العدو ليس «داعش» … بل مناهج التعليم!

سعود السمكة

ما في شك ان هؤلاء الشباب الذين يقاتلون في صفوف “داعش” اليوم في الغالب الأعم هم عرب والغالبية منهم خليجيون وهم صناعتنا نحن العرب, وخصوصاً دول الخليج, أي انهم ضحايا بامتياز!
لقد تحولت دولنا العربية ولاسيما دول الخليج في الثلاثين سنة الاخيرة ما يشبه الورشة الكبيرة لصناعة الارهاب, حيث اصبح المرء لا يسمع فيها الا اعلاماً يتحدث بلغة الارهاب, ولا اماماً إلا يدعو للعنف, ولا كلاماً إلا يحض على الكراهية وإذا خرج للشارع لا يرى إلا رجالاً يسوقون الناس بالقوة إلى الصلاة, كما يساق القطيع الى المذبح, وإذا دخل المدرسة لا يجد إلا منهجا ينضح بالغلو والتطرف ويكرس الكراهية بين ابناء المجتمع الواحد, حيث يبدأ بالتقسيم المذهبي, وينتهي بالتصنيف الايماني وكلاهما يدعو الى نتيجة واحدة إلى الكراهية والعداء وبالتالي إلى القتل!
تنظيم “داعش” سيهزم بلا شك بالقوة لكنه لن ينتهي بل سيعود إلى ثكناته ومدارسه التي تخرج فيها ومناهجه التي نهل منها علم الارهاب وثقافة الكراهية, إلى مدارس الدول العربية, والخليجية تحديداً.
لذلك كفى خداعاً للنفس باقناعها ان ما يمارس اليوم في المدرسة والمسجد, وما يسمى حلقات الذكر من تشويه للدين وإفساد للفكر على انه صحيح الدين! فإذا انتم جادون ووصلتم الى حد ان المسألة اصبحت تهديداً وجودياً فليس أمامكم سوى اعلان الحرب ليس على “داعش” فقط, بل على الفكر الذي صنع “داعش” الذي اصبح اليوم في مدارسنا ومساجدنا ومناهج التعليم التي غدت متخصصة في علم الإرهاب وفنون الفتن وعلى جمعيات الاسلام السياسي التي تخصصت بغسل أدمغة النشء.
لابد الآن ودولنا الخليجية تواجه خطر تهديد الوجود ان تبدأ من اليوم في اعلان الحرب على هذا الدين الجديد الذي أصبح يحمل كل موبقات الخطابات, وافساد الحياة, هذا الدين البدعة الذي يدعو الى القتل والقتل المضاد والذي بات ينزع البلاغة الاخلاقية السامية عن دين الحق الذي بشر به سيد الخلق محمد “صلى الله عليه وسلم” دين العلم وإعمار الأرض والحفاظ على الحياة, والدفاع عن المثل العليا, وعن حق الحياة للإنسان من دون النظر الى دينه أو جنسه أو لونه أو هويته!
آن الأوان لدول الخليج ان تفتح ملف التعليم وان تنسف جميع المناهج التي من شأنها افساد عقول النشء بسموم الارهاب وشحن ضمائرهم بالحقد وكره الحياة بحجة انها حياة فسق وفجور, وبالتالي عليك أيها الشاب ان تتدرب على الأحزمة الناسفة وعلى القنابل الموقوتة لتقتل بها الطواغيت الذين لا يؤمنون بفكرك ولا يعتقدون بمعتقدك.
كفى تساهلاً أيها السادة فقد وصل الأمر الى تهديد الوجود.

السابق
هاني فحص خارج الزمن الطائفي
التالي
لا حَلّ لبنانيّاً قبل اكتمال نِصاب التسوية العراقيّة