إعلام الممانعة يكرّم العميل فايز كرم..

فايز كرم
نحن نفهم أن تتدخّل السياسة في القضاء، وأن يغضّ حزب الله نظره وأن يسهّل الإفراج عن العميل للعدوّ الإسرائيلي، العميد السابق في الجيش اللبناني، القيادي العونيّ الأقرب إلى ميشال عون، فايز كرم. لكن ما لم نفهمه ظهور هذا العميل على قناة لبنانية تعتبر نفسها مقاومة، وإدارتها التحريرية قريبة من حزب الله. خرج قبل يومين على مدار ساعتين من الزمن ليغسل ذنوبه وكاد أن يرشح زيتاً على الشاشة. فما سر مقابلة قناة "الجديد" مع فايز كرم؟

أضحت هذه الأيام ومنذ فترة من الزمن، الأحكام القضائية خاضعة لقوانين الزبائينية السياسية وليس للقوانين المرعيّة، وتخضع لأهواء الحزب أو التيار الذي تنتمي إليه الجهات المحكومة، والشخصيات المُجرِمَة. وبات بإمكان أي حزب أو تيار أو حركة التحكّم بالأحكام القضائية، بحيث يدخل السجن أو يُحكم على من ليس له ناقة ولا جمل من أحزاب وتيارات سياسية، تقيه من غياهب الظلام، حتّى لو كان المحكوم يستحقّ الإعدام في ميدان عام… لكنّ حكم القويّ للسلطان.

ويا لسخرية القدر أن تصل الأمور إلى تمكين هؤلاء الزعماء من تبرئة عميل لإسرائيل الصهيونية، الذي ثبت عليه بالجرم المشهود أنه خان بلده وتعامل مع العدو، وهذا الأمر لا يستحق إلا الإعدام أو يخفّف إلى السجن المؤبّد، أو رشقه “بالصرامي” حتى الموت. لكن فجأة، نتفاجأ أن جهة حزبية قد سحبته من ظلام المحاكم مثل “الشعرة من العجينة”، وليس هذا فحسب، بل أكثر من ذلك، يصبح بطلا من أبطال لبنان، رأفت الهجّان اللبناني مثلا، أو جيمس بوند الشمال، ويخرج فايز كرم من المحكمة مرفوعا على الأكتاف، تهتف له الجماهير الحاشدة… فعاش مهيّج الجماهير، عاش بطل لبنان بينما هو خائن وعميل. وتسير الأمور بعدها على أحسن ما يرام.

هذا كله رحمة وسهل، ونحن في لبنان قد تعوّدنا عليه، ولكن الطامّة الكبرى، والوقاحة إذا أحسنا التعبير، أن يعتلي أو يظهر هذا الشخص على أحد قنوات اللبنانية، ويتحدّث عن بطولاته الأسطورية، ويتغنّى بتاريخه “المشرّف” تجاه وطنه لبنان، ويظهر للمشاهد أنه الحمل الوديع المظلوم، لفّقت هذه التِهم له، بل والأنكى من ذلك يستطرد في حديثه وينتقد السياسة وزعماء الحرب الأهلية في لبنان، وينظّر علينا، ما جعلني أفكر برهة من الوقت، أن أعرض عليه أن يضع الاستراتيجية الدفاعية، لما يتمتع برؤية ثاقبة أمنية ومخابراتية وعسكرية.

العميد فايز كرم خدش مشاعر كلّ لبناني وطنيّ، وأثار اشمئزازنا. الإعلامي الزميل عفيف دياب كتب على الفايسبوك التالي: “قناوات مشغولة تستضيف هؤلاء العملاء ربما لتبرئتهم من الخيانة والعمالة للعدوّ، وتفتح لهم الهواء على مدار أكثر من ساعتين لتبرئة ساحته في الخيانة، إنما في المقابل لا تندّر بأن تفتح هذه الوسائل الإعلامية لمقاوم، وهذا برسم مجلس الوطني للإعلام، والحكومة، ووزارة الإعلام، وحتى برسم القضاء اللبناني”.

فاتّصلنا بدياب الغاضب من “تبييض صفحات العملاء الإسرائيليين وسألناه عن رأيه في سرّ هذا الجديد، ليجيب: “لا أعلم، هناك شائعات في البقاع بأنّ زياد الحمصي دفع مبلغا من المال للظهور على MTV، ولا أعتقد أنه يوجد محطة من المحطات تفتح فضاءها لعميل إسرائيلي على مدار ساعتين من دون مقابل”. وأضاف دياب: “أعتقد أن استضافة فايز كرم على قناة تعتبر نفسها مقاومة لمدة ساعتين يولّد حالة من التعجّب ووضع علامة استفهام”. ووجه دياب سؤالا إلى المقاومة عن موقفها تجاه هذا الموضوع. وسأل الصحافيين والإعلاميين، الأسرى والمتعتقلين الذين ما زالوا يعانون إلى الآن من الاحتلال الإسرائيلي عن رأيهم بهذا: “والأهم ما رأي القضاء اللبناني؟”

السابق
تحقيقات «خلية صيدا» تكشف ارتباطها بمسلحي طرابلس
التالي
مسؤولية المؤسسات الإسلامية عن تداعيات ما يجري