القبة الحديدية ليست حلا سحريا

ينبع قرار نشر نظام القبة الحديدية في جنوب البلاد من التطورات الاخيرة في الساحة الجنوبية لا لأن النظام أنهى مسار استيعابه العملياتي. هذا الاجراء تكمن فيه أخطار نريد أن يكون الجمهور عالما بها.
أولا، قد تحدث اخفاقات تنبع من عدم استكمال مسار الاعلان بأن النظام عملياتي. فضلا عن ذلك هناك خطر ينبع من مستوى التوقعات العالية المعلقة بنظام القبة الحديدية ولا سيما من قبل المواطنين المُعرضين لهجمات القذائف الصاروخية وقذائف الرجم من قطاع غزة. من الطبيعي أن يتوقع من ليس خبيرا بتفاصيل النظام ويريد حلا يُمكّنه من "النوم في هدوء" وارسال أبنائه الى المدرسة من غير ان يخشى على سلامتهم، أن يُقدم النظام التكنولوجي حلا كاملا لتهديد السلاح المائل المسار الذي يتم اطلاقه عليه.
لكن ينبغي ان نتذكر انه لا يوجد في الدفاع حلول منيعة تماما، وستوجد دائما تهديدات تنجح في الهرب من أشد النظم إحكاما. إن نظم الدفاع الفعال مثل القبة الحديدية هي جزء فقط من الحل الشامل لمواجهة التهديد المائل المسار. والحل الشامل مركب مبني من الردع والدفاع والتحصين والاعمال الهجومية ايضا بطبيعة الامر.

وعلى العموم ينبغي ان نتذكر ان القبة الحديدية هي الاولى من نوعها في العالم، وأن الجيش الاسرائيلي قد اضطر مرة اخرى في واقع الامر الى تطوير حلول خلاقة رائدة لمواجهة التهديدات التي تتعرض لها دولة اسرائيل.
وهكذا فليس لنا في الوضع الحالي ما نتعلم منه في هذا المجال بل بالعكس. إن جيوشا كثيرة ومنها جيش الولايات المتحدة تنظر في فضول كبير وتريد أن ترى كيف سيواجه الجيش الاسرائيلي مع نظمه الجديدة في مجال الدفاع الفعال التهديد الذي يقلقها ويهددها في الحاضر وفي المستقبل ايضا بيقين.

على كل حال، سيصيب سلاح الجو الموكل اليه استعمال النظام الجديد اذا لم يكشف عن موقع نصب النظم وعن تقديرات أين تُنصب.
يجب أن تتم هذه التقديرات بحسب تقدير وضع العمليات، وينبغي ألا تكون تقديرات الكشف عن قدرات النظام مكشوفة للعدو.
وسيكون من الحكمة ايضا عدم الكشف، أو في المرحلة الاولى بيقين، عن نجاحات النظام ومحدوديته واخفاقاته (ومن المحتمل ان يكون مثل ذلك كما هي الحال في كل نظام تقني جديد).
والأنسب من كل شيء هو أن يتم الاستمرار في تحصين بلدات غلاف غزة بصورة ذكية. إن التحصين واحدة من اللبنات الأساسية لردنا على تهديد القذائف الصاروخية وإن تنفيذه على نحو ذكي ينضم الى الرد العملياتي من جهة ويُحسّن حياة سكان غلاف غزة من جهة اخرى.

إن تحصن الجبهة الداخلية سيضائل خطر الخسائر في الأرواح ويضعف احتمال أن يحظى أعداؤنا بانجازات بمساعدة سلاح الارهاب.
يجب علينا أن نتذكر أن انضباطا بسيطا باللجوء الى الملاجيء والبقاء فيها حتى اعطاء علامة التسكين سيجعل العدو يكشف عن جُبنه ويكشف عن وجهه الحقيقي إزاء أمم العالم، في حين تكون أخطار المس بأرواح مواطنينا ضئيلة كما حدث في "الرصاص المصبوب".

وفي الختام نقول ان تعليق آمال مفرطة بالحل السحري الفريد لنظام القبة الحديدية قد يضعف تعجل الاستمرار في التخطيطات الهجومية للجيش الاسرائيلي ومنها تجميع المعلومات وتحديث الأهداف ذات الصلة، والتفكير الخلاق بطبيعة الامر في كيفية اجراء معركة ذكية في مجابهة التهديد الذي تُعرضنا له المنظمات الارهابية في غزة.
من الخطأ الشديد الأمل بأن تأتينا القبة الحديدية وحدها بالهدوء الكامل الذي نرجوه على حدودنا الجنوبية، علينا أن ننظر اليها باعتبارها عنصرا مهما في مجموعة كاملة.

السابق
قباني أصدر سلسلة تعيينات في دار الفتوى وفروع الأزهر
التالي
سفير بلجيكا يزور غدا ورش نزع الالغام في الجنوب