يارين.. صمودٌ قلبه على فلسطين

 خبِرَ اللبنانيون، لاسيما الجنوبيون منهم، أهداف الصهيونية، وأطماعها ومحاولاتها الدائمة للسيطرة على لبنان والجنوب، بعد احتلالها أرض فلسطين، كما خبِروا أن التخلي عن الأرض في ظل الاحتلال، هو تكريس لهذا الواقع مهما كانت التطمينات بتطبيق القرارات الدولية، وبعودة الحق إلى أصحابهت تردد في الإعلام، وما زالت نكبة الشعب الفلسطيني، الذي خرج من أرضه قهراً، جاثمة في ذاكرة الجنوبيين، يتألمون لآلمهم، وينتظرون وإياهم عودتهم المجيدة إلى فلسطين السليبة.
في العام 1976، شنت «اسرائيل» اول حرب عدوانية على الجنوب اللبناني بهدف احتلاله وضمه الى كيانها الغاضب، تحت ذريعة حماية الحدود الشمالية لهذا الكيان، وأقامت حزاماً أمنياً على طول قرى وبلدات الشريط الحدودي، لتتوسع دائرة احتلالها في العام (1978) الى حدود الليطاني، ومن ثم تراجعت الى منطقة حزامها الأمني، إلى أن حصل الاجتياح الواسع لكامل الجنوب، حتى العاصمة بيروت في العام (1982).
احتلت «اسرائيل» الأرض بآلياتها العسكرية المدمرة، في ظل صمت دول العالم وبعض الدول العربية المتخاذلة، فما كان على الشعب اللبناني بمختلف اطيافه الوطنية، الا الدفاع عن الأرض بوجه الجيش الصهيوني الغازي، وكانت جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، التي نفذت مئات العمليات العسكرية،والعمليات الاستشهادية، ملحقة بالعدو الخسائر الفادحة، في الأرواح والعتاد.
وفي الجنوب، حيث ركّز العدو «الاسرائيلي» دعائم قوته الارهابية على كامل ترابه، مفتعلاً أبشع المجازر ناشراً الدمار، بهدف إفراغ المنطقة من شعبها، والسيطرة التامة عليها، لكن هذا الشعب التواق الى الجهاد والنضال من أجل الحرية، والحفاظ على الأرض والكرامات، بقي صامداً معانداً، لأنه يؤمن بأن عزة الانسان بوجوده حراً أبيّاً على أرضه، مهما غلت التضحيات، وسيكون حليفه النصر، وسيكون مصير الاحتلال إلى زوال، وهذا ما جرى، بعد حين.
منذ ان داست أقدام الصهاينة الأراضي اللبنانية، وعاثت فيها فساداً وإرهاباً، تجد أن هذا الوجود الكريه على هذه الأرض الأبية، حفل بالهزائم والخيبات المرة التي الحقتها به المقاومة ومجتمعها وجيشنا الوطني، مسطرين أنقى صفحات العز والوفاء، والصمود والتضحية في تاريخ الصراع مع الصهاينة.
عشية الذكرى السنوية الحادية عشرة لتحرير معظم الأراضي اللبنانية وكامل الجنوب من رجس الاحتلال الذي تحقق في العام (2000)، زارت «البناء» بعض الأهالي في القرى الجنوبية، وواكبوا الذين عانوا من جور الاحتلال وظلمه، وعاينوا بصمودهم وتضحياتهم مسيرة التحرير المباركة.
أبو أحمد
فى بلدة البياضة الحدودية التي تحررت في العام 2000، وكانت تعتبر من اهم المواقع الاستراتيجية نظراً إلى إطلالتها على البحر، والمشرفة مباشرة على القرى المحررة آنذاك، كان يوجد فيها عدد من مواقع ومراكز الاحتلال وعملائه اللحديين، وفي دردشة مع احدى العائلات من أهاليها الذين عبّروا عن فرحتهم بزوال الغاصبين بقوة المقاومة التي لولاها ما كانوا ليشهدوا هذا التحرير، حيث شرحوا معاناتهم ابان الاحتلال. كما أفصحنوا عن عتبهم على دولتهم التي كافأت صمودهم بعدم المبالاة، وعدم الاكتراث لأوضاعهم الاجتماعية والمعيشية بعد طول قهر من العدو وعملائه.
يقول رب العائلة الثمانيني أبو أحمد «حقيقةً نحن لم نخرج من البيت الى المذلة والهوان، على الرغم من أننا نعتبر كل شبر من وطننا هو ارضنا، لكن لمن نترك بيوتنا؟ هل نهجر الى دولة اخرى، هذا هو هدف العدو، وهنا يكمن دورنا في الصمود في أرضنا كي لانفتقدها»، وأردف قائلا: «اين هو الشعب الفلسطيني الذي وعد بالعودة الى أرضه بعد 15يوماً، لقد صبرنا وصمدنا ونلنا ثمن جهادنا وتضحياتنا بهذا النصر المبين
الحاج علي
أما الحاج علي من قرية يارين المتاخمة لفلسطين، فحيا المقاومة والشعب والجيش اللبناني، صانعي النصر المظفر الذي كان ينتظره عاجلا او آجلا، مهما رمى العدو بحقده، وكانت فرحته لا توصف بعد أن اجتمع شمل أبناء العائلة مجدداً بعد التحرير.
زينب
وتحدثت زينب من بلدة راميا الحدودية عن معاناتها بعدم اكمال دراستها في المناطق المحررة، بسبب تضييق الخناق على الطلاب والأهالي من قبل الصهاينة وعملائهم، وقد سرى هذا الأمر على الكثيرين من الذين لم يغادروا الى المناطق المحررة، وفقدوا مستقبلهم وحلمهم بحياة افضل.
 

السابق
الموسوي: التهديد الإسرائيلي موجود وكذلك احتلال اراض لبنانية
التالي
25 أيار: بعد 11 عاماً على تحرير الجنوب من الإحتلال الإسرائيلي ماذا تغيّر؟