دخلت عملية تشكيل الحكومة اللبنانية يومها الثاني والتسعين، دون ظهور ملامح أو مؤشرات على قرب الولادة المستعصية. الشهر الاول بعد التكليف أمضاه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في التفاوض مع قوى 14 آذار، بلا طائل، أما الشهران الآخران فقد استهلكهما في الصراع على الحقائب والوزارات مع فريق الثامن من آذار الذي رشحه لرئاسة الحكومة، وفي كلتا الحالتين فالج لا تعالج.
الجديد للناس، تطمينات ووعود بقرب الفرج، لكن من الناحية العملية، راوح مكانك، وكلما تعمق اللبنانيون في معرفة ما يدور حولهم وبين ظهرانيهم، ازداد بنظرهم غموض المستقبل.
وقد عاد الى بيروت مساء أمس الأول الرئيس نجيب ميقاتي. وفور عودته التقى المعاونين السياسيين للرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله، علي حسن خليل والحاج حسين خليل، وقد أدرج هذا اللقاء في خانة التشاور الدائم حول تأليف الحكومة.
ولفتت مصادر الرئيس المكلف الى عدم وجود أفكار جديدة، على أن تتواصل المشاورات أياما!
ميقاتي لحكومة أمر واقع
ونقلت صحيفة «السفير» عن زوار الرئيس ميقاتي في لندن قوله انه يريد تشكيل حكومة يتوافق حولها مع رئيس الجمهورية، تسمى حكومة «أمر واقع» لأنها ستكون الأنسب في الظروف الراهنة، بعدما بات متيقنا ان الصيغة التي يطرحها تلبي مطالب معظم مكونات الأكثرية الجديدة، ولو ان بعضها مازال يثير التحفظات.
ونقلت صحيفة «الجمهورية» عن قطب بارز في قوى الثامن من آذار، دعا الى مراقبة اتجاهات الرياح السورية لمعرفة ملامح المرحلة المقبلة، مسقطا احتمال تأليف الحكومة قبل انقشاع الصورة الضبابية للمنطقة. مؤكدا أن أمن لبنان من أمن سورية والعكس صحيح.
وزير البيئة محمد رحال (المستقبل) أبدى خشيته من تداعي الاوضاع في سورية على لبنان متخوفا من أن تكون الاتهامات مقدمة لخلق إشكالات معينة في لبنان وقد تلقفها فريق الثامن من آذار على هذا الاساس.
وقال رمال: الرئيس ميقاتي ينتظر اليوم ما يحصل في سورية.
قانصو: ميقاتي رهينة دار الفتوى
أما النائب البعثي عاصم قانصو، فقد اعتبر أمس ان الرئيس ميقاتي «أصبح رهينة دار الفتوى وثوابتها».
وأضاف: لقد بدأ الفأر يلعب في عبنا. وقال: إما أن تتشكل الحكومة خلال يومين أو لا حكومة، وأكد قانصو حق العماد عون بالحقائب الوزارية التي يطالب بها. وان ميقاتي قدم للرئيس سليمان أكثر من صيغة حكومية لكن الاخير لم يوقع أيا منها!
قانصو توقع صدور قرار الاتهام باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في مايو المقبل. متهما أربعة نواب من كتلة المستقبل بالتآمر على سورية، التي لن تستسلم للمخططات الأميركية.
من أزمة حكومة إلى أزمة حكم
من جهته النائب مروان حمادة (14 آذار) قال ان قوى 8 آذار تريد سحب حق التوقيع على التشكيلة الحكومية من رئيس الجمهورية. وسحب حق اعدادها من رئيس الحكومة المكلف، معتبرا ان النوايا الحقيقية قد ظهرت. وهناك من يريد الانتقال من أزمة حكومة الى أزمة حكم، وهناك نواب نهبوا رئيس الجمهورية يوم الاستشارات الى أنه قد يكون الهدف النهائي الاطاحة بك ممن لا يقبل إلا بنفسه رئيسا للجمهورية.
لبنان في عين العاصفة
النائب اسطفان الدويهي عضو كتلة المردة رأى أن تأليف الحكومة هو اليوم وفي ظل التطورات الاقليمية المتسارعة أمر يتجاوز بإلحاحه كل التفاصيل السياسية اللبنانية. الا أنه قضية وطنية بامتياز سواء لجهة الخشية والخوف من تداعيات ما يجري في المنطقة، على مصير لبنان الوطن، أو لجهة الهم الاجتماعي والاقتصادي الذي بلغ عنق الزجاجة ولم يعد مسموحا لأحد في كل معاناة الناس وهمومهم الالتفات الى تفصيل سياسي هنا أو هناك، لأن لبنان اليوم في عين العاصفة.النائب هادي حبيش (المستقبل) دعا رئيس الجمهورية الى التمسك بمطالبه وعدم السماح لأي فريق بابتزازه من خلال الضغوط التي يقوم بها للتخلي عن حقيبة وزارة الداخلية.واعتبر حبيش أن التعديات على الأملاك العامة مرفوضة، كما ان مجابهة قوات الأمن التي تعمل على وقفها أمر غير مقبول.النائب علي خريس (أمل) اعتبر أن التأخير في تشكيل الحكومة مضر بلبنان، وبالتالي فإن المطلوب تشكيل حكومة في أسرع وقت، والا فسيكون فراغ على كل المستويات.
وعن تبني حزب الله الاتهامات السورية بحق تيار المستقبل رأى خريس انه قد تكون هناك وثائق ومستندات جعلت الحزب يتخذ مثل هذا الموقف.
السفير الفرنسي ديمت ياتون أكد من بكركي أن بلاده لن تساوم على أي شيء يتعلق بأمن لبنان، الذي يجب أن ينأى عن المصالح الإقليمية المتنافسة. واعتبر ان الدولة هي من يضمن سيادة لبنان ورئيس الجمهورية ميشال سليمان يجسد سلطتها، لافتا الى انه وضمانا لقيام دولة القانون لابد أن تتمكن القوات المسلحة اللبنانية وحدها من احتكار استخدام القوة.وأشار السفير الفرنسي الى أن البحث عن حل لمسألة السلاح في إطار الحوار الوطني ضروري لأمن لبنان والمنطقة.