ملف رئاسة الجمهورية (1): سمير جعجع.. المرشّح المرعب

سمير جعجع
تبدأ "جنوبية" اليوم بنشر ملفا عن رئاسة الجمهورية، يستعرض أبرز المرشّحين إلى كرسي الرئاسة في بعبدا. من أكثرهم جدّية إلى أكثرهم مزاحا، وما بينهما من احتمالات جدّية وحظوظ قويّة وأسماء تتكرّر باستمرار. ونبدأ اليوم بالمرشّح المرعب، رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع. فمن هو؟ في الشخصي وفي السياسة وفي التحالفات والإقليم والعالم؟

لم يكن سمير جعجع “الحكيم” قائد المليشيا الوحيد في لبنان. لكنّه أمير الحرب الوحيد الذي حوكم، وبنظر أنصاره فإنّ مظلوميته نشأت جراء هذا الإستثناء.

معارك حركة “أمل” في الحرب الأهلية – كحرب المخيمات والسيطرة على بيروت، لم تمنع زعيمها نبيه بري من رئاسة مجلس النواب. معارك الحزب التقدمي الاشتراكي في الحرب الأهلية – كحرب الجبل وحرب العلمين في بيروت أيضا، لم تمنع قائده وليد جنبلاط من الزعامة والتوزير. وهذا ما يسري أيضا على ميشال عون الذي امر بخوض “معركة توحيد البندقيّة او الإلغاء” ضد القوات اللبنانية. فضرب المناطق المسيحيّة، وأمر بـ”معركة التحرير” وبقصف المناطق المدنيه في بيروت الغربية بالمدفعية عام 1989 موقعا آلاف القتلى والجرحى من المدنيين، فلم يمنعه ذلك من العودة الى لبنان وخوضه المعترك السياسي من جديد بعد اغتيال الرئيس الحريري عام 2005 .

بحسب مناصريه، يستهدف جعجع دون غيره لموقفه من الوصاية السورية. فقد قامت سلطات الوصاية بشيطنته لمصلحة تبرئة سلفه في قيادة القوات، إيلي حبيقة، وقمع أي مناهض لها. كما أنّ بعض أمراء الحرب يساهمون في شيطنة جعجع كنوع من تبرئة الذات.

وفي تصريح له لمحطة “العربية” منذ أيام أكد سمير جعجع انه “رئيس الحزب الاكثر تمثيلا لدى المسيحيين” وبالتالي فهو “المرشح الطبيعي للرئاسة اللبنانية” اما كإعلان “رسمي ننتظر اللحظة المؤاتية”.

وعن مواصفات الرئيس المقبل يضيف جعجع: “البعض يُطالب برئيس قوي للبنان، فمن المهم الاتيان برئيس قوي للجمهورية ولكن الأهم أن يكون رئيساً يملكُ تصوراً واضحاً للبلد، اذ أنّ الرئيس القوي ليس بعضلاته إنما في كيفية تصرفه ومعالجته ومقاربته للأمور كافة، دون أن يكون له ارتباطات وتحالفات تمنعه من بناء وطنه كما يجب أو على حساب بناء الدولة”.
وأكّد أن “المواضيع الحساسة لا تحتمل تدوير الزوايا، وخصوصاً تلك المتعلقة بالسيادة وحدود لبنان ومحاربة عصابات الخطف ونزع السلاح من خارج الدولة”.

ولد سمير جعجع في 25 تشرين الثاني عام 1952 في عين الرمانة لعائلة مارونية متدينة وفقيرة نزحت من مدينة بشري الشمالية. هو ابن فريد يوسف جعجع، الذي كان عازفا في فرقة موسيقى الجيش اللبناني. وابن ماري حبيب جعجع. أي أنّه جعجعي بشرّاويّ من الميلين. وله شقيقان هما نهاد جعجع وجوزف جعجع.

درس في مأوى العجزة الماروني ثم في مدرسة مجانية لاولاد الفقراء بفرن الشباك بعد النزوح الى بيروت بسبب الفقر. وبعدها في تكميلية مخايل داغر في عين الرمانة، وبعدها في ثانوية سعيد، حيث انتسب الى خلية طلاب الكتائب في 1969 وبدأ تدريبات عسكرية.

دخل كلية الطب في الجامعة الاميركية عام 1972، وبعد اندلاع حرب 1975 تابع السنتين الخامسة والسادسة في جامعة القديس يوسف، ولم يتخرّج إلى اليوم، لكنّه يُنادى “الحكيم” تحبّبا وتقديرا لأنّه ترك دراسته من أجل “الدفاع عن المسيحيين”.

