ومتى لقاء كل الطوائف؟

لا يتسع الوقت اللبناني لمزيد من المزايدات، ورشّ الملح فوق الجرح، وصبّ الزيت فوق النار.
يخطئ كثيراً من يظن ان هذه الاساليب العوجاء والعرجاء والجوفاء تبعد الكأس عن فئة لتقرّبها من اخرى، او تساعد سوريا في مواجهة احداث داخلية لم يعد من الجائز الاستخفاف بها، والنظر اليها كأنها نزوة عابرة.
فلا تنقصها مقومات الانتفاضة شبه الشاملة، ولا يلغيها قول بعض المعترين من اللبنانيين انها نتيجة مؤامرة خارجية، او من صنع هذا النائب، او من انتاج تلك الجهة السياسية.
ولا يحق لأية فئة لبنانية ان تركب ظهر المغامرة مرة اخرى، وعلى حساب لبنان، وتركيبته، وصيغته، وحساسية وضعه، وتعدّد الانتماءات والاهواء والنزوات.
كل اللبنانيين يريدون الخير لسوريا وشعبها. وما من لبناني إلا ويدرك ان امن لبنان من امن سوريا، واستقراره من استقرارها، وقلقه من قلقها، وما يصيبها يصيبه في شكل أو في آخر.
ومن البديهي والطبيعي الا يكون لاية جهة او فئة لبنانية اي دور او علاقة في مجريات الاحداث السورية وتطوراتها. من قريب او بعيد. لا سلباً ولا ايجاباً.
انطلاقاً من هذه الوقائع والحقائق، وفي خضم ثورات واحداث تاريخية تغييرية لم يشهد مثلها العالم العربي من قبل، تمّ لقاء بكركي الذي ضمّ قيادات مارونية تتمتع بحضور ونفوذ وتأثير شعبي وسياسي على المستوى الماروني، وعلى نطاق واسع.
لقد جاء اللقاء الذي رأسه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في الوقت المناسب، واللحظة الحرجة، وحيث يقترب هدير الثورات العاصفة من الاجواء اللبنانية غير الصافية، بل المؤهلة دائماً لاستضافة الأزمات حتى وان كانت من نوع الزيت الذي يصبونه عادة على النار.
واذا كان اللقاء الماروني قد اقتصر على "اعادة" التعارف بين بعض المجتمعين، وبعض الابتسامات والكلمات والمجاملات، وصولاً الى كسر جليد الماضي وحواجزه، فليس مستبعداً ان يؤسس لخطوات ولقاءات أوسع، تشمل الطوائف الاخرى وقياداتها.
فقد يستعيد اللبنانيون زمان الوصل في الاندلس، وزمن الصفاء في لبنان، ويضعون نصب أعينهم هدفاً واحداً يزيل الحواجز والمتاريس والاحقاد والثارات من النفوس، ومن الاعين، ومن الاحياء والشوارع والبيوت… وحتى الهواء.
مضمون البيان الصادر عن المجتمعين يشدد على الثوابت الوطنية، وعلى كل ما يوحد ويجمع اللبنانيين، "في وطن ديموقراطي يحترم الحريات والفروقات".
يستحق هذا اللبنان من شعوبه وطوائفه وتعدديته تعاطفاً وتضامناً عند هذا المفترق المصيري.

السابق
ناصر الخرافي وحزب الله
التالي
اللبنانيون باقون: “شكراً البحرين”