الانباء: النظام السوري وتيار المستقبل: اتهامات أمنية وتداعيات سياسية

تحدثت دمشق عن مؤامرة خارجية تتعرض لها وعن مشروع فتنة، وكشفت عن تهريب أسلحة من العراق والأردن ولكنها لم توجه اتهاما صريحا إلا في الاتجاه اللبناني، وتحديدا تيار المستقبل وبعض نوابه وتحديدا النائب جمال الجراح، فيما جرى توجيه اتهامات غير أمنية «سياسية وتحريضية» إلى نواب آخرين في الشمال «محمد كباره وخالد ضاهر»، ونائب في البقاع «عقاب صقر» وبدا ملف الجراح وحده المثقل باتهامات التورط في الداخل السوري عبر مد ناشطين إسلاميين بالمال والسلاح، وهو ما نفاه الجراح بشكل قاطع، داعيا الى مساءلته على أساس ملف قضائي وليس على أساس اتهام سياسي، وداعيا رئيس المجلس نبيه بري الى حفظ كرامته النيابية، في وقت دعا السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي الى تحرك القضاء اللبناني واعتبار ما بثه التلفزيون السوري من اعترافات بمثابة «أخبار». ولكن القضاء اللبناني ينتظر ملفا قضائيا ومراجعة عبر الأقنية والأصول المعتمدة، فيما يظل الجراح خارج أي مساءلة قضائية مادام متمتعا بالحصانة النيابية، وأيا كان المنحى القضائي، فقد عمقت الاتهامات السورية لتيار المستقبل بالتدخل في الاضطرابات القائمة بسورية وتبني قوى سياسية لبنانية في مقدمتها حزب الله هذه الاتهامات والترويج لها، الشرخ السياسي القائم أصلا في لبنان وزادت من منسوب التوتر السياسي بين فريقي 8 و14 آذار، وتبدي المصادر المراقبة مخاوف من ان تؤدي هذه الاتهامات الى مضاعفات تزيد من حدة الأزمة الناتجة عن تعثر تشكيل الحكومة. وفي هذا الإطار:

إلى ذلك، لفتت مصادر نيابية إلى ان التعرض قضائيا للنائب الجراح يتطلب رفع الحصانة النيابية عنه خلال جلسة نيابية عامة، كما حصل ذات مرة مع النائب السابق يحيى شمص الذي صوت المجلس النيابي، في ظل الوجود السوري آنذاك، على رفع الحصانة عنه، ما أدى الى سجنه. إلا ان طرح فكرة رفع الحصانة يبقى خطوة استعراضية، لأن التصويت على ذلك يحتاج الى ثلثي أعضاء مجلس النواب، وهذا أمر غير متوافر لأن الأكثرية الحالية لا تتجاوز الـ 68 صوتا، علما ان طرح مثل هذه القضية قد لا يلقى اجماعا في صفوف الأكثريين الجدد. 

هذا ولا تخفي مصادر ديبلوماسية ملاحظتها ان التصريحات التي أدلى بها السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي في الأيام الأخيرة والتي أثارت ردود فعل واسعة يمكن الا تحرج «تيار المستقبل» بمقدار ما تؤدي الى التفاف طائفي حوله، باعتبار انه من الواضح لأي لبناني عادي وعبر نموذج اتهام نائب من التيار ان ما يتعرض له الرئيس سعد الحريري من الداخل والخارج هو تحامل مقصود وغير بريء حتى لو أضحى هذا التيار خارج الحكم يعيد الى حد بعيد تجربة والده الرئيس رفيق الحريري بعد ابعاده عن الحكم، وهذا الأمر يحرج كلا من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي الى درجة كبيرة اكثر مما يصيب تيار المستقبل حتى لو ان احد الأهداف هو وضع التيار في موقع الدفاع بدلا من موقع الهجوم الذي اعتمده منذ خروج الرئيس الحريري من رئاسة الحكومة في اتجاه سلاح حزب الله وصولا الى إيران. اذ ان هناك قواعد قانونية لا يمكن اي من الرئيسين سليمان او ميقاتي تجاوزها ما لم تصح الاتهامات ولو تحت طائل ما فهم من الكلام الذي قاله السفير السوري «ان ما سيصيب سورية سيصيب لبنان». 

أما مصادر مراقبة رأت ان الاتهامات الأخيرة للنائب الجراح الذي تربطه بالنائب السابق لرئيس الجمهورية عبدالحليم خدام علاقات شخصية متينة، أضاءت مجددا على الجانب السلبي من العلاقات السورية «المستقبلية»، مع ما يشكله ذلك من رسائل قد تتجاوز الإطار اللبناني الى ما هو أبعد من الحدود المشتركة للبلدين، بالنظر الى علاقات تيار المستقبل ورئيسه بأطراف عربية ودولية فاعلة تمر علاقاتها مع سورية حاليا بفترة من الاضطراب الذي لايزال محدود التأثير، لكنه قد يتطور سلبا اذا ما استمر الوضع على ما هو عليه ميدانيا وسياسيا. وفي هذا السياق، تقول المصادر ان اتهام تيار المستقبل بالتورط في أحداث سورية يجعله في موقع الدفاع عن النفس، بدلا من ان يواصل تحركه السياسي والميداني في اطار حملة رفض سلاح حزب الله، ويعرقل مخططاته السياسية باستقطاب الشارع اللبناني على خلفية الشعارات التي يرفعها حول سيادة الدولة ومؤسساتها، كما في مواجهة الحكومة العتيدة على رغم انها لم تشكل بعد، وبالتالي فإن انشغال تيار المستقبل في رد الحملات السياسية والإعلامية هذه يفقده القدرة على التفرغ لمواجهة خصوم الداخل، ولاسيما الأكثرية الجديدة وأبرز رموزها حزب الله.

السابق
حزب الله رفض التعليق..ومقربون: الحملة البحرينية لن تنجح
التالي
المعارضة السورية تتهم “حزب الله” بالمشاركة في قمع متظاهري درعا