بين استحالتين تحكمان المشهد اللبناني الداخلي، اعتذار الرئيس المكلف نجيب ميقاتي واستمرار حال المراوحة في التشكيل، يخضع المسرح السياسي لواقع مأزوم تبدو معه كل صيغ الحلول شبه عقيمة في ضوء محاصرة الاستحقاق الحكومي بموجات التصلب في المواقف واستحالة استجابة المطالب الكبيرة لبعض الاطراف في الاكثرية من جهة والتطورات الاقليمية التي تبدو متجهة نحو منحى خطير من جهة ثانية.
تفاؤل: ووسط اقرار اطراف في الاكثرية علنا بالاخفاق في التشكيل نتيجة التفكك وغياب التوافق اكدت اوساط مواكبة لمسار التشكيل ان الوقت استنفد بالكامل ولم يعد لصالح اي جهة استمرار حال المراوحة بحيث انتقل الواقع من البحث في المطالب ومحاولة ايجاد الحلول لشروط البعض، الى مرحلة البحث عن افضل المخارج لتشكيل حكومة عمل مؤلفة من فريق متجانس تنصرف الى الاهتمام بالشؤون الحياتية الداهمة للبنانيين، مؤكدة ان صيغا عدة مطروحة في هذا المجال قد تطلق احداها الى العلن في وقت قريب لنخرج الدخان الابيض من قصر بعبدا ايذاناً بتشكيل حكومة ترضي اوسع شريحة من اللبنانيين.
موقف عون: في غضون ذلك، تبدو بعض اطراف الاكثرية ولا سيما حزب الله في حال استعجال ودفع في اتجاه التشكيل السريع غير ان الرغبة في التشكيل لم تتمكن حتى الساعة من تخطي خصوصية الحليف المسيحي النائب ميشال عون المتمسك بحقائبه العشرة بما فيها الداخلية رافضاً وزراء الدولة وادراج النائب طلال ارسلان من ضمن حصته الوزارية، في مقابل اصرار الرئيس المكلف على توزيع عادل للحقائب مناطقياً وطائفياً واسناد الحقائب الأمنية الى مستقلين وإبقاء "المالية" وحقائب الاقتصاد في منأى عن التجاذبات السياسية.
المشروع السياسي: الا ان مصادر في قوى 14 آذار أكدت لـ"المركزية" أن كل محاولات تغليف العجز عن التشكيل بحقيبة "الداخلية" لم تعد تنطلي على اللبنانيين بعدما بدا واضحاً ان الخلاف ليس على حقائب وأسماء وانما على مشروع الحكومة السياسي برمته وما اذا كانت حكومة مواجهة ام اعتدال، علما ان التطورات الاخيرة في دمشق لا تبدو مشجعة على تشكيل حكومة مواجهة لبنانية في ضوء المواقف الدولية فيما لا يمكن لسوريا ان تدفع في اتجاه حكومة انفصال عن ايران، وهو واقع سيحمل الرئيس المكلف وفق مصادر 14 آذار على تشكيل حكومة تكنوقراط تسير شؤون البلاد والعباد حتى جلاء الصورة وبلورة المشهد السياسي الداخلي والاقليمي.
التحديات وغياب الموقف: الى ذلك، اتجهت قضية التعديات على الاملاك العامة نحو مزيد من التأزم في ظل مضي المعتدين في استباحة الاملاك العامة على رغم الاجراءات الامنية المتشددة. وفي هذا المجال استغربت اوساط في المعارضة، غياب اي موقف حاسم لأقطاب الاكثرية ولا سيما منهم اولئك المعنيين مباشرة، اي حزب الله وحركة "امل"، خصوصا بعدما بلغت التعديات حداً غير مسموح في محيط مطار رفيق الحريري الدولي بات يهدد سلامة الطيران ويضع مصير السفر من والى لبنان على المحك في ما لو استمر التهديد بحيث يصبح لبنان ممرا غير آمن دولياً.
ولاحظت ان غياب المواقف الرادعة والاكتفاء برفع الغطاء السياسي والشجب يبقى غير كاف بعدما بلغت التعديات حداً مذهبياً وطائفياً من خلال الاعتداء على الاوقاف السنية وممتلكات للكنائس.