..واللبناني يريد إسقاط النظام الطائفي

حشد المطالبون بـ"اسقاط النظام الطائفي في لبنان" ما استطاعوا من المعارضين للصيغة اللبنانية ليتجاوز عدد المتظاهرين امس مجموع من شاركوا في التظاهرتين السابقتين اللتين شهدتهما بيروت في 27 من شباط الفائت والسادس من آذار الجاري، وبدا مشهد التظاهرة الحاشدة مميزاً اذ اختيرت ساحة ساسين نقطة انطلاق ووزارة الداخلية والبلديات مكاناً لتجمع المشاركين واعلاناً لانتهاء التظاهرة الثالثة في سلسلة تحركات "حملة اسقاط النظام الطائفي" مع تعليق البعض آمالهم على مشاركة تضامنية رمزية لوزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال زياد بارود لكن الآمال تلاشت فكان التوجه برفع وتيرة الهتافات المنددة بالنظام الطائفي ورموزه وقد تخلل التحرك إشكال بدأ في الاشرفية عندما رفع أحد المتظاهرين لافتة تدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الرحيل.

وكان آلاف المواطنين قد احتشدوا في ساحة ساسين في الاشرفية منذ منتصف نهار امس ، ورصوا صفوفهم للانطلاق في تظاهرة حاشدة لـ"اسقاط النظام الطائفي في لبنان" و"بناء وطن علماني مقاوم من اجل الخبز والعلم والحرية" و"لا للطائفية ". وجابت التظاهرة الاشرفية وصولاً الى الصنائع مروراً بمناطق رأس النبع والخندق الغميق والبسطة والضناوي. وعلى غرار التظاهرتين السابقتين لم يظهر "قادة " للتظاهرة حيث توزع القياديون الحزبيون بين المشاركين ومعهم الوزير عدنان السيد حسين والوزير السابق عصام نعمان مع مشاركة قيادة الحزب الشيوعي اللبناني والقيادي في "التيار الوطني الحر" بسام الهاشم والمسؤول الاعلامي لمكتب الرئيس بري علي حمدان.
وكان لافتاً مشاركة عدد من علماء الدين من الطائفتين الشيعية والسنية منهم الشيخ علي الصياد والسيد حسن رضا وكذلك شارك إعلاميون من تلفزيون "المستقبل" اضافة الى شخصيات نقابية وفنية وثقافية وجمعيات عدة منها "امهات لا عنفيات" ورفعت بعض النسوة لافتة ضخمة تعهدت فيها الامهات ان "لا يربين اولادهن على الطائفية والعنف".
المشاركون في التظاهرة الثالثة لـ"اسقاط النظام الطائفي" كانوا من مختلف الاعمار ولفتت مشاركة عائلات بجميع افرادها وعمدت عدد من الامهات الى رفع لافتات على عربات الاطفال.
اما رجال الدين الذين ارتفع عددهم الى 6 مشايخ من الشيعة والسنة فلم يكونوا محرجين في المطالبة بدولة غير طائفية. وحسب السيد رضا انه "يجب اعطاء المواطنين الحقوق المدنية كاملة وان كان رجل الدين الشيعي لديه بعض التحفظات عن بعض المطالب التي يرفعها المتظاهرون.
اما الحزبيون وان كانت مشاركتهم من ضمن "حملة اسقاط النظام الطائفي" وليست تعبيراً عن هويتهم السياسية فان بعضهم كشف عن مشاركة عدد غير قليل من قطاع الطلاب والشباب في تنظيمه حسب ما صرح حمدان القيادي في حركة "أمل".
"14 و 8 مصّوا دم اللبناني"
هتف المتظاهرون ضد النظام الطائفي لاكثر من ساعتين لكنهم وزعوا هتافاتهم في اكثر من اتجاه وردد بعضهم "14 و 8 مصوا دم اللبناني" في اشارة الى قوى 8 آذار و14 آذار، فيما هتف آخرون "ثورة ثورة وين ما كان إجا دورك يا لبنان"، "ثورة ثورة ضد الفساد" و"صوت الشعب سيسقط النظام" و"70 مليار يا شعبي"، في اشارة الى حجم الدين العام. وفي سياق متصل رفع احد المتظاهرين لافتة كتب فيها "70 مليار دولار السرقة القصوى". ولوحظ ان المشاركين في التظاهرة تقاطروا من مناطق لبنانية عدة منها الجنوب وعكار وعاليه والهرمل وانتظم الناشطون في "حملة اسقاط النظام" خلف لافتات ضخمة حملت كل منها اسم المنطقة التي حضروا منها وكتب في بعضها "الشعب يريد اسقاط النظام – خيمة عاليه"، "انت مسلم او مسيحي، انا على الحديدة – خيمة صور" اما الآتون من الهرمل فأحضروا معهم الطبلة وراحوا يرقصون على وقعها ويهتفون ضد النظام.
