خادم الحرمين والوليّ الفقيه بخندق واحد: مرعوبان من الإلحاد

السيد حسن و عبد العزيز
و"ازدهار" الإلحاد، إذا ما صحّ تخوّف "المحور السنيّ" و"المحور الشيعي"، ربّما يكون أجمل تداعيات الحرب المجنونة الدائرة رحاها في سورية، واستطراداً في لبنان، وأساساً في العراق، وتنتشر شظاياها بين اليمن والبحرين ودول أخرى... ففي لبنان نقول إنّ الذي يكون "ضدّ 8 آذار وضدّ 14 آذار" يكون وسطياً ويُحظى باحترام اللبنانيين. فكيف إذا كان هذا "النموذج" يمثّل ما يرعب ولاية الفقيه الإيرانية وقلب الإسلام السنيّ، في وقت واحد؟

ليست صدفة أنّه بفارق أسبوعين فقط خرج الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله  ليخيف الناس من الإلحاد، ثم تبعه الملك عبد الله بن عبد العزيز ليحذّر من الإلحاد أيضا.

ففي 28 تشرين الأوّل الفائت حذّر نصر الله من الإلحاد في خطبة عاشورائية. وأعلن الاستنفار ضدّ “بدايات إلحاد” في المجتمعات العربية: “هناك بدايات، بدايات خطرة وصولاً إلى أن حتّى المؤمنين بالإسلام والمتديّنين بالإسلام يأتي وقت نتيجة هذا التكرار على مدى أشهر وسنين مثلاً ـ يقصف الله أكبر يذبح الله أكبر يعمل عمايل الله أكبر ـ رويدا رويدا تصبح يودون إيصال الناس لمكان عندما يسمع الله أكبر يعني هناك قتل وذبح ومصيبة تحل في الناس في بلاد العرب وفي بلاد المسلمين”.

وفي 16 تشرين الثاني خرج عبد الله ليقول إنّ “السعودية نجحت في مواجهة الفكر الملحد بالتعاون بين الفكر والثقافة والأجهزة الأمنية داعيا العلماء والباحثين لأن يعكفوا على التراث الثقافي للأمة للوقوف على مواطن الخلل ومعالجتها”، وذلك في افتتاح “مؤتمر مكّة الـ15” الذي تنظّمه “رابطة العالم الإسلامي”.

لا يُخفى على أحد أنّ نصر الله هو الناطق الأبرز باسم “الشيعية السياسية” في العالم. فهو الأكثر قدرة على مخاطبة الجماهير، من بيروت إلى سورية والعراق واليمن والبحرين، وحتّى في إيران نفسها. في حين يبدو الوليّ الفقيه، الإمام الخامنئي، على سرير الموت، وبقيّة القيادات الشيعية في الدول العربية تفتقر إلى الكاريزما.

نصر الله إذا ينطق باسم “المحور الشيعي” من المحيط إلى الخليج. هذا المحور الذي يخوض صراعاً توسعيّا في عدد من الدول العربية، ويخوض صراعاً وجوديا على مستوى الكوكب، في مواجهة مع عدد من الدول العربية والإسلامية، أبرزها تركيا والسعودية، ذات الأكثرية السنيّة.

أما الملك عبد الله فهو “خادم الحرمين الشريفين”، وهو الملك السعودي. أي أنّه تقاطع تاريخي – جغرافي وفي الوقت نفسه ديني – سياسي، على رأس السلطة الدينية المتمثّلة في مكّة المكرّمة، حيث قبلة المسلمين في العالم، وهو حاكم الدولة المسلمة الأقوى، من حيث النفط ومن حيث المال ومن حيث الدور في الشرق الأوسط. وهو أيضاً وأيضاً الرجل العربي الأقوى، واستطراداً السنيّ الأقوى.

هكذا، بفارق أسبوعين، تنادى رأس “الشيعية السياسية” ورأس “السنية السياسية” إلى التحذير من الإلحاد. وليس صدفة أنّهما في صراع يُطلق عليه اسم “الصراع السنيّ – الشيعيّ”. لكنّهما التقيا على عدوّ جديد هو “الإلحاد”.

نصل إلى “الإلحاد” نفسه. بما هو تفكير أحد البشر، سرّا أو علناً، بأنّه لا وجود لله، وأنّ الأديان اختراع بشريّ، وأنّه لا وجود للآخرة، و”آخرة” الإنسان تكون في اللحد وليس في جنّة أو نار.

إذا يتخوّف هذان الطرفان من الإلحاد وسط حرب سنية – شيعية، يستخدم خلالها “المحور السنيّ” منظمات مثل “داعش” و”جبهة النصرة” ومجموعات أخرى تتحدّث باسم الدين. ويستخدم خلالها المحور الشيعي منظمات مثل “حزب الله” و”الحوثيين” ومجموعات مثل “عصائب أهل الحقّ”. وكلّهم يقتلون باسم الدين، ويذبحون باسم “الإمام علي” و”الحسين” و”حماية السيّدة زينب”، أو باسم “الخلافة” و”دين الحقّ”.

لا شكّ أنّ نصر الله وعبد الله، بالضرورة، يستندان في تحذيريهما المتزامنين إلى دراسات ما، أو على الأقلّ إلى استشعار خطر جديّ من الإلحاد. هكذا وفي غمرة صعود العصبيات المذهبية وانفلات الوحوش الظلامية من أقفاص المجتمعات العربية التي تتفكّك وتنفتح كثقوب سوداء على مصراعيها ليخرج منها “حقيقة” ما يعتمل في دواخل هذا المذهب وذاك.

و”ازدهار” الإلحاد، إذا ما صحّ تخوّف “المحور السنيّ” و”المحور الشيعي”، ربّما يكون أجمل تداعيات الحرب المجنونة الدائرة رحاها في سورية، واستطراداً في لبنان، وأساساً في العراق، وتنتشر شظاياها بين اليمن والبحرين ودول أخرى.

في لبنان نقول إنّ الذي يكون “ضدّ 8 آذار وضدّ 14 آذار” يكون وسطياً ويُحظى باحترام اللبنانيين. فكيف إذا كان هذا “النموذج” يمثّل ما يرعب ولاية الفقيه الإيرانية وقلب الإسلام السنيّ، في وقت واحد؟

 

 

 

 

السابق
’14 آذار’: الحوار مع حزب الله يبدأ بالتوافق على انتخاب رئيس
التالي
داعش يعرض فيديو ذبح 15 عسكريا سوريا