هل يتحوّل الانتحار إلى ظاهرة؟

إلى متى يستمّر تجاهل ظاهرة الانتحار التي يبدو أنها باتت مستشرية في البلاد التي تشهد ظروفا معيشية واقتصادية وسياسية وطائفية – مذهبية استثنائية، لم تعرف لها مثيلا على امتداد تاريخها الذي لم يخل أصلا من التوتّر يوما في تلك القطاعات كلها؟.
ومتى يتم الاعتراف بالظواهر الخطيرة في بلاد لا تعترف جهاتها الرسمية بالأرقام، بل تحظر إحصاءها، إمعانا منها في تجاهل المواطنين، وإهمالهم إلى حد القتل: قتل يموه مرة بالموت على أبواب المستشفيات، ويأتي مرارا على شكل دماء تسيل على طرقات بحفر كثيرة ورقابة دنيا، ثم يموّه مرات على شكل انتحار: إهمال يدفع بالمواطنين إلى قتل النفس هربا من الواقع. قتل لا يستدعي الإنتباه ما دام يستمرّ فرديا، صامتا، مقهورا مكتوما. موت يتجاوز حدود الطوائف والمناطق والإعمار، إلا أنه لا يخترق حدود الطبقية والفقر. قتل يبقى خارج حظائر المجموعات، فلا يشكّل خطرا إلا على ضحيته، «المواطن»، الذي ليس له مرجع أو حام أو وليّ أمر جبري يطالب بوقف «المجزرة» أو بمحاكمة المسؤول.
وقد شهد اليومان الماضيان محاولتي انتحار، تضافان إلى 97 حالة سجّلت في العام 2010، والمزيد منها في العام 2011، ذهب ضحية الأولى فتى في السادسة عشرة من عمره، فيما فشلت المحاولة الثانية التي أقدم عليها رجل لم تعرف أي تفاصيل عنه بعد.
ففي محلة الرمل العالي في برج البراجنة، أقدم الشاب م.م.ج. (16 عاما) على إطلاق النار على نفسه من مسدس حربي كان في منزله العائلي بعدما أدخله في فمه، وقد نقل في حال حرجة جدا إلى مستشفى «الرسول الأعظم»، لكنه ما لبث ان توفي متأثرا بنزف صاعق. وقد طلبت النيابة إجراء التحقيقات وإفادتها بما تتوصل إليه من وقائع.
وفي الفنار، أقدم المواطن م.س. على إطلاق النار على نفسه من مسدس حربي كان في حوزته داخل منزله، وقد نقل على إثرها إلى مستشفى «مار يوسف» في الدورة بطريقة عاجلة وهو يخضع للعناية الطبية، ولا تزال أسباب الحادث قيد التحقيق بعد ضبط المسدس المستعمل.

السابق
ندوة لمؤسسة اديان في صور
التالي
الغرب وسياسة التخلي عن الحلفاء