من الخيانة الى الإستئثار في السلطة، فالتدخّل في الوضع السوري، وصولا الى قضية البناء على مشاعات الدولة. إتهامات تلو الأخرى وجّهها، ولم يكفّ عن توجيهها، كل من حزب الله وحركة أمل الى تيّار المستقبل فيما يتعلّق بما بات يعرف "قضية المشاعات" في الجنوب اللبناني. فما علاقة "المستقبل" بعمليات البناء؟ وما هدف هذه الحملة الموجّهة ضدّه؟
"جنوبية" تقصّت عن الموضوع من خلال اتصال أجرته بنائب حركة "أمل" في منطقة صور علي خريس، الذي شرح أنّه "فيما يتعلّق بالبناء على المشاعات موقفنا واضح وتاريخي وليس من الآن بل منذ زمن، وهو أنّه لا يحق لأي مواطن الإعتداء على الأملاك العامة لأنها ليست ملكا خاصا، ولا يحق له التصرّف بها كيفما شاء، إذ يجب الحفاظ على الأملاك العامة ومسؤوليتنا جميعا، دولة وقوى أمنية وأجهزة رسمية وبلديات".
ويعلن خريس أنّ "حركة أمل ترفع يدها كليا عن أي تعدّ على هذه الأملاك وهو أمر محسوم، ومن غير المعقول والمقبول ما يدّعي به الأهالي عن قيام حزب الله وحركة أمل بتغطيتها لمخالفات البناء، والمواطنون يصرّحون بكلام غير واقعي وغير صحيح وماهي إلّا فشة خلق".
أما فيما يتعلّق بالإتهامات التي توجّه الى الحركة بتغطيتها عمليات البناء، قال خريس بالعامية: "اللي طلّع الجحش عالميدنة بينزّلوا"، وأضاف: "من الواضح جدا من بدأ بالخرق والإعتداء على الملك العام وبتوجيه مِن مَن؟". وتابع: "لن ندخل في سجال تسمية أشخاص ومناطق والدخول في التفاصيل، كما أن الحركة قامت في قرى عدّة بمنطقة الزهراني وصور، بالنزول إلى الأرض وقمع المخالفات بالقوّة".
في ختام الحديث أكّد خريس أنّه لا يتهم تيار المستقبل مباشرة "بل أقول إنّ هناك خطأ ما قد بدأ وعلى الدولة والمجتمع والبلديات تصحيحه من خلال منع كل المخالفات مهما كانت صغير أو كبيرة، ووقف التعديات بالكامل، تحت أي غطاء سياسي كانت".
بدوره رفض النائب نواف الموسوي الإدلاء بأي تصريح حول الموضوع بحجّة أنّ حزب الله وفي هذه الفترة لا يريد القيام بأي مقابلة صحفية. في المقابل كان لمسؤول تيار المستقبل في صيدا الدكتور ناصر حمود تعليق آخر على هذه الإتهامات.
فهو سخر قائلا: "لا أتصوّر أنّ تيار المستقبل مسؤول عن 5000 وحدة سكنية مخالفة للقانون على مشاعات الدولة والأملاك البحرية، وإن كان هناك من مسؤولية تترتب علينا فليخبرونا ونحن مستعدون لتحمّلها". وكما خريس نفى حماية المخالفين: "إتهاماتهم لنا حجّة والمخالفات هي من مسؤوليتهم باعتبارهم القوى المسيطرة في الجنوب".
أمّا فيما يخص قضية مهجّري يارين الذين بدأو يشيدون على أملاك الدولة بلا تراخيص في خراج بلدة البيسارية، حيث كان "رأس الفتيل"، فأشار حمود إلى أنّ "قضية يارين كانت مجرد طلب إعادة ترميم لمنازل تضرّرت خلال حرب تموز 2006، هذا أولا، وثانيا: حتى لو كان هناك مخالفين، فما هذه الحجّة. هل من أجل 10-15 وحدة سكنية فتحوا الباب لـ5000 إعتداء على الأملاك العامة في الجنوب؟".
وأضاف حمود غاضبا: "هذه الإتهامات باطلة، وهي من ضمن سياق هدف حزب الله السيطرة على الدولة والتركيز على إجهاض مساعي وزير الداخلية زياد بارود ليبرهنوا أنهم القوى المسيطرة على الوضع في الجنوب وليس الدولة. أمّا هدف الحملة فهو عزلنا سياسيا، من ويكيليكس وتدخلنا في الوضع السوري، والذي طبعا لا علاقة لنا به، وصةلا اليوم إلى البناء على مشاعات الدولة"، ويختم متخوفا من أن "يكون هناك مخطط ما سياسي أو أمني يحضّرون له".
في النهاية قد تكون مجرّد إتهامات وقد تكون حقائق، لكن مهما كان ستبقى عمليات البناء على المشاعات مخالفات قانونية واضحة ومستمرة حتى تاريخ كتابة هذه السطور، وعلى المسؤولين المبارشين في السلطة تغريم أصحابها بالمحاسبة القانونية بعيدا عن أي غطاء سياسي.