11 ألف عائد من صور سقط من بينهم شهيدان

باكرا، حضر اللاجئون الفلسطينيون في الشريط الساحلي شمالي صور وجنوبيها، إلى نقاط التجمع المحددة من هيئة تنسيق مسيرة العودة عند مداخل مخيمات الرشيدية، والبص، والبرج الشمالي، والقاسمية، وسواها من التجمعات، حاملين معهم ذكريات الديار وأمل العودة إلى فلسطين.

طوال ليل أول من أمس، لم يغمض جفن لأبي غسان سعيد عبد الله (75 عاما)، من قرية لوبيا، فبقي متأهباً حتى ساعات فجر أمس، للفوز بمقعد في إحدى الحافلات التي أتت إلى خلف السواتر الإسمنتية في مخيم البرج الشمالي.
وضع كوفيته وعقاله على عجل، مصطحبا رفيقة دربه أم غسان، إلى جانب شيب وصبايا وأطفال المخيم. «بدّي روح على لوبيا وموت هناك»، قالها أبو غسان بكل ثقة وتمرد على الواقع العربي، مستذكرا «جيش الإنقاذ العربي»، الذي دفع أبناء بلدته إلى المغادرة، رغم التصدي والصمود الكبيرين في وجه العصابات الصهيونية.

يقول إن «المسيرة الموحدة تحيي فينا روح انتفاضة كبيرة، ستنتج عنها العودة المحتمة إلى فلسطين».
وبين المحتشدين، كانت الحماسة تسيطر على الفتى ياسر قدسي (15 عاما)، من قرية الصبيح، لدى صعوده إلى الحافلة. يقول: «أشعر بالفرح، لأنني سأشمّ رائحة منازل فلسطين وأشجارها، وأرمق جبالها وهضابها». بالقرب منه، حملت بشيرة الرفاعي على كتفها الأيمن مكبرا للصوت، «سأهتف عبره بأعلى الصوت، حتى يسمع العدو الرسالة التي لا رجعة عنها، سأرددها في مارون الراس: يا عدو اطلع برا.. فلسطين راح ترجع حرة. إرحل إرحل يا محتل بأرضي ما فيك تظل». على الطريق اصطفت أكثر من ثلاثمئة حافلة كبيرة، تجاوز عدد ركابها أحد عشر ألف فلسطيني، رفع «العائدون» أعلامهم الفلسطينية، وأسماء بلداتهم، التي لم ينسوا شيئا منها رغم ابتعادهم القسري عنها قبل 63 عاما. فكانت الطريق الممتدة من ساحل صور إلى بنت جبيل، فمارون الراس، أشبه بالزحف المدجج بالقوة والعزيمة والإرادة.

ومساءً، محت المجزرة التي ارتكبها العدو بحق شباب مسيرة العودة، ساعات الفرح التي عاشتها مخيمات منطقة صور في الصباح. وتحولت نشوة الوصول إلى الحدود، ورؤية الأراضي الفلسطينية عن قرب إلى حزن عميق حط رحاله مجددا في مخيم البرج الشمالي على وجه الخصوص، حيث سقط الشاب محمد سمير صالح (المعروف بـ «فندي» ـ 22 عاما)، الذي نقلت جثـته إلى «مستـــشفى بنت جبيل الحكومي»، بالإضافة إلى الشهــيد محمود أحمد سالم (17 عاماً) من مخــيم البص.
واستقبل من بقي في مخيم البرج الشمالي العائدين من مارون الراس مساء أمس بالدموع والأسئلة عن الأقارب، الذين كانوا في عداد المتظاهرين. وعلى مسافة قصيرة من مخيمات صور الثلاثة (البص، والرشيدية، والبرج الشمالي)، غصّت مستشفيات منطقة صور بالجرحى.

السابق
أوساط ميقاتي: يشعر بالمرارة ويستحيل أن يشكل حكومة بشروط عون
التالي
اعتصام في حاصبيا دعماً لموظفي مستشفاها الحكومي