قاتل في الحرب الاهلية وعين على رأس القوات الكتائبية في بشري. وقاد معركة الكورة في 8/7/1976. وأسس ثكنة ددّه قرب اميون. وفي1978 إلى 1979 أسّس ثكنة في دير القطارة قرب بلدة ميفوق هو وحفنة من كتائبيي الشمال. ليقود بعدها جبهة الشمال في القوات اللبنانية بين 1979 1984. وبعدها قاد معركة قنات في 12 شباط 1980 ضد القوات السورية التي دمرت القرية، فانسحب الى خط الدفاع الاول على حدود منطقة البترون بعدما كبّد القوات السورية خسائر فادحة. ورسميا صار قائدا للجيل في 16 كانون الثاني 1983 بعد تدهور وضع المسيحيين هناك، وقاد المعركة ضد الحزب الاشتراكي المدعوم من سوريا والقوات الفلسطينية، وانهزم الى دير القمر ثم انسحب منها بعد 98 يوما من حصارها. ونجح في تدويل الاعتراض على الحصار وفكّه عنها وسحب مقاتليه والمدنيين من غير أهلها ودخلها الدرك اللبناني.

في 12 آذار 1985 قاد بالاشتراك مع ايلي حبيقة وكريم بقرادوني انتفاضة أدّت الى السيطرة على الوضع السياسي المسيحي بدون اي اهراق للدم.

وشارك في الهيئة التنفيذية بعد الانتفاضة وتولى رئاسة هيئة الاركان العامة، فيما بقي حبيقة رئيسا لجهاز الامن وكريم بقرادوني رئيسا للدائرة الاعلامية.

وفي 9 ايار 1985 قام حبيقة بانقلاب ابيض تمهيدا للسيطرة على الارض وامرار الاتفاق الثلاثي برعاية سورية.

في 15 كانون الثاني 1986 قاد سمير جعجع انتفاضة عسكرية ادت الى اسقاط الاتفاق وخروج حبيقة من المناطق الشرقية بحيث اصبح سمير جعجع قائدا للقوات اللبنانية ولا يزال.

وفي 31 كانون الثاني 1990 واجه الجنرال عون في حرب الغائه لـ”القوات اللبنانية”.

وتزوّج في 19 كانون الاول 1990 من الآنسة ستريدا طوق. وفي 1991 عين وزيراً في حكومة عمر كرامي ورفض المنصب فانتدب روجيه ديب عن القوات. وفي 1992 عيّن للمرة الثانية وزيرا في حكومة رشيد الصلح فاستقال بسبب الخلل الفاضح في تطبيق وثيقة الوفاق الوطني.

وفي 1992ـ 1994، بدأت الدولة حملة مضايقات وملاحقات ضد القوات اللبنانية، وعلى الرغم من كل هذا، نجح في البدء بتحويل القوات اللبنانية إلى حزب سياسي فاعل ومؤثر. ثم اتُّهِمَ بمؤامرة تفجير كنيسة سيدة النجاة تمهيدا لحلّ حزب “القوات اللبنانية” وفتحت محاكمات في حقه. حُكِمَ عليه بالسجن المؤبد في قضية اغتيال داني شمعون رغم وجود دلائل كثيرة ظهرت اثناء المحاكمات تثبت العكس.

وحصل على البراءة في قضية تفجير كنيسة سيدة النجاة وألصقت التهمة بالغائبين من عناصر القوات زور. وحُكِمَ عليه بالسجن المؤبد في قضية مقتل الياس الزايك رغم وجود اثباتات تؤكد العكس وكذلك شمولها بقانون العفو. وحُكِمَ عليه بالسجن المؤبد في قضية محاولة اغتيال الوزير ميشال المر. وحُكِمَ عليه بالسجن المؤبد في قضية اغتيال الرئيس رشيد كرامي. لكن أُطلِقَ سراحه في 25 أغسطس 2005، بعد ما يربو على عشر سنوات من اعتقاله. واعتذر لاحقا عما اقترفه خلال الحرب الأهلية، داعيا الآخرين الى الاعتذار، لكنّ أحدا لم يجارِهِ.

تضم كتلة القوات اللبنانية حاليا 8 نواب في المجلس النيابي الحالي وهم: ستريدا جعجع عن قضاء بشري. جورج عدوان عن قضاء الشوف. إيلي كيروز عن قضاء بشري. أنطوان زهرا عن قضاء البترون. فادي كرم عن قضاء الكورة. أنطوان أبو خاطر عن قضاء زحلة. جوزيف المعلوف عن قضاء زحلة. شانت جنجنيان عن قضاء زحلة.

يُعتبر حاليا “الناطق باسم جماهير 14 آذار”. بعدما خذل هذه الجماهير كلّ من الرئيس سعد الحريري والرئيس أمين الجميّل بجلوسهما الى طاولة الحكومة مع حزب الله. ويُعتبر الوحيد الباقي على “أحلام” هذا الجمهور بعدما هجره ميشال عون ووليد جنبلاط في فترات سابقة. وهو مرشّح “مرعب” بالنسبة إلى قوى 8 آذار، وبالنسبة إلى آل الجميّل وإلى مسيحيي 14 آذار. ما يجعله غير مرغوب به محليا أو إقليميا أو دوليا. لكنّه يصرّ على العكس.. وسيترشّح للمرة الأولى في تاريخه.

السابق
مع الدولة ضد المؤسسات
التالي
درباس: المرحلة خطيرة وتستوجب من الجميع اليقظة والانتباه