الميكروفيلم، وصارت اخراجات القيد تصدر عن السجل الاساسي. فتقدم بعضنا بطلب اخراج قيد ورفض طلبه. وبتنا بدون وثائق قيد رسمية “.
ويضيف شما: “راجعنا مأمور النفوس آنذاك عفيف انطون، الذي ابلغنا ان اسماءنا سجلت على سجلات كان يجب الا تسجل عليها، وبالتالي صرنا خارج التسجيل القانوني. راجعنا احزابا ونوابا، حصلنا على مذكرة من الوزير الياس المر (وزير الداخلية آنذاك) يطلب فيها التعاطي معنا بصفتنا لبنانيين الى حين يبت القضاء بوضعنا، وصرنا نحصل على اخراجات قيد من دون ان تكون مسجلة في القيود الاساسية. ولكن بعد العام 2004 توقف العمل في هذا التوجه”.
ويوضح شما: “ربما وصلنا الى هذا الوضع بسبب اهمال موظف، وقد تصرفنا بشكل قانوني فكلفنا المحامي معين الزين بمتابعة قضيتنا ونلنا حكما قضائيا بالحصول على الجنسية اللبنانية في العام 1973، وقد صدر الحكم عن رئيس محكمة استئناف الجنوب القاضي ريمون بريدي آنذاك.
الحصول على الجنسية :
والحصول على الجنسية اللبنانية وتسجيل الاسماء في قيود النفوس يتم عبر الشروط الآتية:
– أولا: ان يكون قد تم احصاء العائلة في العام 1932 في خلال فترة الانتداب الفرنسي.
– ثانيا: الولادة من اب لبناني كما نص الدستور اللبناني.
– ثالثا: بموجب مرسوم جمهوري.
– رابعا: بموجب بيان اختيار اذ تمنح الجنسية لبعض الاشخاص، وتحديدا لمن يؤدي دورا مهما في الحياة اللبنانية، مثلا: لاعب رياضي.
– خامسا: بموجب حكم قضائي يستند الى ادلة واثباتات تقدم الى المحاكم المختصة.
– سادسا: بموجب قرار قنصلي بعد مراجعة الهيئات المعنية.
– سابعا : بالزواج.
– ثامنا: بموجب قرار اداري او قيد مجدد.
ماذا حصل عام 1972 – 1973؟
يتابع المختار ابراهيم عنتر اوضاع هذه الفئة وهو يتولى سنويا اعطاء افادات عليها صور الاطفال حتى يتسنى لهم التسجل في المدارس، ويبرر ذلك بالقول: “ما نقوم به له جانب انساني، حتى لا يبقى الاطفال خارج المدارس، يكفي انهم غير مسجلين ولا مستقبل لهم بسبب هذا الوضع”.
ويشرح عنتر الموضوع بالتفصيل: “في العام 1972 تقدم عدد من العائلات غير اللبنانية والمقيمة في لبنان منذ امد طويل بدعاوي قضائية عبر عدد من المحامين، وهذا ينطبق على عشرات العائلات ليس في صيدا فحسب بل في مناطق اخرى مثل صور وطرابلس. وقدمت هذه العائلات مستندات ثبوتية تؤمن لها الحصول على الجنسية اللبنانية وتوحيد قيدهم مع قيود عائلات لبنانية اخرى”.
ويضيف عنتر: “بعد مرور نحو ثلاثين عاما، وبسبب طلب احد الاشخاص نقل قيده الشخصي من منطقة الى اخرى، تبين ان هذه الاحكام القضائية غير مدونة بهيئة القضايا، ما يجعل حصولهم على الجنسية غير قانوني، وباتوا بدون قيود ثبوتية بعدما تكاثر عدد افرادها بالزواج وشراء عقارات وملكيات مختلفة وزواج افرادها من عائلات اخرى، كما ان ابناءهم سجلوا في القيود اللبنانية ولم يجر تسجيلهم في قيود الجنسية الاولى. ومعظم الشباب شارك في خدمة العلم، وبعضهم حصل على وظيفة في الجيش او اجهزة امنية اخرى”. ويزيد: “قد تبين ان لا سجلات اساسية لهم او ربما دونت اسماؤهم ثم سحبت، لا اعرف ماذا حصل. المهم انه تم وضع اشارة احترازية ومنع تسجيلهم في اي سجل رسمي”.
نتائج الوضع الحالي :
بعد مرور نحو سبعة اعوام على هذا الوضع، ماذا يحصل معهم؟
لا يستطيعون تسجيل عقود الزواج، ولا الحصول على وثائق طلاق، ولا حق للاطفال بدخول المدارس. ويوضح عنتر: “إنّهم يواجهون مشاكل لا تحصى، والخوف الاكبر ان يؤدي وضعهم الى انحراف الشباب. فمنهم من لا يستطيع الحصول على فرص عمل، وتوقفت تقديمات الضمان الاجتماعي لمن يعمل منهم، حتى اننا لا نستطيع تنظيم وثيقة وفاة لمن يرحل منهم، لقد صار عددهم عدة مئات”.
ومن العائلات يذكر عنتر “الحاج، منصور، جمعة، زيدان، شما، غبن وشبايطة “.
ويروي طرفة عن احد الابناء، وهو ترك زوجته التي عادت الى بيت اهلها الا انه لم يستطع تطليقها حتى الآن، وبالتالي قُضي على مستقبل الزوجة، والزوج لا يعلم ماذا يفعل”.
المتابعة القانونية
وعن المتابعة القانونية لوضع هذه العائلات يتحدث عنتر عن “اتصالات على مستوى عالٍ وقد عقد لقاء بين وزير العدل ووزير الداخلية قبل العام 2008 واتفقا على عقد اجتماع مع رئيس الجمهورية آنذاك لايجاد حل انساني مناسب لها، لكن احداث ايار 2008 اوقفت هذه المتابعة وبقي الوضع على ما هو عليه، واصدر وزير الداخلية الياس المر قرارا يطلب فيه من الهيئات المعنية التعاطي مع هذه العائلات بصفتها عائلات لبنانية الى حين صدور احكام قضائية، لكن ادارة النفوس رفضت تنفيذ قرار الوزير”.
ويضيف المختار عنتر انه اذا تابع القضاء الموضوع فانه سيتوصل الى الغاء قيودهم، لذلك يجب العمل للوصول الى حلول انسانية: “المطلوب صدور مرسوم جمهوري استثنائي لحل مشكلتهم، لاننا نتعاطى مع بشر وليس مع حجر، والتعاطي مع الموضوع من موقع انساني”.
ويختم المختار حديثه بسؤال: “اذا كان الولد غير شرعي، فها يُحاسب على فعلة الكبار ويُحكم عليه بالاعدام؟”.