"الفروج الطائفي"لم تخل التظاهرة من بعض الوقائع الطريفة اذ رفع بعض المشاركين لافتاتهم الخاصة ومنها "انا اكلت فروج اليوم بس ما سألتو شو طايفتو"، وكتب شاب على قميصه "يا حياتي بس يصير معنا فلوس منعمل عريس وعروس"، ورفعت سيدة رغيف خبز كتبت عليه "ما إلو طايفة ، والجوع كافر وصعب"، ووضع شاب على وجهه قناعا يمثل مصاصي الدماء وكتبت سيدة خمسينية لافتة كبيرة فيها "مبلا الدفاع عن الوطن عمل شريف".
وبين الحشد الذي واكبته قوى الامن رفعت لافتات كتب فيها "لبنانية علمانية ضد رموز الطائفية"، و"ما بدي غير وطني بدي غير النظام".
كما رفعت شعارات اخرى منها "وطن لا مزرعة"، و"يا نواب الطائفية استقيلوا"، و"من اجل قانون مدني للاحوال الشخصية".
وحمل شاب صورة ضخمة عليها طبق وشوكة وسكين، وقد كتب في الطبق "حروب تسلط تمييز فساد ديون، مع السؤال: بدك طائفية بعد؟ وجواب: شكرا شبعت"، وكان لافتاً ان عدداً لا بأس به من المواطنين عمد الى نثر الارز من الشرفات على المتظاهرين وخصوصاً في كركول الدروز وطلعة الحص.
إشكال عابر
ولم يعكر صفو التظاهرة سوى إشكال بدأ حين أصر بعض الشبان على رفع صورة ضخمة للرؤساء امين الجميل و نبيه بري وسعد الحريري والنواب العماد ميشال عون ومحمد رعد ووليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع مما اثار بلبلة بين هؤلاء والمنظمين علما ان إشكالاً وقع بينهم في الاشرفية على خلفية اصرار عدد من الشبان أيضاً، تردّد أنهم من "حركة الشعب" التي يرئسها النائب السابق نجاح واكيم، على رفع لافتة تهكمية تستنكر استمرار الرئيس بري في السلطة 22 عاماً "22 عاماً يا استاذ بكفي" وتطور الاشكال الى تضارب بين اعضاء لجنة تنظيم التظاهرة ومناصري "حركة الشعب"، ولم تنفع تدخلات نائب رئيس الحركة ابرهيم الحلبي بمعاونة المهندس رياض الاسعد في منع الشبان من رفع اللافتة مما دفع المنظمين الى عزل هؤلاء عن التظاهرة. ولاحقاً عاد الشبان المشاكسون الى التظاهرة "بعد تبويس اللحى".
وعملت عناصر من قوى الامن الداخلي على تأمين سير التظاهرة وواكبت وحدات منها التظاهرة حيث لم تسمع الهتافات الحزبية ولم يرفع خلالها الا العلم اللبناني. وختاماً انشد المتظاهرون النشيد اللبناني امام وزارة الداخلية.
ويأمل الناشطون في "حملة اسقاط النظام الطائفي في لبنان" ان ترتفع اعداد المشاركين في التحركات المقبلة على قاعدة "المسيرات المتدحرجة".
أحزاب النبطية مع اسقاط النظام الطائفي
وفي نفس السياق، عقدت "القوى والأحزاب الوطنية" في النبطية اجتماعها الدوري في حضور ممثلين عن حزب البعث وحزب "طليعة لبنان العربي الاشتراكي" والحزب "الديموقراطي الشعبي" والحزب السوري القومي الاجتماعي والحزب الشيوعي والحزب العربي الديموقراطي في مقر الحزب القومي في المدينة. وناقش المجتمعون آخر التطورات اللبنانية، وقالوا في بيان: "نستنكر أشد الاستنكار الحملة المشبوهة على سلاح المقاومة فضلاً عن ادانتنا الخطاب السياسي المتوتر الذي ساهم في تحقيق الاصطفاف المذهبي والطائفي خدمة للمشروع الأميركي – الصهيوني".
وأيد المشاركون "شعار اسقاط النظام الطائفي على أمل تحقيق أوسع مشاركة شعبية في هذه التحركات".
ودعوا الى التعجيل في تأليف الحكومة للاضطلاع بدورها في معالجة الأزمات المعيشية والحياتية المتفاقمة".

السابق
آن أوان الورد في لبنان
التالي
عندما يصبح السلاح محكمة