المفاوضات النووية: ساعات مصيرية ستقرر.. مصير إيران

ساعات قليلة تفصلنا عن انتهاء المهلة المحددة للتوصل الى اتفاق نووي نهائي بين إيران وبين مجموعة الخمسة زائد واحد، كما تفصلنا عن فرصة التوصل الى ذاك الاتفاق المنشود في الربع ساعة الاخير. فهل تحدث المفاجأة في عطلة نهاية الاسبوع وتتكلل المفاوضات الماراتونية بالنجاح؟ أم تصطدم بتعنت يُعلن معه الفشل؟

الاحتمالان واردان بالطبع. لكن نظرة سريعة على تاريخ تلك المفاوضات، والنقاط العالقة عندها، تشي بأن احتمالا ثالثا ما بين الاثنين، وارد. لماذا؟ لأن الطرفين الأقوى في المعادلة،الأميركي والايراني، يريدان فعلا التوصل الى حل، ولو كانت دونه عقبات في الوقت الحالي. علما أن لكل طرف حساباته المختلفة.

أوباما يريد أن ينجح حيث فشل قبله كلينتون وبوش. سيد البيت الابيض، يريد أن يضع على صدره قبل انتهاء ولاية حكمه الثانية، نيشان التوصل الى اتفاق تاريخي مع إيران، يرتقي الى مصاف ما قام به نيكسون وكيسينجر في الصين. أما خامنئي، فيريد اتفاقا يرفع العقوبات الاقتصادية الغربية، ويزيل عن كاهل بلاده أزمة اقتصادية خانقة. ولا بد أن يحفظ لربع قرن من حكمه ماء الوجه، عبر اعتراف رسمي بقدرة ايران النووية، والتسليم بها كأمر واقع.

بناء على ذلك، يصبح الفشل احتمالا غير مرغوب فيه، وتجنبه أمر ضروري تقتضيه مصلحة الطرفين. لكن النجاح في المقابل، أمر قد يكون مستبعدا في ظل التباعد في المواقف من مختلف التفاصيل. بداية من نسبة التخصيب، مرورا بعدد أجهزة الطردالمركزي وعمليات التفتيش، وصولا الى مصير مفاعلي آراك وفوردو. فما العمل إذا، وسيف سيطرة الجمهوريين على الكونغرس الأميركي مصلتاًعلى أي تنازل قد يقدمه أوباما، فيما عين الصقر الايراني المحافظ تتربص آداء الوفد المفاوض؟

المنطق يقول أن هذا يفترض أن يسقط أي تطور دراماتيكي إنهيارا كان أم نجاحا نهائيا، وبالتالي وأن تتمخض قرائح المفاوضين،عن إتفاق إطار جديد يوسع الاتفاق المؤقت ويمدد المهل. وهذا سيسمح بنوع من”الستاتيكو”، يتيح التعاون في ملفات أخرى مثل مواجهة “تنظيم الدولة الاسلامية”. وعلى رغم أن هذا الشكل من الحل المؤقت ( اذا ما رأى النور) ليس مثاليا بالنسبة إلى الطرفين، الا انه قد يسهل تسويقه أمام الرأي العام في إيران والولايات المتحدة. فالجمهور الايراني سيفتخر بعدم تفريطه بالبرنامج النووي، وبحصوله على رفع محتمل لحفنة جديدة من العقوبات. والجمهور الاميركي سيتبجح بتجميد العمل في الكثير عناصر ذاك البرنامج، من دون الاضطرار الى القيام بعمل عسكري، مع استمرار فرض العقوبات على النظام الايراني في غير مجال.

لوهلة، قد يتبادر الى الأذهان أن في”الستاتيكو” أو الحفاظ على الوضع الراهن، مصلحة لإيران وسياستها القائمة كما هو معروف على “لعبة كسب الوقت”. إلا أن نظرة أبعد الى واقع الحال، تكشف أن الوقت قد لا يكون في صالح “اللاعب الايراني” هذه المرة. فهو مشغول في أبعد من مجرد “حياكة السجاد”. إنه يسبح في مستنقع من المواجهات يستنزفه، اقتصاديا بالدرجة الأولى، من سوريا الى اليمن. من دون إغفال التحديات الاقتصادية الداخلية، وتعاظم أثرها مع استمرار العقوبات الغربية. والأهم من ذاك كله، “سلاح تخفيض سعر النفط”، والذي قيل انه يستهدف بالدرجة الأولى روسيا، ثم إيران. وعلى ما يبدو، فقد بدأت فعاليته تظهر للعنان، مع الاستعانة ايرانيا “بالصندوق السيادي” مؤخرا، في ظل الحديث عن رفع جديد لضرائب الدخل.

إذن، قد تكون “الانامل الأوبامية” نفسها التي خطّت رسائل لخامنئي وهي تضع قفازات حريرية، تدفع بلطف النظام في إيران الى زواية أُريد له أن يُحشر فيها.

على أي حال، خلال ساعات سيبان الخيط الأبيض من الأسود، وحينها سيتضح ما إذا كان النظام الإيراني مستعد للتحوّل من صين ماوتسي تونغ إلى صين دنغ هسياو بينغ، أو أنه قرر الانتحار الاقتصادي والاستراتيجي على طريقة الاتحاد السوفييتي السابق.

http://joumananammour.com/?p=633

السابق
بالصورة طفل بثمانية أطراف يُعبد كالآلهة في الهند
التالي
نوكيا تعود من جديد.. بمفاجأة من العيار الثقيل