لبنان ليس كوباني والأكراد حصانٌ رابح في سوريا

كوباني

وصَفت مصادر أميركية الجدل الدائر في شأن احتمال قبول لبنان الهبة العسكرية الإيرانية، بأنّه زوبعة لن تُثير أكثر من غبار سيتلاشى أثره سريعا.

بعيداً من الاعتبارات القانونية لجهة مدى شرعية قبول مساعدات من هذا النوع، في ظلّ عقوبات دولية صارمة مفروضة على الجهة المانحة، يُدرك المعنيون جيداً أنّ الظروف التي يمرّ بها لبنان تختلف عمّا تواجهه دول أخرى، تشهد ظروفاً أكثر حراجة.

لكن هناك من يدعو إلى عدم تحميل الأمر أكثر ممّا يتحمّل، خصوصاً أنّ السلاح الإيراني قد وصلَ فعلاً إلى أكراد العراق، وبإعلان صريح من رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، من دون أن يثير الأمر ضجيجاً كبيراً، مثلما يسعى إليه البعض في لبنان.

مشكلة قبول السلاح الإيراني مِن عدمه مرتبطة بالسياق السياسي الذي ستحصل ضمنه تلك الصفقة، وكذلك في وجهته وأهدافه.
فلبنان لا يتعرّض لهجوم على غرار ما واجهه الأكراد قبل نحو شهرين، ولا يعاني انهياراً يتطلب هذه «الهبة» العاجلة لدعمِه، فيما أطراف دولية عربية وغربية تقوم بدورها في هذا المجال.

تضيف المصادر الأميركية: «لذلك يُنظَر إلى هذه الصفقة كدعاية سياسية تريد ربط لبنان باستحقاقات ومحاور ليس متّفقاً عليها، ولا مصلحة جدّية له في قبول هذه الهبة، فيما السلاح الإيراني منتشر وبوفرة في أيدي «حزب الله».

وتؤكّد «أنّ الأمر لا يعدو كونه محاولة إيرانية حثيثة للضغط على الدولة اللبنانية، في الوقت الذي تشعر فيه طهران بأنّ ما يحصل في سوريا يُمهّد لمضاعفات سياسية، تحاول الاستعداد لها مسبقاً».

ولعلّ ما يحصل في مدينة كوباني يحفل بمعانٍ بالغة الوضوح، مع تغيير الولايات المتحدة نظرتها إلى ما يشهده هذا المثلّث الجغرافي.
تدعو المصادر إلى قراءة تصويت برلمان أكراد العراق على السماح بإرسال قوات من «البشمركة» إلى سوريا، على أنّه قرار استراتيجي ينقلهم من طرف يَستنجد بالآخرين للدفاع عنهم، إلى طرف شريك في إعادة صوغ المعادلات الإقليمية وتحالفاتها. تغييرٌ يبدو أنّه سيفرض على تركيا أيضاً محاولة التموضع مع تلك المستجدّات، خصوصاً أنّ تصويت البرلمان الكردي ما كان ليتمّ لو لم يُتفّق مع أنقرة حياله مُسبقاً.

هذا على الأقلّ ما أعلنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه، حين كشف أمس الأوّل أنّه طلب شخصياً من الرئيس الاميركي باراك اوباما في الاتّصال الهاتفي معه إرسال قوات من البشمركة الى كوباني. فأنقرة لا تأمَن مناصري «حزب العمّال الكردستاني»، لكن مع إعلان واشنطن أنّها أجرَت وتُجري اتصالات متواصلة مع أكراد سوريا، يظهر أنّ «المظلة» السياسية التي كان يتلحّفها هؤلاء، قد تبدّلت جذريّاً.

ويصف ديبلوماسيّون عرب الخطوة بأنّها إعلان أميركي عن إقامة أوّل «قاعدة» مادية لهم في سوريا، في معزل عن الوجهة التي قد تتّخذها الأحداث في هذا البلد مستقبلاً. ومع كشف عزم الولايات المتحدة على تحويل «مطار الحرير» قرب أربيل، قاعدةً عسكرية جوّية لها، فإنّ الأمر يكتسب أبعاداً استراتيجية لما يُعدّ من أدوار لأكراد المنطقة.

ويضيف هؤلاء الديبلوماسيون أنّ واشنطن التي تريد بناءَ قوّات سوريّة معارضة قادرة في المرحلة الأولى على خوض مواجهات دفاعية، حسمَت بأنّ نواة تلك القوات ستقوم على الأكراد الذين يمكن إبعادهم عن الخلافات والانقسامات الكبرى التي تضرب المنطقة، بين مكوّنَيها السنّي والشيعي.

ومع احتمال أن تشهد أروقة الأمم المتحدة نشاطاً محموماً لإعادة إطلاق عملية سياسية في شأن سوريا في الأسابيع المقبلة، فإنّ الرهان قائم اليوم على مدى النجاح الذي قد تُحقّقه واشنطن في تقليص هوّة الخلافات بين الأطراف الإقليمية الفاعلة، خصوصاً بين حلفائها، لاستكشاف ما يمكن تحقيقه ميدانياً أيضاً.

 http://www.aljoumhouria.com/news/index/180262

السابق
بري مع التمديد منعاً للتهويل بالمؤتمر التأسيسي
التالي
الجيش يقضي على أكبر خلايا «داعش»