خطر’داعش’ يعجّل في تجاوز ’الفراغ’

منذ العام 2001 والعالم يعيش «حرباً دولية مجزأة». لا توجد جبهة واحدة، ولا كتلة تواجه أخرى. لذلك ضاعت خرائط الحرب وغاصت أهدافها في افتراضات وتكهنات بدلاً من أن تكون معروفة ومحددة. خروج «داعش» الى الخطوط الأمامية على أكثر من جبهة، أعاد البحث الجدي في توحيد خطوط التماس، وفتح الخنادق بعضها على بعضها، وتحصين الحدود المفتوحة على بعضها البعض.

خطر «داعش» ما زال في بداياته. حتى الآن ما زال هذا الخطر محدوداً في مربع مشتعل أصلاً. الخطر في أن ان يصبح عابراً لحدود المنطقة وصولاً الى أوروبا والأميركيين. رغم الخطر ما زال التردد سيد المواقف. طبعاً الرئيس باراك أوباما يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية. لكن الأطراف الأخرى مسؤولة مباشرة عن هذا الجمود الناتج في أساسه من مواجهات السنوات الأخيرة. في قلب هذا الوضع الخلافات الايرانية السعودية. وانهيار العراق وسوريا. وانشغال مصر بنفسها نتيجة لثورتين لم تتبلور نتيجتهما بعد.

لن تقوم الجبهة الموحدة، مهما بلغت الرغبات والطموحات والارادات، «بغمضة عين«. الانزلاق السريع نحو العنف الأسود يتطلب السرعة ولكن الموانع ما زالت قائمة وكثيرة. انطلاق مسار الحوار بين الرياض وطهران، مهم جداً. اعتراف طهران بأن بين البلدين «مصالح مشتركة وهما تواجهان أخطاراً مشتركة يجب مواجهتها بقوة واحدة»، بداية ايجابية المطلوب مبادلتها من الرياض. الخلافات لن تنتهي. يوجد الكثير من الأسباب التي تجعل التنافس مستمراً. لكن يمكن تأطير هذا التنافس وإخراجه من «دائرة النار». لا يستطيع أحد في المنطقة مهما بلغت قوته، إلغاء الآخر، ولا تجاوز مصالح الآخر والأهم القفز فوق أمن واستقرار الآخر.

«داعش» هي الخطر الأول والكبير. مواجهته وضربه يتطلب أولاً وقبل أي شيء آخر قيام الثقة المتبادلة. لا يمكن التعاون ضد عدو خطر وخطير مثل «داعش» دون بناء ثقة كاملة بأن «الشريك» في المواجهة لا يعمل على طعنك في «خاصرتك» أو «رجلك» أو أن «يخطف» أحد «أبنائك». حالياً توجد مساحات وملفات مشتعلة. تتطلب التعاون لحلها وهي: العراق واليمن ولبنان وسوريا.

سوريا هي الملف الناري الخلافي. يمكن رغم كل الألم لسقوط الضحايا والدمار الواسع، اخراجه من الحوار والمفاوضات. ببساطة لا يوجد في المستقبل المنظور أي احتمال لأي حل في سوريا. التسليم بقدر سوريا حالياً، يفتح الباب أمام الملفات الأخرى.

العراق هو الأكثر سخونة والأقرب الى صياغة الحل. السرعة في صياغة الحل على أساس الشراكة المتوازنة ضروري جداً. كل يوم تأخير يعني تقدم مشروع الفيدرالية أو غيرها. جو بايدن نائب الرئيس الأميركي طرح الفيدرالية. الذي يمكن تحويله من فكرة الى خطة. عشر سنوات تقريباً من السلطة أثبتت فشل المكونات السياسية الشيعية في احتكارها للسلطة. النهب المبرمج للعراق يشكل أحد أبرز مظاهر هذا الفشل. زائد ابعاد الآخرين. لكن هذا لا يبرر مطلقاً اقتناص المكونات السنية الفرصة للمطالبة بأكثر ما يستحقون. فتكون النتيجة الفشل. طبعاً التفاهم الايراني السعودي، يفتح الباب نحو اعتدال الطرفين. نجاح الحل في العراق، يطلق مسار الحل في اليمن. ليس أمام اليمن من حل إلا «لبننة» النظام السياسي. لكن «للبننة» شروطها الجديدة، التي عمادها «الشراكة» الحقيقية. دون ذلك، ستكون مسيرة «اللبننة» في اليمن وسط حقول الألغام.

حظ لبنان الكبير، انه ما زال محاطاً بالرعاية لكي لا يسقط ضحية للخطايا التي أفرزتها التطورات ولكن أيضاً الأطماع. أي دولة في العالم تعيش حالة «الفراغ» التي يعيشها لبنان تصيغ نهايته. في لبنان حتى «الفراغ« يصبح «عادة». لكن وجود «داعش» يضع حداً للتعامل مع «الفراغ». كل يوم اضافي على 99 يوماً من الفراغ الرئاسي، يضيف الى «كرة النار» نقطة زيت جديدة. لا توجد طائفة ولا مكون سياسي في لبنان فوق السكين. الجميع مهما كان كبيراً تحت «السكين». فهل ينقذون أنفسهم فيتعاونون ويتشاركون، أم يستمرون في ترك «السكين» تحز رقابهم.. والوطن!

http://www.almustaqbal.com/v4/Article.aspx?Type=NP&ArticleID=630498

 

السابق
فرار 18 سوريا في شمسطار بعد خطفهم
التالي
السنيورة اعلن عن مبادرة لـ14 آذار