«صحوات» لبنانية.. إقليمية

نجاة شرف الدين

يجمع اللبنانيون على إعتبار أن ظروف تشكيل الحكومة الحالية والتي تجمع مختلف القوى السياسية بين الثامن والرابع عشر من آذار ، ما عدا القوات اللبنانية ، جاءت بلحظة إلتقاء إقليمية سمحت بأفضل الممكن في ظل الأوضاع التي تمر بها المنطقة ، وهي سميت حكومة الضرورة من أجل المحافظة على الحد الأدنى من مؤسسات الدولة وهيبتها بعد أن تم التمديد للمجلس النيابي الأول وسنشهد التمديد الثاني قريبا ، وبغياب أي إمكانية في الأفق لإنتخاب رئيس للجمهورية ، الذي يتمتع المجلس النيابي مجتمعا بصلاحياته .

حكومة الضرورة هذه ، إستطاعت تمرير العديد من المسائل على مستوى التعيينات والخطط الأمنية المحدودة ، أيضا في لحظات الإلتقاء الإقليمي ، وهي حاولت الإبتعاد عن الخطاب المباشر والذي يحمل إتهامات بين الأطراف السياسية الأساسية ولا سيما بين تيار المستقبل وحزب الله ، من أجل إطالة عمرها وتجنبا لإشكالات دستورية بغياب رئيس للجمهورية وبغياب أي حديث عن تسوية سياسية ممكنة نتيجة الخلافات الداخلية كما الإقليمية حول الواقع اللبناني ، والذي يبدو أنه مع معارك عرسال ودخول داعش على الخط ، يتجه تدريجيا نحو الإرتباط بمحيطه السوري كما العراقي.
ضمن هذا المشهد ، بدا خطاب وزير الداخلية نهاد المشنوق ، والمصنف من صقور المستقبل ، لمناسبة الذكرى الثانية لاستشهاد اللواء وسام الحسن ، مغردا من خارج السرب المستقبلي ، وهو المعروف منذ دخوله في هذه الحكومة ، بأنه بدأ يبني موقعا خاصا من خلال إنفتاحه على حزب الله والتنسيق معه عبر  مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا ، كما من خلال علاقاته العربية والدولية ، والتي قرأ فيها تمديدا للمجلس النيابي وحاجة للإستمرار بعمل الحكومة الحالية لمعالجة القضايا الملحة وعلى رأسها الملف الأمني الإرهابي وقضية النازحين .
المشنوق وفي كلامه الذي أراد أن لا يحمل من يمثلهم، أي رئيس الحكومة والمجلس النيابي ما يقول ، إلا أنه هاجم حزب الله وجهاز مخابرات الجيش اللبناني من دون أن يسميه ، ناعيا الخطة الأمنية ، ومتحدثا عن الملفات الخلافية التي تتراكم داخل الحكومة وعن زيادة الشعور بالغبن والإحباط ما يزيد من حالات التطرف ، وأضاف  انه “لم تكن استعارة لغوية حين تحدثت عن مربع الموت، لكن ما حدث ان الخطة الامنية تحولت الى خطة لمحاسبة بعض المرتكبين من لون واحد، وترك البعض الاخر، لان هناك جهازا رسميا تفتقد قيادته للصفاء الوطني، والمطلوب تحويلنا الى صحوات لبنانية كالصحوات العراقية ، ولن نقبل ان نكون كتجربة العراق ولا تحويلنا الى قادة صحوات لتأمين الامن على جزء من لبنان فيما باق المناطقة فالتة، وجوابنا الواضح “هيك ما بيمشي الحال”.
أول من رد على المشنوق دون أن يفتح السجال معه ، كان النائب وليد جنبلاط الذي دعا الى الصحوات الفكرية ، ومن بعده تبعه العديد من نواب ووزراء ومسؤولي حزب الله .
هذا السجال الذي يبدو أنه جاء على وقع المحادثات النووية الإيرانية الأميركية ، والتي رافقتها سجالات إيرانية سعودية ، كان بدأها وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل عندما أعلن أن إيران قوة إحتلال في سوريا ورد عليه نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بالحديث عن دور السعودية في البحرين ، وهو ما يعني أن اللقاء الذي عقد في نيويورك بين الفيصل ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ، لم يستطع أن ينقل يفتح صفحة جديدة ، خاصة أنه أتبع بسيطرة الحوثيين على اليمن .
الصحوات اللبنانية التي تحدث عنها المشنوق ، على الطريقة العراقية ، تعمل على الإيقاع الإقليمي ، وإذا ما إستمر التباعد الإيراني السعودي ، فيخشى أن تتحول الى واقع ، وعندها لن تنفع الصحوات لبنانية كانت أم إقليمية ..

http://www.akhbarboom.com/archives/82313

السابق
اهالي العسكريين المخطوفين قطعوا طريق القلمون
التالي
ذكرى وصلاة مشتركة لفحص في انطلياس