ما الذي يمنع الهند من النمو الحقيقي؟

ما بين ثلاث واجهات محلات مغلقة خلف مركز تسوق قديم في مدينة بوني الهندية، تقع شركة صغيرة توضح سبب المخاوف التي تنتاب العديد من الأميركيين من العولمة· في هذا المكان، يزدحم عشرات من الأشخاص في العشرينات من العمر مثل المسافرين في إحدى عربات المترو، جالسين على طاولات ممتدة أمام شاشات كومبيوتر متهالكة، ينشؤون مواقع إلكترونية وصفحات غرافيك وتطبيقات لشركات في الولايات المتحدة وحول العالم لا يعرفون عنها الكثير، ويتكلفون بمهامهم من أشخاص لن يقابلوهم أو يتحدثوا إليهم أبدا·
يحقق معظم العاملين دخلا شهريا يصل إلى 270 دولارا ? وهو مرتب كاف للإقامة بشقة صغيرة ودراجة نارية، وخروج في عطلات نهاية الأسبوع إلى ساحات المطاعم في مراكز التسوق المحلية· ويوجد طلب كبير عليهم لدرجة أن 40 في المئة منهم ينتقلون سنويا إلى شركات أكبر مثل <ويبرو> و<إنفوسيس>، التي تمنح موظفيها عطلة أيام السبت، وغرف تناول غداء مدعم بها طاولات للعب تنس الطاولة، وسحر العمل في إحدى مناطق التكنولوجيا المتقدمة الجديدة التي ظهرت على مشارف هذه البلدة التي تعد مركزا صناعيا·

ترمز شركة <باناسيا> إلى الازدهار الاقتصادي الهندي، الذي يعتمد على انخفاض الأجور وطاقة المشاريع وتكنولوجيا الإنترنت التي خلقت نوعا من الأسواق التنافسية التي كانت موجودة في الماضي في خيال الاقتصاديين من الكلاسيكيين الجدد· فكما هو الحال في الصين في مجال صناعة لعب الأطفال والأحذية والإلكترونيات، أصبحت الهند في مراكز الاتصالات ومكاتب معالجة وتطوير البرامج مصدرا سريع النمو للوظائف التي تتجه إلى التصدير والثروة التي جعلت الملايين يتجاوزون خط الفقر·

وكما كان الحال مع الصين، جاء نجاح الهند على حساب بعض الأميركيين الذين تأثرت مصادر أرزاقهم في المنافسة منخفضة التكلفة· ولكن على النقيض من الصين، تتوازن الصادرات الهندية إلى الولايات المتحدة مع وارداتها، مما يسمح بتدفق المنافع بالتساوي في الاتجاهين·

المشكلة التي تواجه الهند هي أنها قد لا تتمكن من الاعتماد على صادرات قطاع الخدمات من أجل الحفاظ على نموها· ولا يوجد سيناريو مرجح يمكن من خلاله أن يولد الطلب على عملاء الحجز والمبرمجين ? أو قدرة الهند على توريدهم ? ملايين الوظائف التي تحتاج إليها البلاد شهريا في دولة ذات 1- 2 مليار نسمة، يقل عمر نصف سكانها عن 25 عام· فلا يمكنهم أن يعملوا جميعاً في <إنفوسيس>·

يعاني نظام التعليم في الهند بالفعل مشكلة تلبية الطلب· وتحصل المدارس الابتدائية والثانوية على تمويل أقل من اللازم ويعمل بها مدرسون يفتقدون التدريب الجيد، وهم غالبا لا يذهبون إلى العمل ويعتمدون على أسلوب التلقين إذا حضروا· وعلى الرغم من حصول جامعات النخبة الهندية على تصنيفات عالمية، فإن كفاءتها سريعا ما تهبط بعد ذلك·

نتيجة لذلك، يعتبر 75 في المئة فقط من خريجي الكليات التقنية و85 في المئة من جميع خريجي الجامعات، صالحين للعمل في الشركات التنافسية العالمية· وحتى من يتم تعيينهم عليهم أن يخضعوا لبرامج تدريبية مدتها ثلاثة أشهر ليصلوا لأول درجة على السلم الوظيفي·

وترتفع مرتبات العاملين الماهرين في مجال التكنولوجيا بسبب قلتهم بنسبة 30 إلى 40 في المئة سنويا، وهو أمر رائع بالنسبة لهم ولكنه يقلل بسرعة من ميزة انخفاض تكلفة قطاع التكنولوجيا الهندي· كان خبرا جيداً للهند ما أعلنه الرئيس التنفيذي لـ<جنرال إلكتريك> مؤخرا، بأن تكلفة القيام ببعض المهام في الولايات المتحدة تزيد بنسبة 10 في المئة على تكلفتها في الهند· وفي بوني، يتوقع ماني فانغالا، مدير شركة <ساي> للأبحاث التي تتعاقد على أعمال خارجية لعديد من الشركات الدوائية الكبرى في العالم، أن تختفي ميزة وصول تكلفة العمل لديه إلى 50 في المئة من التكلفة الأميركية في غضون خمسة أعوام·

وفي منطقة هينجوادي إنفوتك بارك المجاورة، تحصل شركة <إمكيور> للأدوية على حبوب وأمصال من مجمع مصانع ومعامل حديث تبلغ مساحته 26 فدانا· يشير موكوند رانادي، المشرف على تطوير أعمال <إمكيور>، إلى أن تكاليف المعدات والالتزامات الدورية لشركته تماثل الشركات الأميركية، مع وصول الرواتب السنوية لكبار العلماء الهنود إلى 90,000 دولار· ويقول رانادي إن العملاء من شركات الأدوية الأميركية لديهم الآن توقعات <غير واقعية> عن توفير التكاليف في الهند·

ترجمة اللواء

السابق
قبلان يوقّع كتابه في اللبنانية الدولية
التالي
القوات الإسرائيلية تركب أعمدة مراقبة قرب العديسة