تونس/بروكسل | 28 Apr 2011
فيما تواصل تونس انتقالها إلى الديمقراطية، فإنها ستحتاج إلى تحقيق التوازن بين الرغبة في التغيير السياسي الجذري والحاجة إلى إرساء الاستقرار؛ وإلى دمج الإسلام السياسي في المشهد السياسي الجديد، وبمساعدة دولية، معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية العميقة.
"احتجاجات شعبية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط (الجزء الرابع): الطريق أمام تونس"، آخر تقارير مجموعة الأزمات الدولية يدرس أصول الثورة والوضع السياسي والاجتماعي في أعقابها. على الرغم من فترة عدم الاستقرار التي أعقبت رحيل الرئيس زين العابدين بن علي، أظهرت تونس قدرة ملحوظة على التوصل إلى إجماع بشأن القضايا السياسية الحرجة. وقد فعلت ذلك من خلال ضمان مشاركة طيف واسع من القوى الاجتماعية والسياسية.
يقول نيكولا دوت بويار، محلل شؤون تونس لدى مجموعة الأزمات الدولية، "جدير بالملاحظة أن عملية التحول لا يقودها جيش قوي أو حفنة من السياسيين، بل ان هناك مزيج متنوع يضم المؤسسات والقوى السياسية والنقابات والجمعيات يتلمس طريقه من خلال التجربة والخطأ، والمفاوضات والتسوية".
وكي يتم البناء على هذه البداية المشجعة، يتوجب على تونس أولاً إيجاد سبل لمعالجة الشواغل المتنافسة كالخوف من العودة إلى الماضي مقابل الانزلاق إلى الفوضى. ثانياً، يتعين تعميق الحوار بين حركة النهضة التونسية الإسلامية والقوى العلمانية. فمازال انعدام الثقة المتبادل قائماً. ولا تزال الجماعات النسائية على وجه الخصوص تشك بصدق الحركة وتخاف من تآكل حقوق المرأة. فيما ما زالت فترة القمع الوحشية على يد بن علي في تسعينيات القرن المنصرم راسخة في ذاكرة الإسلاميين.
وأخيراً، وربما الأهم، لا تزال العدالة الاجتماعية شاغلاً رئيسياً. فبالنسبة للمواطنين العاديين الذين نزلوا إلى الشوارع خلال الانتفاضة، كان اليأس المادي عاملاً محفزاً رئيسياً. لكن الانتصار السياسي الذي حققته لم يغير الظروف التي أدت إلى اندلاع ثورتهم. يجب أن يولى اهتمام خاص لخلق فرص عمل ومعالجة الاختلالات التي أضرت بوسط وجنوب البلاد. إذ من شأن تجدد التوترات المتنامية بين تلك المناطق والمناطق الساحلية العودة على حالة عدم الاستقرار من جديد. وستكون المساعدة الدولية حاسمة في هذا الصدد.
يقول روبرت مالي، مدير برنامج مجموعة الأزمات للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، "لقد بدأ كل شيء في تونس، وهو أيضاً البلد الذي يمثل الوعد الأكبر بتحول ناجح نحو الديمقراطية. بالنسبة للمنطقة وبقية العالم، ينبغي أن يكون ذلك سبباً كافياً لإيلاء الاهتمام ومساعدة التونسيين في المضي قدماً".