أنقرة تعود إلى التقارب مع بغداد من بوابة الأمن

تركيا رجب طيب اردوغان التي ساهمت في اضعاف سلطة بغداد، تارة باللعب على وتر الخلافات العراقية الداخلية، والورقة المذهبية، وتارة باستغلال التناقضات الكردية وتوتر علاقات اربيل مع الحكم المركزي، اختارت ان تعود الى التفاوض مع حكومة حيدر العبادي من بوابة «التعاون الامني» والحديث عن «مثال تعاون اقتصادي يحتذى به في العالم».

ويبدو أن توسّع تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» – «داعش»، وما تبعه من إنشاء «تحالف دولي» لمواجهته من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، فرضا على العراق وحكومته الجديدة كما على الدول المحيطة به سياسة تواصل اكبر ترتكز على الجوانب الأمنية والاستخباراتية. وبدا التباين مجددا بين بغداد وأنقرة في ما يتعلق بالازمة السورية وكيفية تسويتها.
وبعد السعودية، التي زارها رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري، أمس الأول، مستخلصاً من نتيجة لقاءاته ضرورة «التعاون الأمني» في «مكافحة الإرهاب» ودعم العشائر، والتي سبقه اليها الرئيس العراقي فؤاد معصوم، وصل رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إلى بغداد، أمس، مصطحباً معه رئيس استخباراته حقان فيدان، ليعلن من هناك ان بلاده لم تقدم تسهيلات للارهابيين.
والتقى داود أوغلو في بغداد خلال زيارته التي تستمر يومين ومن المفترض أن تشمل إقليم كردستان، رئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي، حيث أعلن الأخير في مؤتمر صحافي مشترك مع داود أوغلو أن «الطرفين ناقشا الملف الاقتصادي والعلاقات بين البلدين والتهديد الأمني للعراق والمنطقة»، موضحاً أنه تم عقد «اتفاق جوهري ينص على تبادل المعلومات بين البلدين والتعاون الأمني الكامل»، وأضاف أن داود أوغلو «عرض التعاون العسكري في مواجهة داعش وعدّ تهديد التنظيم ليس للعراق والمنطقة فقط، بل هو تهديد لتركيا».

وفي إشارة إلى الشأن السوري بشكل مباشر أكد العبادي أن القضية السورية «يجب حلها سياسيا» ووضع حد «لهذه المأساة في دولة تستوعب جميع أبناء الشعب السوري»، مؤكداً أن تركيا والعراق يواجهان «خطراً إرهابياً آتياً من أراضي الجارة سوريا ودفعا ثمناً باهظاً نتيجة هذا التهديد».

وتناولت مباحثات العبادي مع داود أوغلو ملفات التجارة والاقتصاد والملف النفطي. وفي الملفين الأمني والعسكري رحب العبادي باعتبار داود أوغلو لـ»داعش» والإرهاب خطراً على تركيا و»استعداد تركيا لمحاربة داعش بشكل خاص والإرهاب بشكل عام»، موضحاً أن تركيا «عرضت مساعدات تركية عسكرية ستناقش في وفود لاحقة».

وعقد الجانبان التركي والعراقي جلسة مباحثات مشتركة بحضور أعضاء الوفدين، حيث تم الاتفاق على «ضرورة تفعيل عمل مجلس التعاون الاستراتيجي عالي المستوى»، بحسب بيان صدر عن مكتب العبادي، حيث أبدى الوفد التركي استعداده لـ»دعم العراق أمنيا واستخباريا وعسكريا».

من جانبه أكد داود أوغلو أن هذه الزيارة ستفتح مسارا جديدا في العلاقات التاريخية بين البلدين وان استقرار العراق هو استقرار لتركيا، وعبر عن جهوزية بلاده «لبذل كل ما بوسعها للتصدي للعمليات الإرهابية التي يتعرض لها العراق وتبادل المعلومات الأمنية والاستخبارية»، كما أشار إلى ضرورة «خلق تجمع اقتصادي مزدوج بين العراق وتركيا، يكون مثالًا يحتذى به في العالم»، وأكد أن «التنظيمات والأطراف التي تشكل تهديدًا للعراق، تعد تهديدًا لتركيا، والموقف التركي واضح حيال مواجهة كافة أشكال الإرهاب، سواء داعش أو حزب العمال الكردستاني».

ولفت داود أوغلو، إلى أن النقاش تناول الشأن السوري، مشدداً على «ضرورة العمل من أجل الوقوف في وجه مخاطر الإرهاب التي تهدد المنطقة بأسرها وليس سوريا والعراق فقط، لكن عندما يتعلق الموضوع بسوريا، فإن أي تطور تشهده يعود تأثيره على العراق وتركيا لكونهما بلدين جارين لسوريا»، معتبراً أن «فراغ القوة هناك يؤثر فينا».

وشدد داود أوغلو على أن أبواب بلاده مفتوحة للراغبين في اللجوء إليها «سواء من أي تهديد إرهابي، أو من نظام يقصف شعبه بصواريخ سكود، ويشن غارات عليه، ويرتكب جرائم حرب»، وأكد أن بلاده «لم تسهل العبور لأية تنظيمات أو مجموعات إرهابية، وأنها كانت من أكثر البلدان التي عانت من الإرهاب».

وكان داود أوغلو قد أكد في تصريحات قبيل توجهه إلى العراق أن «الخطوات التي تتخذ في المجال الأمني في العراق مرتبطة بالخطوات التي تتخذ في نفس المجال في سوريا»، وأشار إلى أنه «سيبحث ذلك خلال الزيارة مع المسؤولين الذين سيلتقيهم»، وأكد أهمية التوصل إلى «رؤية مشتركة» حول تلك المسألة، مضيفا أن «اللقاءات التي يعقدها المسؤولون الأتراك مع نظرائهم من الولايات المتحدة والدول الحليفة الأخرى ودول المنطقة، تشكل أرضية في سبيل التوصل لتلك الرؤية المشتركة في ما يخص الوضع السوري».

ورافق داود أوغلو في زيارته، رئيس جهاز الاستخبارات التركية حقان فيدان، والمستشار في الخارجية التركية فريدون سينيرلي أوغلو، ووزير الداخلية أفكان آلا، ووزير الثقافة والسياحة عمر جليك، ووزير الجمارك والتجارة نور الدين جانكلي، ونائب رئيس «حزب العدالة والتنمية» ياسين أقطاي.

السابق
أنجيلينا جولي تُفضّل الإخراج
التالي
تراجع كبير في حركة المرور الحدودية