السنّة مغبونون؟ أم الشيعة مستقوون؟

أُطلقت في العقدين الاخيرين مصطلحات مذهبية لقيت صدى لها بسرعة بين الناس. هذه المصطلحات لعبت على إثارة النعرات الطائفية من اجل التمهيد لأمر ما بدأ يظهر اليوم جليّا. فهل السبب ذو طابع سياسي ام ديني؟

بُعيد توقف الحرب اللبنانية الاهلية نهاية التسعينيات، انطلقت جمعيات ومؤسسات بأعداد هائلة تعمل تحت عنوان واحد وبارز (الحوار الاسلامي- المسيحي) وبمستويات مختلفة، منها ما هو على المستوى الاجتماعي، ومنها ما هو على المستوى الفني، ومنها ما هو على المستوى الفكري.

البعض لا زال مستمرا والبعض الآخر توقف لأسباب مادية او لأسباب خلافيّة. ورغم عمل هذه الجمعيات التابعة لمؤسسات أوروبية بمعظمها، الا ان هذا الحوار لم يؤدِ الى ما هو مرجو منه.

لكن المثير في الامر ان الجهتين الاسلامية والمسيحية باتتا اليوم بلا عمل، بل (خاليتا أشغال) كما يقال، لأن احد هذين الطرفين بات يبحث عن وجهة حوار جديدة لا تتعدى الطائفة الواحدة.

فخلال احدى جلسات الحوار بين زعيم طائفة من الطوائف الاسلامية وشخصية اسلامية من طائفة ثانية دبّ (الحوار القتالي)، بسبب تكفير طائفة منهما للأخرى. هذا ما حصل على المستوى الأعلى.

اما الخلاف على مستوى العلاقات بين السنّة والشيعة مثلا، فقد إلتهبت منذ بداية سقوط نظام صدام حسين، وسكوت المرجعية الشيعية في العراق عن الاحتلال الاميركي حيث أعتبر ذلك إدانة للشيعة بشكل عام. وكأن السنّة كانوا بجلّهم مع صدام او ضد الاميركيين؟

السبب شيعي- سنيّ ليس اكثر. من يسيطر على الارض اكثر ومن يمتد اكثر. وقد اعتبر السنّة انهم خسروا العراق حين سلم الاميركيون الحكم للشيعة وهو طبيعي نظرا لكونهم اكثرية عددية. فهل كانوا مع اداء صدام الذي جزّر بشعبه كما يفعل اليوم بشارالاسد؟

والسؤال لماذا يقف السنّة اليوم ضد بشار، وسابقا وقفوا مع صدام رغم انه احتل الكويت وحارب ايران وجزّر بالشيعة والاكراد اذ لا تزال حلبجة في الذاكرة؟

الحوار الاسلامي-الاسلامي مطلوب اليوم، لكن ليس على الطريقة اللبنانية. لماذا؟ لانه كان تجارة ممولة من مؤسسات انسانية اوروبية لأهداف حسنة او سيئة لا فرق، المهم ان اللبنانيين تاجروا ببعضهم وبقضاياهم ليحصدوا لقب (تجار القضية).

فلو أحصيّ عدد الذين اشتغلوا في مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الانسانية لدخلنا كتاب ’غينيس’ العالمي. واليوم المسلمون بحاجة للحوار ليعرفوا اسباب التكفير ومرجعيته واهدافه وخلفياته.

فهل سيسيرون في هذا الطريق؟ وهل سيقطعنه على التكفيرين؟ وهل ثمة وسطيين لا زالوا بينهم؟ وهل من دور للوسطيين؟ ومن يؤمن بالوسطيّة اليوم؟ ومن هي الشخصية التي يلتقي عندها الطرفان؟

لا وسطية بين الاثنين. والجميع يبدو انه بحاجة لمرجعية وسطى تقف بين السنّة والشيعة الذين يتقاتلون على الجنّة ومن سيفوز بها؟ وكأن جنة الله ليست على هذه الارض؟

أين يجب ان يكون خط التقاطع والالتقاء؟ وعلى ماذا؟ كانوا سابقا يرددون ان ساحة اللقاء هي العداء لإسرئيل، لكن بعد تصريح ’الداعشيون’ الذين قالوا ان العدو ليس اليهود ولا إسرائيل بل الشيعة! ماذا الذي يمكن ان يجمع الطرفين؟

والمشكلة الثانية الكبيرة هي ان السنّة بسبب عددهم الكبير مليار و200 مليون تقريبا ليسوا متفقين مذهبيا او سياسيا. فكيف يمكن محاورة جهة مقسمة الى 73 فرقة، عدا عن ان عدد الشيعة الضئيل نسبة الى السنّة والذي يبلغ (250 مليون) لا يمكنهم فرض رأيهم ولو كان صوابا على المليار وربع. لان السيطرة للأقوى بطبيعة الحال دوليا واقتصاديا ودينيا. فكيف هو شكل الحل؟

وهل السنّة محقّون بتعبيراتهم عن الخوف من الشيعة حيث عبر عن اكثر من مرة مفتيّ الازهر الراحل والحالي، والشيخ القرضاوي وبعض المشايخ السعوديين. وهل فعلا يشعرون بالغبن من قوة دولة اسلامية؟

مع الاشارة الى ان وجود دول سنيّة مهمة كتركيا وماليزيا واندونيسيا يجعل كفتا الميزان الاقليميين راجحتين. ولعل تحريك الحسّ القومي العروبي يستلزم ذلك مقابل الفوقية الفارسية المعروفة؟

السابق
’النصرة’ لن تفرج عن المسيحيين بسبب حرق الأعلام في ساسين
التالي
ريفي طلب إجراء التحريات للتثبت من خبر حرق الصلبان