النهار: الجيش يتشدّد ميدانياً وغلَيان يعمّ عكار

لم تكن حال الغضب والاسى الشديدين التي عمت عكار أمس مجرد ردة فعل تلقائية على صورة مزعومة لم تثبت صحتها بعد لقتل الرقيب علي السيد ابن بلدة فنيدق المخطوف لدى تنظيم “داعش” ذبحاً، بل اكتسبت دلالات خطيرة للغاية لجهة تصاعد الاحتقانات لدى فئات واسعة من اللبنانيين من شأن تمددها واتساعها ان تنذر بتداعيات غير مسبوقة على مستويات عدة، وخصوصاً اذا مضت التنظيمات الارهابية الاصولية في ممارساتها الاجرامية او في استهدافاتها للجيش. ولم يكن ادل على خطورة تصاعد هذا المناخ من اطلاق مسؤولين ونواب تحذيرات من مغبة التعرض لحياة الاسرى العسكريين على وجود اللاجئين والنازحين السوريين، وهي المرة الاولى تبرز هذه التداعيات الخطرة منذ بدأ لبنان يتلقى الانعكاسات الامنية والاجتماعية والسياسية للحرب السورية.
وقد سادت مختلف البلدات العكارية أمس موجة غضب عارمة ترجمها قطع بعض الطرق وتنظيم اعتصامات كان أكبرها في سرايا حلبا وشاركت فيه عائلات العسكريين المختطفين. كما عقدت فعاليات فنيدق اجتماعاً موسعاً انتهى الى مطالبة الحكومة وقيادة الجيش بالعمل الجدي على تأكيد او نفي صحة الصور المتعلقة بالرقيب علي السيد. وأصدر النائبان معين المرعبي وخالد الضاهر بياناً دَعَوا فيه المجموعات السورية المسلحة “الى الافراج فوراً عن جميع المحتجزين حرصا على الاحتضان اللبناني الشعبي للسوريين في لبنان”.
وبعد أقل من 24 ساعة من نشر صورة الرقيب السيد، مضى الارهابيون في الترهيب الدعائي فعمد تنظيم داعش الى نشر شريط فيديو في موقع “يوتيوب” ظهر فيه تسعة عسكريين مخطوفين ناشدوا اهاليهم ورفاقهم النزول الى الشارع والضغط على الحكومة للموافقة على مطالب المسلحين ولا سيما منها اطلاق السجناء في سجن رومية لمقايضتهم بهم خلال الايام الثلاثة المقبلة والا فانهم سيقتلون تباعاً.
أما على الصعيد الميداني، فان “جبهة عرسال” شهدت امس هدوءاً “قلقاً” وشديد الحذر أتاح عودة الحركة داخل البلدة، ومع ذلك حصل اشتباك بين دورية للجيش وثلاثة مسلحين من البلدة في منطقة وادي حميد مما أدى الى مقتل أحد المطلوبين البارزين في عمليات ارهابية وهو ركان محمد امون وتوقيف الآخرين. وعلم ان امون كان مطلوبا بمذكرات توقيف عدة وهو احد الاعضاء البارزين في شبكة سامي الاطرش لتفخيخ السيارات.كذلك تمكن الجيش من توقيف لبناني وسوريين شاركوا في الاعتداءات عليه. وعلمت “النهار” ان المعطيات الامنية التي تبلّغتها الدوائر الرسمية إن من طريق أجهزتها العسكرية أم من الدول الصديقة التي تواكب الوضع في سوريا عبر الاقمار الصناعية، تفيد أن ثمة تحركات لعناصر من تنظيم “داعش” في إتجاه الحدود مع لبنان وذلك من خلال ممر يربط العراق بشمال سوريا وصولا الى الحدود اللبنانية، من غير أن يقوم النظام السوري القادر على أعتراض هذا التحرك لـ”داعش” بأي خطوة. وقد ظهرت هذه المعطيات بعد سقوط مطار طبقة العسكري في محافظة الرقة في يد “داعش”. وفي المقابل، اتخذ الجيش الاحتياطات الضرورية في منطقة عرسال بفضل المساعدات العينية التي حصل عليها وخصوصاً من الولايات المتحدة وغير تلك التي ظهرت أمس في مطار بيروت. وهذا ما جعل الجيش في جهوزية لمواجهة التطورات المستجدة، علما ان تحركات “داعش” لا تعني أن الانفجار صار وشيكاً، لكن عناصر الانفجار موجودة في انتظار قرار سياسي من التنظيم ومن الذين يقفون وراءه لتحريك جبهة عرسال.
في غضون ذلك، يكتنف الغموض موضوع العسكريين المخطوفين ما عدا أنهم أحياء وأن آخر الاخبار أفاد أن الخاطفين نقلوا الاسرى مجدداً الى الاراضي اللبنانية بعدما كانوا خارجها بالامس القريب. ويتحرك في هذا المجال وسطاء غير مباشرين من قطر وتركيا اللتيّن كانتا متحفظتيّن في معركة عرسال الاولى لكنهما أبدتا إستعدادا للانخراط في المفاوضات في الساعات 24 الأخيرة. وقد بدأت الحكومة إتصالات وليس مفاوضات لاستكشاف آفاق المرحلة وسط تكتم شديد يحرص عليه رئيس مجلس الوزراء تمام سلام.

السابق
’سلاب نيوز’ يتطاول على ’جنوبية’ ويهدّدها
التالي
السفير: عبداللهيان يزور دمشق سراً بعد الرياض