الأمن الإسرائيلي اليوم: مواجهة تحديات متعددة على جبهات متعددة…

الانتخابات الاسرائيلية

تجلب “سلسلة المحاضرات لإحياء ذكرى زيئيف شيف” كل عام إلى واشنطن مسؤول متميز من مؤسسة الأمن القومي الإسرائيلي. وقد أقيمت السلسلة من قبل مجموعة من أمناء “معهد واشنطن” لإحياء ذكرى زيئيف شيف، عميد خبراء الأمن الإسرائيليين ومحرر سابق لشؤون الدفاع في صحيفة “هآرتس” وأحد منتسبي المعهد لفترة طويلة. وقد تضمنت قائمة المحاضرين السابقة إيهود باراك، وموشيه يعلون، وآمنون ليبكين شاحاك، وعاموس يادلين، ويوآف غلانت، وشمعون شامير، و”بيني” غانتز، ويائير غولان.

“في 15 أيار/مايو، استضاف معهد واشنطن “المحاضرة السنوية التذكارية لإحياء ذكرى زيئيف شيف لعام 2019” حول أمن الشرق الأوسط، ألقاها رئيس أركان “جيش الدفاع الإسرائيلي” السابق والزميل العسكري الحالي في المعهد الليفتنانت جنرال غادي آيزنكوت. وفيما يلي ملخص المقررة لملاحظاته”.

تواجه إسرائيل حاليّاً أربعة تهديدات أمنية أساسية هي: (1) التهديد غير التقليدي، سواء كان قادماً من إيران أو بشكل أسلحة كيميائية تستخدمها الجهات المعادية، (2) التهديد التقليدي باندلاع حرب، (3) التهديد التقليدي الفرعي الذي يطرحه الأصوليون في المنطقة، و (4) التهديد السيبراني. وخلال السنوات القليلة الماضية، تمثلت الأولوية الأولى لـ “جيش الدفاع الإسرائيلي” في الرؤية التي تراود إيران بامتلاك قدرات نووية، وبالفعل شكّل الاتفاق النووي لعام 2015 نقطة تحوّل. فعند موافقة الإيرانيين على «خطة العمل الشاملة المشتركة»، فَهِموا أنه سيكون من الصعب عليهم الاستمرار في أنشطتهم. ومع ذلك، فبينما وافقوا على الاتفاق بسبب اعتبارات تكتيكية، يستمر سعيهم لحيازة أسلحة نووية. وبقيت إسرائيل ملتزمة بتفادي الوصول إلى هذه النتيجة، ولكن في الوقت نفسه تمكّنَ “الجيش الإسرائيلي” من التركيز على سوريا ولبنان والساحة الفلسطينية.

اقرأ أيضاً: الأردن قد يكون الحلقة الضعيفة في صفقة ترامب

ويتمثل أحد الأوجه الأساسية لخطة إيران الهادفة إلى تحقيق الهيمنة في الشرق الأوسط في ترسيخ مكانتها في سوريا. وحتى الآن، أقام «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني مواقع استخباراتية على طول الحدود بين سوريا وإسرائيل، ووضع خططاً مماثلة لنشر قدرات قوة جوية. وخلال السنوات الثلاث الماضية، نجح “الجيش الإسرائيلي” في إطلاق حملة مستمرة ضد النشاط الإيراني في سوريا، ولكن هناك فرصة لتحسين التعاون الدولي حول هذا التهديد.

ويشكّل «حزب الله» التحدي الأمني ​​الرئيسي الآخر لا سيّما مع نيّته في التسلل إلى إسرائيل بالتعاون مع «فيلق القدس». وهذه خطة هجومية تهدف إلى احتلال جزءٍ من الجليل وإطلاق أعداد كبيرة من القذائف والصواريخ. وخلال السنوات الأربع الماضية، جمعت إسرائيل ما يكفي من المعلومات الاستخباراتية لتحديد شبكة أنفاق «حزب الله» وتدمير كامل هذه البنية التحتية عبر “عملية درع الشمال” قبل عدة أشهر. ولكن بينما بقيت الحدود بين إسرائيل ولبنان هادئة منذ عام 2006، ستكون أي حرب قادمة محتملة مع «حزب الله» صعبة للغاية لكلا الجانبين. وستكون على الأرجح أقصر من الحرب اللبنانية السابقة وستحقق إسرائيل مهمتها. ولكن يجب على “جيش الدفاع الإسرائيلي” أن يبذل قصارى جهده لتجنب الحرب في سبيل تحقيق مصلحة كلا الشَعْبيْن.

وعلى الساحة الفلسطينية، تهدد «حماس» إسرائيل باستمرار بشن هجمات إرهابية، وقد تَطوَّرَ وضعٌ حساس داخل “السلطة الفلسطينية”. ويتطلع “الجيش الإسرائيلي” وغيره من الأجهزة الإسرائيلية إلى توفير الأمن ومنع الإرهاب وفصل الإرهابيين عن عامة الشعب، لا سيما من خلال الحفاظ على التعاون مع قوات الأمن الفلسطينية. ويدرك الرئيس محمود عباس الحاجة إلى التعاون، لأن الاشتباكات ستتواصل من دون وجود مثل هذا التعاون. وبينما يبدو أنه سيكون من الصعب تحقيق أي اتفاق شامل بين إسرائيل والفلسطينيين في المستقبل القريب، فلا بد من اتخاذ إسرائيل خطوات من أجل استقرار التعاون وتعزيزه.

