لبنان «المهضوم» يتقن السخرية ويبقى عصيّاً على الثورة

سخرية
حان الوقت لكي نضع الخلافات المذهبية والعصبية، والسخرية على الصفحات الاجتماعية، والركض وخلف الزعماء جانباً، ولننطلق بثورة عارمة تحقّق لنا، أو تفسح لنا المجال بالعيش بكرامة وشرف.

لا أحد يختلف على أن الضحك و”التنكيت” والممازحة تطيل العمر، وتخفّف من أعباء الحياة المعاشة يومياً، بحيث تمنع الجلطات الدماغية أو الموت المفاجئ. ولا أحد ينكر أن اللبنانيين أصبحوا من أهم أصحاب “النكت” في الأمّة العربية والإسلامية أجمعين.

وهناك بعض الشخصيات العظيمة، التي تتمتع بفنّ السخرية «المهضومة»، فتجعل من مصيبتك التي تحلّ بك نكتة تضحك عليها طويلاً وتنسيك الهموم وشجون الحياة. نحن في لبنان وفي الخمسين سنة الماضية، كنّا ولا نزال نستخدم الضحك لمحاربة الهموم والمشاكل والقتل ودمار الاقتصاد، و”العيش المفترق”، وانقطاع المياه والكهرباء، وكل وسائل الحياة. ناهيك عن وجود طاقم سياسي بالٍ هو أساس السكتات الدماغية والانهيارات العصبيّة. لذلك بتنا بحاجة إلى التمويه على أنفسنا، وربما علينا الطلب من المحكمة الدولية والمنظمات العالميّة الإنسانية التدخل لرحمتنا وتخليصنا من الطبقة السياسية الحاكمة والتي لم تتغير على مرّ العقود.

ومن كثرة المشاكل والهموم في هذا البلد الصغير لبنان، أصبح اللبناني من أكثر المواطنين في العالم الذين يتمتعون بروح النكتة والمزح والضحك. لكن في الآونة الأخيرة، انحدرت “النكات والمزاح والضحك” إلى درجة السخرية و«المسخرة» على أمور جدّية. فلم يعد يهم اللبناني مصيره، فبات يسخر على جميع الأمور. وهذا ما نراه مؤخرا على الصفحات التواصل الاجتماعي من #هاشتاغ التي تُنشر على صفحات المواطنين بعد كل مصيبة تقع في لبنان. مؤخراً انتشرت «هاشتاغات» عدة منها: سؤال: “#إذا_داعش_فات_عبيروت”: جواب: «يعني عالسكين يا بطيخ»؛ و«بيكون عم يختصر المسافة عجهنم ويوفر مواصلات»؛ و «بيبطل حلم البنت تجوز امير.. لأن بتشوف الشكل الحقيقي للأمير»؛ و«بتبطل النسوان تحبل.. لأن الاولاد ما بدن يجو ع هالدنيا»؛ و«بفكرو المنارة جامع وبيهدموها والعياذ بالله». كما ازدادت مؤخراً التغريدات والتعليقات ضد تغريدة الإعلامي في قناة الجزيرة فيصل القاسم الذي غرّد تعليقاً على مهاجمة الجيش اللبناني مخيما للنازحين السوريين في عرسال، فكانت: “#إنجازات_أم_فيصل_القاسم”؛ “#الجزيرة_اعتذار_أم_إقفال”، من أكثر الهاشتاغ تفاعلا على موقع التويتر. وقد علّق البعض إيجاباً على إقفال الجزيرة: «أنا مع الاقفال.. يكفينا 4 سنوات من التضليل في سوريا ومصر والعراق وليبيا والبحرين- وبث الفتن والتحريض ضد جيش بلادي أقل شي أعتذار ومحاسبة – الوسيلة الاعلامية الناطقة باسم داعش في لبنان». وكما انتشر #هاشتاغ سلبي يدل على شعب غبي، تهتز كرامته عندما يستهزئ به أكثر مما يهز كرامته السلاح بغير يد الدولة – بس بقا. وآخر الخزعبلات اللبنانية هاشتاغ: “#يلا_تمسخر_عقطر.

إن روح الفكاهة والتعليقات المهضومة وحتى الانتقادات الموضوعية، مطلوبة في بلاد تعيش ما يسمّى الديقراطية المصطنعة، ولكن أن تصل الأمور إلى وضع يصبح المواطن اللبناني يسخر من أمور مهمّة وخطيرة في حياته الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، فهذا يدلّ على أن المواطن اللبناني إما أصبح غبيّاً غير آبه بما يحصل من حوله، أم أنه ملّ من هذا الوضع ويبحث عن كوّة ليطلق منها العنان لضحكاته وتسلياته. علماً أنه بمقدور المواطن اللبناني صنع المعجزات، ولست أبالغ هنا، لو أنه فقط يسلخ نفسه من رجس الطائفية والمذهبية الزعمائية الحقيرة. ويجلس مع نفسه برهة ليقول نحن كلنا أبناء هذا الوطن، ونريد أن نعيش فيه بكرامة، عندها سيفكر بالانتفاضة العظيمة على الوضع المخزي، وسينتصر، لأننا نحن في زمن انتصارات الشعوب على الحكّام الجائرين واللاهثين وراء السلطة. حكام سخرّوا المواطنين وقوداً لنار فتنتهم وعصبياتهم ليتمتعوا بقطعة خشبية وهي الكرسيّ. فيا ريتنا نفكر بالعيش بكرامة ونثور على الظلم وليس دعماً لأي دولة، سننتصر ونعيش ونتسلى.

السابق
ممثلو لجان الاهل: لرفض اية زيادة على الاقساط المدرسية
التالي
صيدا والساحات المشتركة