دون وداع

كانا قد حددا تلك الليلة لتكون آخر لحظاتٍ في الشقة، وأن ينام في الغرفة الصغيرة ذات الحيطان البنفسجية، وتنام في الغرفة الواسعة ذات الستائر الملونة، وأن يتركَا الغرفة التي كانت تجمعهما سوية، تنام لوحدِها، ولكن لا أحد منهما قد نام، في الصباح أخبرها أنه كان يفكر أن يحضر الحقيبة ولكن الثياب والأشياء كانت موجودة في غرفتها، كان يفكر أن يأخذ قطعة من الليل يخبؤها لما بعد الرحيل، وكانت تفكر في إعداد قطع التشييز كيك لتكون آخر ما يتذوقانِه معًا، وفي الحقيقة بكت وفعل ذلك كثيرًا آخر ليلة دون أن يدري أحدًا منهما ذلك، كانا قد اتفقا أن تخرج أولا من الشقة دون أن تراه أو أن تودعه منعًا لأي انهيارٍ قد يحدث من أحدهما، ثم يتراجعان ككل مرةٍ، وأن يتبعها بعد ساعة تماما -الساعة العاشرة- بالضبط، حتى يتأكد من أنها استقلت الطائرة التي تقلع بذلك التوقيت، وقد فعلت ذلك (ايفا)، بعد أن سمع صوت بكائها كموسيقى في البهو، قام مباشرة بوضعِ الوسادة على رأسه أين ضغط عليها جيدا وهو مستلقٍ على بطنه، يغني بصوتٍ عالٍ جدًا باللغة الإيطالية (نحن لم نفترق ..مازلنا في روحي بعض)، لمدة عشر دقائق، ثم أجهش بكاءً وانبطح أرضا،  تبعها بعد أن أخذ آخر قطعتي تشييز كيك موجودتين على طاولة الصالة، ترك قليلا من أشيائه كما فعلت، مسح بنظرهِ كل الشقة وخاصة الأريكة الحمراء التي جلسا عليها طويلا، يتابعان أفلاما وحصصا تلفزيونية، لم يمر في فيديوهات ذاكرتِه إلا قطع الشوكولا والشيبس والمشروبات التي كانت تشكل كثيرا من الأحيان رابطًا بين السقف والأرض، أقفل الباب وترك موسيقى قوية تصدح بالبيت، نزل السلم وكلما نزل درجا من السلم انخفض صوت الموسيقى وترك جزءًا منه هناك.

 

السابق
التحالف السوري – الإيراني وحماية أمن اسرائيل
التالي
فتحعلي زار حرب: لا نحبذ اي تدخل خارجي في الاستحقاق الرئاسي