وفي غزة، يستمر الإرهاب على طول الحدود مع إسرائيل. وهذه ليست تظاهرات؛ ولكن ثمة طاقة عدوانية كبيرة تحفّزها جهود «حماس» للتسلل إلى إسرائيل. ونفّذ الطرفان عدة جولات من إطلاق القذائف وغيرها من الأعمال العدائية في الآونة الأخيرة، مما يجعل غزة الجبهة الأهم التي تواجهها إسرائيل من حيث الأوضاع المتفجرة. ويكمن الهدف الأساسي في ردع «حماس» وتحسين الوضع الأمني، بالإضافة إلى التوصل إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد وإعادة المدنيين والجنود الإسرائيليين الذين اعتقلتهم «حماس» إلى ديارهم. وبذلت إسرائيل جهوداً ملحوظة لتحقيق استقرار الوضع في غزة من خلال دعم النمو الاقتصادي. ففي النهاية، من مصلحة إسرائيل أن ترى مناخاً مختلفاً يسود في الضفة الغربية وغزة.

ومهمة أخرى لـ “الجيش الإسرائيلي” هي محاربة عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية» في الشرق الأوسط. وقد حققت العملية التي قادتها الولايات المتحدة ضد هذه الجماعة نصراً حاسماً في العراق وسوريا، ولكن ظاهرة تنظيم «الدولة الإسلامية» ما زالت قائمة.

لقد مرّت خمس سنوات من دون أن تدخل إسرائيل في صراع كبير أو حرب كبيرة. وفي الوقت نفسه، تواجه الآن ما يصل عدده إلى أربع جبهات مترابطة وقابلة للانفجار. ففي الماضي، كان الجيش يستعد إما للحرب أو يخوض الحرب. ولكن في السنوات الأخيرة، طوّر “الجيش الإسرائيلي” مفهوم “الحملة بين الجدران”، التي تهدف إلى أخذ المبادرة ومحاربة العدو بطريقة حذقة وبصورة غير بارزة.

هناك شخصيتان تاريخيتان استطاعتا تسليط الضوء على التحدي الذي تواجهه إسرائيل مع الدول المجاورة لها وهما: زئيف جابوتينسكي الذي كتب في مقالة “الجدار الحديدي” أن السلام لن يكون ممكناً إلا حين يفهم العرب أنهم لن يستطيعوا إلحاق الهزيمة بإسرائيل باستخدام القوة، وديفيد بن غوريون الذي أشار إلى أنه، رغم عدم قدرة إسرائيل على تحقيق نصرٍ حاسم باستخدام القوة، ستُمحى دولة إسرائيل من الوجود بدونها.

أما بالنسبة للولايات المتحدة، فتشكّل علاقة إسرائيل مع واشنطن مصدراً لإظهار القوة في الشرق الأوسط، وهي علاقة تتميز بالتعاون الكامل. ورغم انخراط روسيا الآن بشدة في سوريا المجاورة، إلا أن هناك تدابير أمنية معمول بها تسمح باستمرار حرية التصرف الإسرائيلية. ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى اجتماعٍ عُقِد في عام 2015 بين الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والذي تمكّنت فيه إسرائيل من تنفيذ أنشطة في سوريا على مدى السنوات الثلاث الماضية، بينما تجنبت في الوقت نفسه من إحداث احتكاك كبير مع القوات العسكرية الروسية. وعلى وجه الخصوص، يدرك الروس أنه إذا علمت إسرائيل بعمليات انتشار إيرانية ضمن 100 كيلومترٍ من حدودها، فإنها ستتمتع بحرية كاملة للتصرف. لذا من الصعب جدّاً رؤية التقدّم المحرَز في المسائل السورية الأخرى من دون التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا.

وأقامت إسرائيل أيضاً تعاوناً عسكريّاً وثيقاً مع بلدين مجاورين لها هما اليونان وقبرص. وعلاوةً على ذلك، تولي أهمية كبيرة لمعاهدة السلام المستمرة مع مصر – وهي دولة طوّرت علاقةً عسكريةً قويةً مع بلدٍ آخر تجمعه بإسرائيل معاهدة أخرى منذ زمن وهو الأردن. ووفّرت التهديدات التي يطرحها كلٌّ من تنظيم «الدولة الإسلامية» وإيران فرصاً جديدةً للتعاون مع القاهرة. وانطلاقاً من هذه المرحلة، يجب تحسين العلاقات بين الشعبين الإسرائيلي والمصري. فبإمكان إسرائيل أن تساهم بالكثير في مصر، انطلاقاً من الزراعة ووصولاً إلى التكنولوجيا.

وبعد سبعين عاماً من الاستقلال، يشكّل موقع إسرائيل الاستراتيجي نقطة قوة. ويهدف “جيش الدفاع الإسرائيلي” إلى ردع الأعداء وإبراز قوة إسرائيل على المستوى العالمي، الأمر الذي سيعزز بدوره استقرار البلاد وتطورها.

 

(المحاضرة التذكارية لإحياء ذكرى زيئيف شيف حول أمن الشرق الأوسط لعام 2019… معهد واشنطن.. أعدت هذا الملخص باسيا روزنباوم… حول سلسلة المحاضرات السنوية التذكارية لإحياء ذكرى زيئيف شيف…)

 

السابق
بالتفصيل.. هكذا تراقب أميركا موارد حزب الله في لبنان
التالي
ما هي شبكة «السلام 313» العراقية؟