لماذا لا يتم الإعلان عن وفاة الامام الصدر؟

الامام السيد موسى الصدر
: في إطار السؤال القديم المتجدد عن أسباب التمنّع عن إعلان وفاة الإمام موسى الصدر، لا بد من التساؤل عن استمرار لجوء رئيس مجلس النواب نبيه بري (المعني الأول بالقضية) الى عباءة الصدر لما تشكل له من غطاء "شرعي" بصفته حامل الأمانة والممثل الرسمي للطائفة الشيعية، في ظل عدم توفر أي بديل لها.

في 31 آب2014، يكون قد مر على جريمة تغييب الامام الصدر ستة وثلاثون عاما بالكمال والتمام، وحوالي ثلاث سنوات على سقوط نظام معمر القذافي في ليبيا، ومرور اكثر من عامين على اعتقال مدير مخابرات النظام الليبي وزوج اخت صفية فركاش، الزوجة الثانية للقذافي، عبد الله السنوسي. ولطالما وُصف السنوسي بأنّه عين “العقيد”، واذنه ويده اليمنى في احكام السيطرة الأمنية على البلاد وخازن اسراره والعارف بكل تفاصيل جرائمه.

فاذا ما كان للمعنيين المباشرين بهذه القضية من إمكانية لتبرير عدم الوصول بجلاء تفاصيلها واخراجها من دائرة العتمة الى دائرة النور طيلة الأعوام السابقة تحت حجة وجود الطاغية القذافي على رأس النظام الليبي، واحكام سيطرته على الملف، فان أي تبرير لاستمرار هذا الغموض وبقاء احجية الجريمة غير واضحة المعالم لا يمكن استساغته تحت أي حجة الا الإصرار عمداً على إبقاء الغموض سيد الموقف.

الجميع يدرك ان مجرد تكليف لجنة بسيطة جدا، يرأسها بائع خضار، (مع كامل الاحترام) تذهب الى ليبيا وتطلع على سير التحقيق والاعترافات لمدير جهاز الامن الخارجي والاستخبارات العسكرية المعتقل، كفيلة بان تأتينا بالخبر اليقين ووضع حد لكل هذا الضباب.

هذه الحقيقة باتت على السن جميع الناس وحديث السهرات في الشارع الشيعي، وصار الشعور الطاغي على الجميع هو التسليم بان الرواية التي تتحدث عن استشهاد الامام الصدر ومنذ الأيام الأولى لاعتقاله هي الرواية الأكثر تصديقا، وحلت عبارة ’رحمه الله’ بعد ذكر اسم الامام مكان عبارة “اعاده الله” وبشكل واسع جدا وبدون حتى أي ردة فعل مستنكرة عند مسؤولي وعناصر حركة امل والتي كنا نلاحظها في الفترات السابقة.

والسؤال القديم المتجدد والذي بات يطرح هذه الأيام بقوة هو عن الأسباب الموجبة لعدم الإعلان الرسمي عن استشهاد الامام، فاذا ما كان الخلاف العميق والتنافس الكبير الذي كان موجودا داخل الساحة الشيعية بين حركة امل وحزب الله، شكّل الحائل دون هذا الإعلان لما يمكن ان يتسبب بالنزاع على خلافة رئاسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ووالوراثة لموقع الامام، فان التحالف العميق الان يفترض ان يزيل هذا السبب، مضافا اليه حسم موقع رئاسة المجلس الشيعي وملأه برئيس فعلي بدل نائب الرئيس منذ أيام الراحل الشيخ شمس الدين وحاليا الشيخ عبد الأمير قبلان.

وفي هذا السياق أيضا، لا بد من التساؤل عن استمرار لجوء الرئيس بري (المعني الأول بالقضية) الى عباءة الامام الصدر لما تشكل له من غطاء ’شرعي’ بصفته حامل الأمانة والممثل الرسمي للطائفة الشيعية، في ظل عدم توفر أي بديل لها، واخفاق بري او عدم رغبته باستقطاب رجل دين ذو حيثية حوزوية وحضور مميز على الساحة الشيعية يمكون بمثابة البديل، ويعكس الأمر خشية عميقة عند الرئيس بري من حليفه الأول وادراكه ان لحظة الإعلان عن استشهاد الامام الصدر، هي عينها، ستكون اعلان غير مباشر وغير مرغوب طبعا عند الرئيس بري، لتطويب السيد حسن نصرالله امين عام حزب الله’ موسى الصدر’ الجديد للطائفة. وهذا ما يعمل عليه اعلام الحزب ويحاول تكريسه في الوجدان الشيعي، ولو بصورة هادئة مع حرص شديد على عدم تسبب ’نأزة’ عند قيادات حركة امل، ان من خلال نشر صور مشتركة تجمع وجه السيد حسن مع وجه الامام الصدر (يسهل لهم هذه المهمة كون السيد حسن أيضا رجل دين و” سيد ” ويشتركان بنفس العمة واللحية) ، او من خلال الربط بين ذكرى الاختفاء وتزامنها مع ذكرى ولادة السيد حسن.

كل ما تقدم وبغض النظر عن الأسباب والمسببات، سواء عند قيادة حركة امل او قيادة حزب الله بصفتهما القييمين على شؤون الطائفة، يبقى القول بانه ليس من الوفاء بشىء ولا من المروءة بمكان ان يتم التعاطي مع هامة بحجم الامام الصدر وقائد وطني كبير بذل عمره وحياته لخدمة اللبنانيين بهذا الاستخفاف، مما يسمح لاحد الخبثاء الكارهين للامام بالتجرؤ على القول بان الله سبحانه وتعالى غاضب على ’موسى الصدر’ حتى انه سبحانه يمنع عنه الترحم وقراءة الفاتحة.

 

السابق
سلام يترأس اجتماعا أمنياً مساء اليوم للبحث في الأوضاع الأمنية
التالي
ميقاتي: حمى الله لبنان مما حذر منه الامام المغيب