المستبد والمستعمر

عودة الى الأسئلة الأساسية: أين نحن مما يجري في هذه الدولة العربية أو تلك؟ إذا كنا مع أن يختار الشعب ما يريده، فهل سنكون مع "المستعمر" ليخلصنا من "المستبد"؟
أي قدر هو الذي يدفع بشعب ما الى الاستعانة بالشيطان ليخرجه الى رحاب الحرية والديموقراطية؟ هل نحن مع استبداد الحاكم إذا نجح في تحقيق النمو أم نحن مع الديموقراطية وتداول السلطة من غير نمو؟
أسئلة من هذا النوع تشغل بال النخب اللبنانية منذ فترة ويندفع البعض في استذكار الموقف مما جرى في العراق سابقاً: كانت النخب ضد استبداد صدام ولكنها أيضاً كانت مع إزاحته بالقوة.
ولما لم يكن ممكناً إزاحته من الداخل أقمنا القيامة على الغزو الأميركي.. البعض اعتقد أن غزو العراق كان عملاً "إنسانياً". اليوم نحن أمام المشهد ذاته: قوات معمر القذافي كادت أن توقع مجازر بحق الثوار.. الثوار ناشدوا الأمم المتحدة التدخّل.. صار التدخّل الأجنبي مطلباً "أخلاقياً".
بعض المثقفين يرى أن لا مشكلة مع هذا النوع من التدخّل إذا لم يتحوّل الى احتلال ولكنه لا يملك جواباً عما إذا كان التدخل لغاية ملائكية.
بعض آخر من المثقفين ضد "الاستعمار" بالمطلق ولكنه أيضاً ضد الاستبداد ولكنه لا يملك جواباً عن الأسباب التي جعلت قسماً كبيراً من العراقيين يتفرجون على الغزو ولا يقاومونه!
نصل الى بعض ثالث: هذا بعض ضائع. هو يقول إنه مع أن نترك لكل شعب في أي دولة عربية أن يختار ما يريده شرط أن يختار الطريق الديموقراطية لاحقاً.
ضياع ما بعده ضياع والحصيلة: شعوب ممزقة ضائعة بين العجز عن مقاومة المستبد وعجز عن مقاومة المستعمر، ترى بعين ما تريد أن تراه، وتغض الطرف عما لا تريد أن تراه.. والجميع يحلم بديموقراطية قد لا يستحقها.

السابق
كلمة السر
التالي
النهار: الحريري اتصل بملك البحرين منتقداً بشدة تصريحات نصرالله