هل يصبح «الإخوان» ضحية التفاهم الخليجي؟

أثار التفاهم الخليجي الذي خرجت به قمة الرياض يوم الاحد الماضي، وما تلاها من انفتاح مصري على دعوة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز لتسوية الخلاف بين القاهرة والدوحة، تساؤلات حوال مستقبل جماعة «الإخوان المسلمين».

ومعروف ان قطر لعبت دور المساند الأول والأقوى لـ»الإخوان المسلمين»، سواء من خلال الدعم المالي والسياسي الذي وفّرته لحكم الرئيس المعزول محمد مرسي، او من خلال الموقف الذي أعقب سقوط النظام الإسلامي بعد «ثورة 30 يونيو»، حيث رفضت الدوحة إطاحة مرسي، واعتبرت أن ما حدث في الثالث من تموز العام 2013 انقلاب عسكري، وفتحت ابوابها لاستقبال قياديي «الإخوان» الملاحقين، ووفرت لهم المنصة الإعلامية، فضلاً عن سحبها للدعم الاقتصادي الذي سبق ان قدّمته لمصر قبل سقوط نظام «الإخوان».
كل ذلك أدى إلى تدهور شديد في العلاقات المصرية – القطرية، تجاوز الحملات الإعلامية، ووصل إلى سحب السفير المصري من قطر.
ولا تقتصر اهمية المساندة القطرية لـ»الاخوان» على الحجم، بل تكمن في ان قطر تعد البلد العربي الوحيد الذي يساند الجماعة المحظورة، وبالتالي فإن خسارة «الإخوان» لهذه المساندة جراء التقارب بين القاهرة والدوحة تعني تعميق عزلتهم، وزيادة التضييق عليهم.
لكن، يوجد احتمال آخر لا يناقض الاحتمال الاول تماماً، وان كان مختلفاً عنه، فالأزمة في العلاقات المصرية القطرية، ادت عملياً إلى غياب أي طرف قادر على القيام بوساطة بين «الإخوان المسلمين» والدولة المصرية، خصوصاً أن العلاقات مع تركيا، الراعي الإقليمي الثاني لـ»الإخوان»، باتت أكثر تأزماً، في حين ان باقي دول الخليج والدول العربية الاخرى محملة بنفس المخاوف المصرية من الجماعة وفروعها المحلية.
وبالتالي فإن تحسّن العلاقات المصرية – القطرية يعني بالضرورة التضييق على «الإخوان» في قطر، لكنه قد يوفر في المقابل فرصة ايجاد وسيط اقليمي للتفاهم بين الجماعة والدولة المصرية يجعل احتمال الوصول لأي اتفاق في المستقبل ممكناً.
ولا يخرج توقيف القيادي «الإخواني» محمد بشر، يوم امس، عن هذين الاحتمالين، فربما يكون الهدف منه ايصال رسالة مفادها ان المصالحة القطرية – المصرية ستشكل بالنسبة إلى الدولة المصرية فرصة اضافية للتضييق على «الإخوان»، وربما يكون التوقيف مقدمة لتسوية سياسية.
ويعلق أستاذ العلوم السياسة في جامعة القاهرة حسن نافعة على الأمر قائلاً لـ»السفير» إن «التقارب لم يكتمل بعد، إذ ما زال هناك شهر أمام القمة الخليجية المقبلة، وخلال هذا الشهر يتوجب على قطر إثبات حسن نياتها».
ويضيف «هل سيعني التقارب قطع كافة العلاقات مع الإخوان وإعلانها جماعة إرهابية مثلا كما فعلت الإمارات. لا نعرف بالضبط حدود ما ستقدمه قطر. كما أن الجانب المصري سيقوم بخطوات بكل تأكيد».
ويتابع نافعة «إذا وصلت العلاقات بين مصر وقطر لدرجة جيدة من التفاهم يمكن أن يتحول دور الدوحة من خصم إلى وسيط، ولكن هذا سيتطلب وقتا بكل تأكيد، كما أنه يتطلب رؤية لدى القيادة السياسية المصرية للوصول لتفاهمات وتقديم تنازلات».
اللافت أنه في فجر اليوم التالي لإصدار الرئاسة المصرية بيان الترحيب بالمناشدة السعودية لمصر لدعم اتفاق الرياض، تم إلقاء القبض على محمد علي بشر، وهو احدى أبرز القيادات «الإخوانية» خارج السجن، وكان مرشحا دائماً للعب دور الوسيط في أي مفاوضات بين الجماعة والدولة، ما يثير الشكوك حول أي احتمالات تفاهم.
لكن حسن نافعة يرد على ذلك قائلا إن «اعتقال الدكتور بشر أمر مؤسف بالطبع، لكن أظن أنه اعتقال تحفظي، تحسباً لتظاهرات (الإسلاميين) في 28 تشرين الثاني، ولا أعتقد أن له أي علاقة بما يجري في العلاقات المصرية القطرية».
وإذا كان هناك احتمال لإجراء أي تفاهمات مستقبلا بوساطة قطرية، فالمؤكد ان «الإخوان» ستقع أولا تحت ضغط كبير نتيجة التقارب المصري – القطري، وستفقد ولو جزءا من المساندة التي كانت تجدها.
هذا ما يؤكده أستاذ السياسة في جامعة القاهرة مصطفى كامل السيد في حديثه إلى «السفير»، قائلاً «في المستقبل القريب لا أعتقد أن التقارب المصري القطري سيؤدي إلى تغيير في الموقف من الإخوان».
ويضيف «أعتقد أن التغيير سيتسغرق وقتاً داخل الجماعة نفسها، وقد تشجع التطورات الجارية أطرافاً داخل الجماعة على التفاهم والوصول إلى اتفاق، وقد ترفض أطراف أخرى، ما يعني احتمال حدوث انقسامات في الجماعة نفسها في المدى المتوسط».
ويتابع السيد «الأمر أيضا يتوقف على سلوك قطر في الفترة المقبلة، ذلك أن دوائر صنع القرار في قطر متعددة، وما يبرمه طرف من اتفاقات قد ينسفه طرف آخر. لكن المؤكد أن تباعداً سيحدث بين قطر والإخوان، وعلى الأقل ستتوقف الدوحة عن المساندة العلنية للجماعة، وهو ما يعني أن النتائج في المرحلة الأولى ستكون سلبية على الجماعة، وقد يستمر التأثير السلبي لصعوبة تراجع قطر عما التزمت به أمام دول الخليج، لأن تأثير الإخوان ليس فقط في مصر ولكن في دول الخليج أيضاً».
أما احتمال قيام قطر بدور الوسيط فلن يكون قريباً، بحسب السيد، «وقد يشير اعتقال الدكتور محمد علي بشر إلى أن وقت التفاهم والتسوية لم يحن بعد».
خسارة «الإخوان» من التقارب المصري – القطري تبدو مؤكدة، وإن على المدى القريب، وحتى على المدى البعيد، فستكون التسوية رهناً بتوازنات جديدة، لن تكون بالتأكيد في مصلحة «الإخوان المسلمين».

السابق
إقفال المسلخ التابع لاتحاد بلديات الفيحاء في طرابلس
التالي
«المستقبل» يخفف «الخسائر» بلقاء «حزب الله»