ميثاقية الطوائف

يعود أصل الميثاق الوطني الى تبني كل من الرئيس بشارة الخوري و رئيس الوزراء رياض الصلح لأفكار فئة صغير من المثقفين اللبنانيبن،  ترتكز على رفضين قام عليهما الكيان اللبناني، رفض الحماية الأجنبية (الفرنسية) ورفض اعتبار لبنان جزء من سوريا، وانطلاقا من هنا كان لا بدّ من تبادل الضمانات بين جناحي الكيان، فسلم المسلمون بنهائية الكيان اللبناني مستقلا عن محيطه العربي، وسلم المسيحيون بحق الطرف الاخر في المشاركة بالحكم.

وهكذا أصبحت الميثاقية تعني بشكل أو بآخر حق الطائفتين في المشاركة في اتخاذ القرارات، ولاسيما الاساسية منها، وقد أعيد تكريس هذا الحق في اتفاق الطائف حيث نصت الفقرة “ي” من مقدمة دستور 1990 أن “لاشرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك”، أي لا دستورية ولا قانونية لأي قرار لا يقبل به أحد جناحي لبنان.

وأعيد الحديث عن الميثاقية في العام 2007 على اثر استقالة الوزراء الشيعة من حكومة الرئيس السنيورة، فاعتبر جزء من اللبنانيين أن هذه الحكومة فقدت ميثاقيتها، وبالتالي لا شرعية لقراراتها. وهنا نرى أن الميثاق الوطني أعطى “حق الفيتو” للطوائف باعتبارها فريقا متجانسا، وهذا ما لا يصح ايضا في اعتبار البعض ان مقاطعة المذهب السني للانتخابات (تيار المستقبل) يسقط صفة الميثاقية عنها، ولو أردنا السير بهذا المنطق لكان بإمكان نائبا الطائفة العلوية إسقاط الميثاقية عن أي جلسة تشريعة بعدم حضورهما.

واليوم يتكرر الحديث عن الميثاقية في مناسبتين، جلسة التمديد للمجلس النيابي و جلسة انتخاب رئيس الجمهورية. وهنا نود طرح بعض الاسئلة القابلة للنقاش: من هي الجهة المسؤولة عن التحقق من اضفاء الميثاقية على اي قرار؟ وما هي معايير هذه الميثاقية؟ وكيف يمكن تحقيق الميثاقية في ظل قانون انتخابي غير متكافئ بين الطوائف؟

في محاولة للإجابة عن هذه الاشكاليات،  نرى أن مجلس النواب مجتمعا له الحق الدستوري في البت بمدى ملائمة أي قرار للناحية الميثاقية. وذلك باعتبار أن الميثاقية هي جزء اساسي من الدستور (الفقرة ي)، وبما أنه يعود حق تفسير الدستور للمجلس النيابي فالتالي هذا الحق يسري ايضا على التحقق من الميثاقية. وتجدر الاشارة من باب الاصلاحات الدستورية الى أهمية إعطاء حق تفسير الدستور للمجلس الدستوري كما هو حال الأنظمة الديمقراطية، لأن الاختلاف حول تفسير المواد الدستورية يقع بين الكتل النيابية، وهذا ما يؤدي الى عجز المجلس النيابي في معظم الحالات من القيام بمهمة تفسير الدستور، فإذا كانت الكتل النيابية متفقة على تفسير موحد لمادة معينة لا يوجد حاجة لاعادة تفسيرها.

أما بالنسبة لمعايير الميثاقية، فالمعيار المعتمد هو حضور أكثر من نصف عدد أعضاء نواب الطائفة، هذا يصح اذا كنا أمام قانون انتخابي يمثل الطوائف بطريقة عادلة و حقيقية، لكننا أمام قانون غير متكافىء بين الطوائف، وهنا نقطرح أن يتم الاستفتاء الشعبي لكل طائفة على حدة كحل مرحلي، بانتظار تطبيق المادة 24 من الدستور بانتخاب أول مجلس نيابي خارج القيد الطائفي.

السابق
سلام عرض مع فرعون اوضاع وزارته واستقبل طلال المرعبي وجواد بولس
التالي
احمد الحريري: انتخاب رئيس جديد في أسرع وقت يحيد لبنان عن النار المشتعلة حولنا