اوروبا قد تطلب ثمنا باهظا

 ذكّرت مراسم المصالحة بين فتح وحماس، كبار السن بنكتة قديمة وهي ان يهوديا انقض على دب ليضربه. وقف رفاقه حوله وشجعوه على ان يغلب الدب. بعد بضع دقائق أجاب رفاقه بصوت يائس: "من يتحدث عن التغلب على الدب؟ كيف بحق الشيطان الخلاص من قبضته؟". هذا اليهودي هو أبو مازن.
ظهر أبو مازن أمس على شاشات التلفاز كمن أُصيب بالمس. خطب فقال انه لا حق لاسرائيل في التدخل وإن عليها ان تحول اليه اموال السلطة الفلسطينية، لكن من مثله يعلم ان الدب الذي يجسده خالد مشعل واسماعيل هنية سيفترسه قبل الصيف افتراسا سهلا، من غير تنسيق مع الجيش الاسرائيلي.
بيد أن المصالحة الظاهرية التي لن تطول في رأي رئيس "الشباك" الخارج، يوفال ديسكين، تُعرض اسرائيل لمشكلة مباشرة. إن وزراء تختلف صرامتهم متحدون في آرائهم. انهم يرونها "المعركة على سقف الرباعية".
شخص بنيامين نتنياهو الى اوروبا مزودا بتعليلات جديدة لتعزيز معارضة اسرائيل لانشاء دولة فلسطينية بقرار من طرف واحد في الجمعية العامة للامم المتحدة في ايلول. الامر متعلق بدول الرباعية التي إن تمسكت بموقفها المبدئي والأساسي فستقضي بأنه لا ينبغي ان يُطلب الى اسرائيل اجراء تفاوض مع حكومة فلسطينية أحد عناصرها المركزية يدعو الى القضاء عليها.
هل يمكن الحفاظ على المعيار الاوروبي. وهل يمكن منع التآكل والتهاوي؟ لا نعلم. الخشية من ان تحاول اوروبا ان تبيع اسرائيل سلعة سياسية واحدة مرتين. قد تُقدم مطالب لنتنياهو مقابل معارضتها وجود حماس في الساحة، وهو يعلم ما الذي يخشاه في هذا السياق. يخشى مثلا طلب اوروبا أن يعلن فترة تجميد بناء اخرى دون شرط حتى ايلول.
إن ديسكين الذي ودع أمس خلية المراسلين العسكريين، لم يُسهل الامور على رئيس الحكومة. فقد استعمل لغة مهادنة في التطرق الى اتفاق المصالحة الفلسطينية الداخلية في مستويين: وذاك انها لن تطول ايامها وانه لا مكان لمعاقبة أبو مازن بوقف ايرادات الضرائب من اسرائيل الى رام الله ما لم يُحدث تغييرا بالفعل لسياسة التعاون الامني مع اسرائيل في يهودا والسامرة.
هل حسد ديسكين رئيس الموساد السابق مئير دغان الذي فاجأ نتنياهو مع انتهاء ولايته؟ هل غضب لانه لم يتم اختياره لوراثته سوى يورام كوهين؟ ليس واضحا، وهو أقل أهمية. على كل حال سيعلم نتنياهو عند عودته في نهاية الاسبوع أي شحنة اوروبية سيخرج معها هذا الشهر الى الولايات المتحدة. 

السابق
رد رئيس بلدية صفد البطيخ: التعايش الاسلامي المسيحي في البلدة ثروة يجب الحفاظ عليها
التالي
الطريق طويل الى حرية فلسطينية