زداد الدواخل اللبنانية انغماسا مع التطورات الإقليمية والسورية منها خصوصا على وقع توسع هذه الأخيرة بتوجيه الاتهامات لشخصيات لبنانية بالتدخل في التحركات الاحتجاجية الشعبية هناك، الأمر الذي فاقم من التعقيدات المعيقة لتشكيل الحكومة الميقاتية، وبالتالي فرض على الساحة اللبنانية مرحلة إضافية من الإقامة الإلزامية تحت سلطة حكومة تصريف الأعمال.
وأخطر هذه الاتهامات ما أعلنه التلفزيون السوري عن توقيف النائب اللبناني عقاب صقر عضو كتلة المستقبل في مدينة بانياس السورية، ثم ما صرح به الوزير السابق وئام وهاب المحسوب على دمشق من أن لديه صورا عن شيكات زعم أن الأمير تركي بن عبدالعزيز قد دفعها للنائب صقر والنائب السابق محمد عبدالحميد بيضون ولجمال عبد الحليم خدام، لتحريك الوضع الشعبي في سورية وتحمل هذه الشيكات تاريخ 30 يونيو 2010.
النائب صقر ينفي من بيروت
وسارع النائب صقر الى الرد من بيروت نافيا أن يكون معتقلا في بانياس أو غيرها، وكرر صقر القول ان أمن سورية من أمن لبنان ووضع ما أشيع عن اعتقاله برسم الرئيس بشار الأسد. وأضاف: كفى كذبا، وقال: نحن نعتبر أن كل شهيد يسقط في سورية برصاص الغدر أيا كان مصدره هو شهيدنا في لبنان.
ورأى أن ما يسيء الى الأمن هي هذه السيمفونية الإعلامية البغيضة التي أساءت لسورية ولأشقاء سورية.
وقال صقر: أنا لي علاقات مع كل أطراف الطيف السوري من هم في المعارضة ومن هم في الموالاة، وصداقاتي مع المعارضة السورية أعتز بها، لكن هذا لا يعني أن أنظم خلايا أو أحرك خلايا وأهل سورية أدرى بشعابها، إنهم يستغلون صداقاتي القديمة التي لا أقطعها مع أحد ليتحدثوا عن تركيب خلايا.
بدوره النائب جمال الجراح أبلغ صحيفة المستقبل أنه لم يقبض أي شيك مــن أحد، نافيــا معرفتـه بالأمير تركي بن عبدالعزيز، ملاحظا أن محطة «ان.بي.ان» التي بثت كلام وهاب جزء من الحملة عليه، وقد قرر مراجعة القضاء.
اما الأمير تركي بن عبدالعزيز فقد نفى صحة ما ذكره الوزير السابق وئام وهاب من دفعه شيكات للنائب جمال الجراح والوزير السابق محمد عبدالحميد بيضـون وجمال عبد الحليم خدام.
وقال الأمير تركي في اتصال مع قناة «الجديد» اللبنانية ان وهاب كذاب ولا يعرفه ولا يعرف الشخصيات التي ذكرها.
وأكد أنه لم يزر لبنان ولا سورية منذ عشرين عاما، وأنه كان نائبا لوزير الدفاع والطيران وترك العمل منذ سنوات، وهو لا يتدخل بالشؤون السورية أو اللبنانية.
من جهته النائب أحمد فتفت اتهم بدوره حزب الله وحلفاءه بزج لبنان في صراعات هو في غنى عنها وتحديدا بما يجري في سورية.
وأشار الى أن هذا الفريق يصر على ممارسة الكذب المفضوح سياسيا وإعلاميا، مع العجز عن إيجاد دليل واحد يدعمه، لأن هذا الدليل غير موجود، ومع ذلك يصرون على جر الفتنة الى لبنان عبر هذه التهم التي تقود الى هدر الدم، ومن هنا فنحن نحمل حزب الله وقوى 8 آذار مسؤولية أي فتنة تحدث في لبنان.
الخاصرة اللبنانية
بدوره وزير الكتائب سليم الصايغ رأى أنه لا مصلحة لسورية في استعداء أي فريق من اللبنانيين في وقت تحتاج فيه الى تحصين الخاصرة اللبنانية لتكون خاصرة وفية لعلاقات الجيرة لا خاصرة رخوة تطول عبرها سورية، معتبرا أن الطريقة التي تم التعامل بها مع تيار المستقبل والنائب جمال الجراح وغيره طريقة تدل على تخبط في إدارة الملف السوري، داعيا الى تصحيح هذا الخطأ، وأكد على الثقة عند المسؤولين في الدولتين اللبنانية والسورية الذين لا يرتضون مثل هذا التصرف، ولفت الى أن الرئيس بشار الأسد لا يرتضي بعد كل ما أقامه من علاقات مع لبنان أن تذهب هذه العلاقات أدراج الرياح وأشار الى أن إدارة الأزمة تحتم الكثير من الصبر والدراية وليس التسرع كما حصل عبر الاتهام الإعلامي غير المسؤول لفريق لبناني بالشكل الذي حصل فيه.
وأمام هذه المستجدات السلبية الطابع، ترزح عملية تشكيل الحكومة اللبنانية عاجزة عن الحراك بانتظار جلاء الصورة الإقليمية القائمة.
على أن المساعي لن تتوقف ولا محاولات فتح الثغرات في جدار الخلافات خصوصا حول وزارة الداخلية التي مازالت تحبس جهود تشكيل الحكومة داخل قمقم الاستحالة.
أفكار مرفوضة
وتقول مصادر الأكثرية الجديدة ان حزب الله فوجئ بقبول العماد ميشال عون بفكرة تعيين شخصية حيادية لهذه الوزارة الحساسة وبالتالي عدم الإتيان بوزير من طرفه، لكن عون اشترط أن يسمي هو هذه الشخصية وأن يقبل بها الرئيس ميشال سليمان لكن الرئيس سليمان رفض صيغة تؤمن للعماد عون دخول الداخلية من النافذة بعدما استحال عليه دخولها من الباب، وعاد الى طرح معادلة التخلي عن توزير زياد بارود للداخلية مقابل تخلي عون عن توزير صهره جبران باسيل، إلا أن العماد عون لا يرى في مثل هذه المعادلة حلا كونه يرفض أي أمر من شأنه إبعاد باسيل عن الوزارة.
وهكذا يستمر الوضع الحكومي في المراوحة داخل مربع الأكثرية الجديدة التي لا تسهل لمرشحها نجيب ميقاتي ظروف تشكيل حكومته، ولا تستطيع في نفس الوقت الاستغناء عنه تبعا لانعدام وجود البديل الملائم أو القادر على إبقاء هذه الأكثرية على أكثريتها.