“اليونيفيل” في الجنوب: شاهد دولي وملاذ آمن للاهالي

ثلاثة وثلاثون عاما مرت على وجود قوات الامم المتحدة "اليونيفيل" في جنوب لبنان، ولا تزال تلعب دورها الاممي، وهي شاهد دولي على الانتهاكات الاسرائيلية المتكررة. وقد شنت اسرائيل في الفترة المذكورة، أي منذ عام 1978، أكثر من ستة اجتياحات للجنوب، كان آخرها ما سمي عدوان تموز 2006 الذي طال لبنان برمته، عدا عن التعديات التي تأتي بين الفترة والاخرى كضرب اهداف لبنانية، اضافة الى الانتهاكات المستمرة للسيادة اللبنانية عبر الجو والبحر والبر.
وفقا لقراري مجلس الأمن 425 و426 المؤرخين 29 آذار 1978، أنشئت "اليونيفيل" لتأكيد انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، وإعادة السلام والأمن الدوليين، ومساعدة حكومة لبنان على بسط سلطتها الفعلية في المنطقة، وهذه المرحلة استمرت 28 عاما حتى العدوان الاسرائيلي على لبنان عام 2006. وليس خافيا أن العدو الاسرئيلي انسحب من الجنوب عام 2000 ليس احتراما لقراري الامم المتحدة 425 و426، بل إثر مقاومة عنيقة تعرض لها جيش العدو الاسرائيلي طوال المدة التي احتل فيها الاراضي اللبنانية حتى عام 2000.
ووفقا لقرار مجلس الأمن 1701 المؤرخ 14 آب 2006، فإن اليونيفيل، إضافة إلى تنفيذ مهامها بموجب القرارين 425 و426 ستقوم بما يلي:
– رصد وقف الأعمال العدائية. – مرافقة ودعم القوات المسلحة اللبنانية خلال انتشارها في جميع أنحاء جنوب لبنان، بما في ذلك على طول الخط الأزرق، بينما تسحب اسرائيل قواتها المسلحة من لبنان. – تنسيق الأنشطة المشار اليها في الفقرة السابقة أعلاه مع حكومة لبنان وحكومة (اسرائيل). – تقديم مساعدتها لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين والعودة الطوعية والآمنة للنازحين. – مساعدة القوات المسلحة اللبنانية في اتخاذ خطوات ترمي إلى إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي عناصر مسلحة، وموجودات وأسلحة غير تلك التابعة لحكومة لبنان وقوة "اليونيفيل" المنتشرة في هذه المنطقة، ومساعدة حكومة لبنان بناء على طلبها في تأمين حدودها وغيرها من نقاط الدخول لمنع دخول الأسلحة أو الأعتدة ذات الصلة إلى لبنان دون موافقته. وبموجب هذا القرار، أذن المجلس أيضا لقوة "اليونيفيل" باتخاذ جميع الإجراءات الضرورية في مناطق انتشار قواتها وحسبما يقتضيه الوضع في حدود قدراتها، لضمان عدم استخدام مناطق عملياتها لأي أنشطة عدائية من أي نوع كان، ومقاومة المحاولات التي تهدف الى منعها بالقوة من القيام بواجباتها التي نص عليها تكليف مجلس الأمن، وحماية موظفي ومرافق ومنشآت ومعدات الأمم المتحدة، وكفالة أمن وحرية تنقل موظفي الأمم المتحدة والعاملين في مجال المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين المعرضين لخطر العنف الجسدي، دون المساس بمسؤوليات حكومة لبنان.
اليونيفيل" والمدنيون
تعلق قوة "اليونيفيل" أهمية كبرى على العلاقات مع السكان المحليين الذين يعمل بينهم جنود حفظ السلام. وهناك أوجه عدة لهذه العلاقة، حيث تشمل تعريف سكان جنوب لبنان بولاية قوة "اليونيفيل" وأنشطتها، تقديم أو تسهيل تقديم المساعدة قدر المستطاع، احترام الثقافة والعادات والتقاليد المحلية وتبادل الإهتمامات، المشاركة في الأحداث المجتمعية وتخفيف الإزعاج اليومي الناتج من عمليات قوة "اليونيفيل" في المنطقة إلى الحد الأدنى. وتحقيقا لهذه الغاية، يتم التفاعل مع المجتمعات المحلية بصورة منتظمة على كل المستويات.
ويشار إلى أن مجال الشؤون المدنية (المدنيون) والتنسيق المدني العسكري (العسكريون) هو مصدر التفاعل الرئيسي بين قوة "اليونيفيل" والمجتمعات المحلية التي تعمل فيها، علما أن أفراد هذه الوحدات يلعبون دورا رئيسيا في التنسيق مع السلطات والمجتمعات المحليين نيابة عن البعثة، فضلا عن القيام بمجموعة من الأنشطة لدعم السكان في المناطق التي تضطلع "اليونيفيل" بمسؤولية فيها.

