عشيرة «البونمر» ضحيّة استراتيجية أوباما البطيئة

يُنظر الى المجزرة التي ارتكبتها ” داعش” في حق أبناء عشيرة “البونمر” العراقية السنّية قبل يومين، ونشر صور الإعدامات التي طاولت العشرات من أبنائها، على انّها رسالة استباقية أرادت من خلالها إثارة الرعب في صفوف أبناء العشائر السنّية التي يُتوقع أن يجتمع نحو سبعين زعيماً منها مع حكومة الرئيس حيدر العبادي هذا الأسبوع.
فورَ انتشار صوَر المجزرة على وسائل التواصل الإجتماعي، انطلقت في واشنطن نقاشات حادّة، شارك فيها مسؤولون أميركيون وباحثون سياسيون، انتقَد بعضهم بشدّة بطء تنفيذ الإستراتيجية التي أعلنها الرئيس الأميركي باراك اوباما لإحتواء «داعش» وتدميرها.

قيادات عسكرية أميركية ردّت بالقول إنه لم يكن ممكناً الدفاع عن «الجيوب الصغيرة والمعزولة»، خصوصاً أنّ تنفيذ غارات جوية على مواقع شديدة التعقيد والتداخل، قد يتسبّب بـ«أضرار جانبية».

غير أنّ أوساطاً أميركية أبلغت الى وسائل إعلامية أنّ «داعش» ارتكبت المجزرة، بعدما تأكدت أنّ تشكيل وحدات الحرس الوطني لأبناء المناطق السنّية قد بدأ جدّياً، حيث يُتوقع تطويع 5000 مقاتل من أبنائها على يد مدربّين أميركيين وغربيين، على أن تبلغ ذروتها مع نهاية العام الجاري.

وكشفت عن طلب مسؤولين عسكريين، تعيين جبر الجبوري، أحد أبرز زعماء العشائر السنّية، قائداً لتلك الوحدات، أو على الأقل مستشاراً للأمن الوطني في الحكومة العراقية. فموقع هذا الرجل يمكّنه من التأثير في نصف زعماء العشائر الـ 70.

وتُشدّد تلك الأوساط على وجوب إعادة طرح استراتيجية مقاتلة «داعش» مجدّداً على الرأي العام الأميركي. فالقيادة العسكرية التي تتولّى إدارة العمليات، باتت مقتنعة بأنّ مشاركة المستشارين العسكريين الأميركيين في إدارة دفة المواجهات على الأرض، مع القوات المقاتِلة وليس من مراكز قيادية بعيدة من الميدان، أصبحت اكثر من ضرورية.

وشكّكت قيادات سياسية وعسكرية أميركية في بعض الدعوات العراقية والإيرانية التي تصرّ على عدم الحاجة الى «قوات برية على الأرض»، واعتبرت أنّها تُخفي نيات طهران في العراق، بعدما استُبعدت من التحالف الدولي بسبب إصرارها على تنفيذ أجندتها الخاصة بها.

فالإتّكال على بعض «الإنجازات» الميدانية للقوات العراقية، والميليشيات الشيعية في عدد من المدن والبلدات في محافظة الأنبار، أو على بعض إنجازات قوات البشمركة الكردية، مخاطرة لا تسمح بالرهان على كسب الحرب ضدّ «داعش»، فيما تقديرات القيادة الأميركية تتحدّث عن أشهر قبل خوض معارك جدّية لاستعادة مدينة الموصل مثلاً.

وفي خضمّ تلك النقاشات، صدرت مواقف تعكس في الظاهر تناقضاً في طريقة قراءة المتغيّرات السياسية والميدانية، خصوصاً أنّ البعض ينتظر ما ستسفر عنه الجولات السياسية والعسكرية الجارية والمتوقعة لعدد من المسؤولين الاميركيين في المنطقة، وفي مقدّمها جولة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن التي سيلتقي خلالها مسؤولين اتراك، منتصف الشهر المقبل، إذ يبدو أنّ العلاقة مع أنقرة قد وصلت إلى مرحلة حرجة.
هناك مَن يطالب إدارة أوباما بممارسة ضغوط جدّية على بعض الحلفاء، لإعادة توحيد الأهداف التكتيكية منها والاستراتيجية.

وبين تأكيدات رئيس أركان الجيش الأميركي الجنرال راي اوديرنو أنّ الإستراتيجية الحالية ضدّ «داعش» ستحتاج الى ما بين ثلاث وخمس سنوات لتصبح فعّالة، تحدثت أوساط أخرى عن نية الإدارة الاميركية إعادة النظر في استراتيجيتها بعد الإنتخابات النصفية التي ستجرى بعد أيام.

وفي معزل عن نتائج تلك الإنتخابات، سواء فاز فيها الجمهوريون بأكثرية مقاعد مجلس النواب كما هو متوقع، أو حافظ فيها الديموقراطيون على مواقعهم خصوصاً في مجلس الشيوخ، فإنّ إدارة اوباما باتت مضطرة لتعديل سياساتها وأجنداتها تجاه المنطقة، في الوقت الذي يتضاءل فيه الأمل في إمكان توقيع اتفاق نووي مع طهران بعد نحو أربعة أسابيع، بحسب مسؤولين غربيين.

http://www.aljoumhouria.com/news/index/182257

السابق
«المجلس الوطني»: التحالف يتلهى بـ«داعش» والنظام يقصف النازحين
التالي
تحدّيات زعامة الحريري: المواءمة بين الاعتدال وإخراج الشارع من الكبت والإقصاء