لو أعطيَ عون الوزارات كلها لن تحلّ المشكلة

ماذا يريد العماد ميشال عون في هذه الدنيا؟ الجواب واضح وصريح، ولا لبس فيه: الحصول على لقب فخامة الرئيس، وما عدا ذلك تفاصيل. فمنذ صدور مرسوم تكليفه في اللحظات الأخيرة من عهد الرئيس الأسبق أمين الجميّل برئاسة الحكومة الانتقالية لتأمين انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية ومسلسل البحث عن حلمه مستمر. قد يبدو للوهلة الأولى أن العماد عون يملك موهبة لا حدود لها في تغيير العقول، ولكنه حتى الآن لم يتمكن من تغيير المعادلات، داخلية كانت أم إقليمية أم دولية، وحسابات اللحظة الأخيرة يبدو أنها لم تتطابق مع بيدر طموحاته. من العام 1988 وحتى كتابة هذه السطور، العمل مستمر ودؤوب ومن دون كلل أو ملل للوصول الى الكرسي الأول في بعبدا، والنتيجة عدمية مطلقة. وانطلاقا من هذه العدمية، تشن الحملات على رئاسة الجمهورية، بل على رئيس الجمهورية بالذات، من دون الأخذ بعين الاعتبار مقام الرئاسة وهيبتها المعنوية على الصعيدين المسيحي والوطني. وللعارفين في بواطن الامور بين بعبدا والرابية، يجزمون بأن المشكلة ليست في وزارة أو في موقع وظيفي، فالموضوع حصريا هو مشكلة العماد ميشال عون مع نفسه. ويقول احد اصدقاء رئيس الجمهورية، وهو من مؤيّدي التيار الوطني الحر منذ فترة بعيدة، إنه أصبح مقتنعا بأن المشكلة ليست في وزارة الداخلية ولا في اية وزارة اخرى، ولا حتى في عداد الوزارات، بل حتى لو اعطي زعيم التيار الوطني الحر الوزارات كلها فلن تحل المشكلة. وفي هذا السياق، يروي احد الذين تابعوا انتخابات رئاسة الجمهورية منذ بدايتها وحتى لقاء الدوحة، أنّ الرئيس ميشال سليمان كان حريص اشد الحرص على ان تكون علاقته بالعماد عون تتقدّم على مختلف القيادات السياسية، وخصوصا المسيحية منها، وعلى ذمة الراوي أنه قبل الذهاب الى الدوحة، جرى نقاش بين الرئيس سليمان، وكان يومها قائدا للجيش، وأحد اصدقائه عن ظروف المعركة وتطوراتها، وانه قيل للعماد سليمان يومذاك انه في حال تم انتخابك رئيسا للجمهورية، فستجد قادة الميليشيات أرأف بالتعامل معك بالقضايا السياسية والوطنية من العماد عون. ومع ذلك ذهب حينها الى الرابية مراهنا على ان انتماءه الى المؤسسة العسكرية التي كان العماد عون قائدها، سيخلق لُحمة وأجواء ايجابية بين الرجلين، على ان يكون زعيم التيار عرّابا للعهد، وهو بما لديه من شعبية سياسية ونيابية سيكون الرافعة والمدافع الاول عن الكرسي الرئاسي. ولكن الرهان وقتها لم يكن على قدر التمنيات. والقاصي والداني يعرف كيف قبل العماد عون انتخاب العماد سليمان رئيسا للجمهورية. وانطلاقا من هذه المعطيات، يستمر العماد عون في هجومه على الرئيس، وهو يعلم تماما أنّ الرئاسة ودورها في المعادلة اللبنانية لا تقوم الا من خلال وسائل سلطوية تمكّن الرئاسة من تأدية دورها التوفيقي بين مختلف التيارات السياسية، وفي ظل وضع اقليمي متفجر يحمل في طياته أخطارا كبيرة على الساحة اللبنانية. فهل المطلوب تجريد رئيس الجمهورية من كل صلاحياته لخلخلة الوضع الداخلي، أم المطلوب ألّا ينفجر العماد عون اذا ما وصل الى كرسي الرئاسي، ليس دفاعا عن رئيس الجمهورية، بل نحن امام معادلة رجل من اجل دولة ام دولة من اجل رجل؟

السابق
الدراما في المنامة لم تعد عرضاً هامشياً
التالي
التدخين.. في غياب الرادع