الاتصال والتنسيق
تتواصل "اليونيفيل" مع مجموعة من الأطراف الفاعلة على الصعيد المحلي، ويشمل ذلك ممثلي الحكومة المحليين، ممثلي المجتمعات المحلية، جماعات المجتمع المدني والوكالات الدولية المشاركة في أنشطة الإغاثة والتنمية.
ورغم أنها ليست وكالة إنسانية أو تنموية، كان ل"اليونيفيل" منذ السنوات الأولى لانتشارها عام 1978 نزعة قوية للتصرف إنسانيا في معالجة الآثار المترتبة على الحروب والإحتلال في جنوب لبنان. وتقدم وحداتها مجموعة من الخدمات الأساسية للمجتمعات المحلية مستعينة بالمهارات والخبرات التقنية التي يتمتع بها جنود حفظ السلام، فضلا عن توظيف محدود لموارد "اليونيفيل" الهندسية وغيرها من الموارد التشغيلية لمساعدة السكان المحليين.
وفي هذا المجال، تقدم وحدات "اليونيفيل" المساعدة في الخدمات الطبية، طب الأسنان، الطب البيطري وغيرها من الخدمات المماثلة مجانا للسكان المحليين. وبالإضافة إلى ذلك، تجري "اليونيفيل" برامج تدريبية مختلفة للسكان في مجالات مثل أجهزة الكومبيوتر، اللغات، صنع الخبز، الحياكة، اليوغا والتايكوندو.

وفي أعقاب عدوان 2006، تركزت مشاريع "اليونيفيل" الحيوية في المقام الأول على تأمين الخدمات الأساسية، ولا سيما المياه والكهرباء، وكذلك إعادة تأهيل الطرق والبنى التحتية المرتبطة بها تبعا للأولويات. وعلى مدى سنتين، نوعت المشاريع التي تمولها لتشمل تقديم الدعم للمجتمع المدني ومبادرات بناء القدرات مع المحافظة على الأولوية للحصول على الخدمات الأساسية.
وتضطلع فرق الشؤون المدنية والتنسيق العسكري المدني بدور قيادي في إدارة المشاريع ذات الأثر السريع التي تنفذها "اليونيفيل"، علما أن هذه الفرق تعمل عن كثب مع السلطات المحلية ومنظمات المجتمع المدني لتحديد حاجات مجتمعاتهم وأولوياتهم، فضلا عن تطوير المشاريع ومراقبتها.

التوعية العامة
وتعد التوعية المجتمعية من الأولويات الرئيسية للبعثة التي يقوم عدد من وحداتها بأنشطة لضمان التدفق المنتظم للمعلومات من المجتمعات المحلية وإليها. وثمة وحدة مكرسة للتوعية العسكرية المجتمعية يتركز إهتمامها بشكل أساسي على تعريف السكان المحليين بأهداف "اليونيفيل" ونشاطاتها.
وإلى جانب عقد اجتماعات منتظمة مع السلطات المحلية وممثلي المجتمع المحلي، تتركز بعض أنشطة اليونيفيل للتوعية على المجالات الآتية: – إقامة منتديات يتم خلالها لفت انتباه البعثة إلى المسائل أو القضايا التي تهم المجتمع المحلي، مثال على ذلك سلسلة الاجتماعات التي نظمتها وحدة الشؤون المدنية التابعة ل"اليونيفيل" عام 2007 بين قادتها وقادة المجتمعات المحلية. – تفسير قرار مجلس الأمن 1701 ووضع المعلومات المتعلقة بأنشطة "اليونيفيل" في متناول السكان المحليين. – تطوير التفاهم بين "اليونيفيل" والشباب في جنوب لبنان، مثال على ذلك الزيارات المدرسية المنتظمة في إطار "يوم مع اليونيفيل" في مقر البعثة في الناقورة أو في غيرها من مؤسسات "اليونيفيل".

التعاون مع القوات المسلحة
يعتبر التعاون الوثيق بين "اليونيفيل" والقوات المسلحة اللبنانية المفتاح لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1701، والقرار المذكور يهدف إلى ضمان بيئة سليمة وآمنة في جنوب لبنان، و"إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلحين وموجودات وأسلحة غير تلك التابعة لحكومة لبنان واليونيفيل".
وبمعزل عن أنشطتهما العملياتية بغية تنفيذ المهمات المولجة بكل منهما، فإن "اليونيفيل" والجيش اللبناني يقومان أيضا بمناورات عسكرية مشتركة، وأنشطة تدريبية وتبادل خبرات بينهما من خلال برنامج محاضرات مشترك. كذلك يتم التخطيط لأنشطة التدريب والمناورات بشكل مشترك.
يساعد "اليونيفيل" في تنفيذ ولايتها نحو 50 مراقبا عسكريا من "فريق المراقبين في لبنان" (OGL). والفريق عبارة عن بعثة مراقبة عسكرية غير مسلحة تابعة للأمم المتحدة، وهو موجود في لبنان منذ عام 1949 كجزء من "هيئة مراقبة الهدنة" التابعة للأمم المتحدة (UNTSO). ويقوم المراقبون العسكريون بدوريات في القرى وعلى طول الخط الأزرق كإجراء لبناء الثقة في المنطقة، ويعملون في تماس وثيق مع السكان المحليين.

إزالة الألغام
يسهم خبراء المتفجرات وطواقم نزع الألغام في "اليونيفيل" في تسهيل حركة القوة من خلال إزالة جميع الذخائر والألغام غير المنفجرة التي يمكن أن تؤثر على أمن أفراد القوة الدولية. وبالإضافة إلى ذلك، يشاركون في الأنشطة الإنسانية لإزالة الألغام.
وتنتشر قوة "اليونيفيل" البحرية على إمتداد الساحل اللبناني لدعم القوات البحرية اللبنانية في مراقبة مياهها الإقليمية، وتأمين السواحل اللبنانية ومنع دخول الأسلحة غير المرخص بها أو المواد ذات الصلة إلى لبنان عن طريق البحر.

السابق
قاووق التقى وفدا نسائيا إيرانيا: الجمهورية الإسلامية سباقة في تقديم الدعم
التالي
طائرة “ميدل ايست” الى اكرا غدا لاجلاء المزيد