بعد تهجير مسيحيي العراق: إسرائيل داعشية جديدة؟

مسيحيون العراق
تعليقا على زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي استبعد الاب عبدو رعد عودة المسيحيين الى العراق. وفي حديث لـ"جنوبية" قال: "إلى الآن لم تصدر أيّ دعوة من العراق ولا اي تصريح يدعوهم إلى العودة، وليس هناك أيّ مراجعة. وسيُوطّنون هنا. وقد هُجّر الارمن سابقا مطلع القرن الماضي". لكن هل هذا يعني أنّه سيكون هناك إسرائيل ثانية؟، أي أنّ داعش ستطرد السكان الأصليين وتوطّن مكانهم "محتلّون" على الطريقة الصهيونية؟ يجيب الأب رعد أنّ "هذا الوضع سيخلق كيانا جديدا، وسيكون عندنا إسرائيل جديدة".

في العاشر من حزيران الماضي سقطت محافظة نينوى بيد تنظيم داعش. وفي غضون 24 ساعة قيل إنّ نصف مليون مسيحي تركوا منازلهم. ثم أعطى داعش مهلة قصيرة للمسيحيين لترك المحافظة أو دفع الجزية أو اعتناق الإسلام. ما أحدث أكبر هجرة من نوعها للمسيحيين في الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الأولى، وأصبحت مدينة الموصل خالية من المسيحيين لأول مرّة في تاريخها.
مع العلم أنّ عدد المسيحيين في العراق بدأ بالتناقص بدءا من العام 1987 حين كانوا مليونا و400 ألف تقريبا، إلى أن وصل عددهم في العام 2013 إلى أقلّ من 450 ألفا. أما اليوم وبعد تهديدات داعش فلم يعد في الإمكان الحديث عن “مسيحيين عراقيين” بعد أن توزّعوا على البلدان العربية المحيطة.
ما حصل في العراق دقّ ناقوس الخطر بالنسبة لمسيحي لبنان الذين اعلنوا دعمهم للمسحيين الهاربين من العراق.

“جنوبية” التقت النائب العام للرهبانية المخلصية الاب عبدو رعد، وسألته عن زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وعدد من البطاركة الى العراق لبحث كيفية دعم المسيحييين هناك في ظلّ تخلي الدول الغربية عنهم ودعوة فرنسا لهم إلى الهجرة نحوها، في سابقة اعتُبِرَت خطيرة جدا لما تسبّبه من فرز دولي واقليمي وافراغ للشرق من سكّانه الأصليين. إذ أنّ الشرق هو مهد المسيحية الأوّل.
الأب رعد قال إنّ “زيارة البطاركة لها اهداف ثلاثة. الاول اعلامي، لأنّه في هذه الظروف لا بد ان يكون هناك جهات تتحرّك لرصد ما يحصل. والاعلام يعطي دورا للبطاركة، وهي صورة اساسية قد تصل الى الدول. ونحن نرفض ما يجري ونعتبر انّ موقفنا واضح. والثاني تضامني، حيث ان من واجب كلّ مسيحي ان يقف تضامنا وقد تكبّد البطاركة مشقة السفر للوصول الى المظلومين في اقسى الظروف. والثالث مادي، وهو محدود جدا وعبارة عن مئات الآلاف من الدولارات، وهي قليلة طبعا، فكلّ كنسية تبرعت بنحو 50 الف دولار، وهو يشبه فلس الأرملة. وزيارة البطاركة تعدّ نوعا من طلب مساهمات الناس. اضافة الى الاهداف الثلاثة هناك سؤال الى الدولة اللبنانية التي نقول إنّه يمكنها المساعدة على الارض”.
وبحسب احصاء غير مؤكدة يقول الاب رعد إنّ “عدد المسيحيين النازحين من العراق إلى لبنان قد بلغ 40 ألفا”. علما أنّ بعض وسائل الاعلام تحدّثت عن 80 الفا”. ويقدّم الاب رعد مساعدات غذائية لهم باسم جمعية “الناس للناس”. لكنّ السكن برأيه أهم من الغذاء. وهو يؤكد أنّ “امكانية عودة هؤلاء إلى العراق غير متوفرة، بل ضئيلة لأنّ الدولة العراقية بوضع مزرٍ جدا ومأساوي والخيارات محصورة بيد فئة محدّدة. من هنا قصد البطاركة العراق ليوجهوا رسالة على مستوى العالم والدول للمساعدة”.
وبجسب الاب رعد فإنّ الدول الغربية لم تتخلّ عن المسيحيين: “بل تخلّت عن الانسان ونحن نخطأ عندما نتحدث ونقول هذا مسيحي وهذا مسلم.. فعندما نتحدث عن السنّة نربطهم بالسعودية، وعندما نتحدث عن الشيعة نربطهم بإيران، وعندما نتحدث عن المسيحيين نربطهم باميركا. هذا جهل وتخلف. والسؤال هو: ماذا عن الايزيديين؟. والأصحّ هو ان اميركا تخلت عن العدالة ولم تكن عادلة مع احد. وليست المرة الاولى التي تتخلّى أميركا عن فئات، بل هي تعمل بحسب مصالحها، ونحن نعتقد انهم اصدقاء. وانّ واشنطن لم تتحرك الا عند تهديد مصالحها النفطية في المناطق الكردية”.

ويرى الأب أنّ “داعش هي وليدة ظلم الانظمة”، ويحمّل رجال الدين المسؤولية لأنّنا “لم نبشّر بالخير بشكل كاف”.
واستبعد الاب رعد عودة المسيحيين الى العراق لانه “إلى الآن لم تصدر أيّ دعوة من العراق ولا اي تصريح يدعوهم إلى العودة، وليس هناك أيّ مراجعة. وسيُوطّنون هنا. وقد هُجّر الارمن سابقا مطلع القرن الماضي”.

لكن هل هذا يعني أنّه سيكون هناك اسرائيل ثانية؟. أي أنّ داعش ستطرد السكان الأصليين وتوطّن مكانهم “محتلّون” على الطريقة الصهيونية؟ يجيب الأب رعد: “بالطبع هذا الوضع سيخلق كيانا جديدا، وسيكون عندنا إسرائيل جديدة”.

السابق
المقيمون من الطفيل في طرابلس يصدرون بيانا
التالي
خميس السينما: سيلفستر ستالون يترأس زمرة مسترزقة في الصالات اللّبنانية