صورة وحدة

قبل عدة اسابيع طلب من أحد أجهزة الاستخبارات الفلسطينية اعداد تقرير مفصل عن امكانية المصالحة مع حماس. عنوان الوثيقة، التي وقعت في 49 صفحة، قال ان "المصالحة توجد في طريق مسدود". التقدير الاستخباري الفلسطيني، الذي رفع لابو مازن قرر بالقطع بان حماس غير معنية بالوصول الى اتفاق. توقيع الاتفاق امس كان مفاجئا لهم ايضا.
الان ايضا، لغير الاقتباس تقدر محافل امن فلسطينية بان الاتفاق لن يصمد. يوجد عدد لا حصر له من العوائق على الطريق، وعلى رأسها الموضوع الامني. قطاع غزة تسيطر عليه اليوم أجهزة أمن حماس.
يهودا والسامرة تسيطر عليها السلطة الفلسطينية، بتنسيق امني كامل مع اسرائيل. ربط القوتين يبدو متعذرا: ادخال رجال حماس الى أجهزة الامن في الضفة سيدمر العلاقات مع اسرائيل. ابقاء شرطة حماس في اجهزة امن غزة سيمنع فتح المعابر، كما يأمل الفلسطينيون.
كما أن مسالة الانتخابات التي يفترض أن تجري بعد سنة، ستثير المشاكل. في المرحلة الاولى، ستقام حكومة وحدة، تضم ممثلين مستقلين. واذا كان هكذا، فماذا سيكون مصير سلام فياض، الذي يعتبر شريطا أحمر في نظر حماس؟ اذا ما جرت انتخابات للرئاسة بالفعل بعد سنة، كما وعد أمس، فهل ابو مازن سيعود للتنافس؟ فقد سبق أن صرح بصراحة بانه لن يفعل ذلك. وهل حماس ستطرح امامه، لاول مرة، متنافس يمثلها؟
كل هذه المسائل كانت صحيحة امس بالضبط مثلما كانت صحيحة قبل اسبوع. ذات التقرير الاستخباري الفلسطيني، كما اسلفنا، عني بها بتوسع. اذا كان هكذا، فماذا تغير ليؤدي الى التوقيع المفاجىء امس في القاهرة. حماس، كما تدعي محافل فلسطينية، لم تغير مواقفها. وكما يبدو هذا، فان السلطة الفلسطينية والحكم المصري الجديد وافقا على المرونة، على فتح مبادرة المصالحة من جديد وقبول تحفظات حماس.
تعليل محتمل لخطوة رام الله قدمه امس نبيل ابو ردينة، الناطق بلسان ابو مازن واحد الرجال المقربين جدا منه. فقد اوضح ابو ردينة بان المصالحة عندما ستحصل، ستنزع حجة اسرائيل في الانقسام بين غزة والضفة. وأغلب الظن، استوعبت السلطة الفلسطينية بانها اذا كانت ستسير نحو خطوة احادية الجانب في ايلول، يتعين عليها أن تعطل هذا اللغم، وان تخلق صورة – حتى لو كانت وهمية – من الوحدة الفلسطينية.

السابق
من لم يرغب
التالي
من كفاح مسلح الى كفاح سياسي