إيران والضربة القاضية

ايران

من بعيد يبدو المشهد اللبناني والمنطقة اكثر قرباً، وبالتحديد الوضع الإيراني وحزب الله على المستوى السياسي والشعبي وتطوراته بعد العقوبات الاميركية القاسية والمتطورة الى حد ارتفاع منسوب الكلام عن احتمال مواجهة عسكرية في اية لحظة مع ايران.

من جهة ترسل الولايات المتحدة الى المنطقة احدث تقنيتها العسكرية الهجومية و بوارجها الحربية دون ان تمد اية “جزرة” مغرية لايران للبدء في حوار ما. مما يؤكد جدية المواجهة.

وايران بدورها تسعى بشغف الى استكمال شروط المواجهة مع اميركا.

هذه المواجهة التي مازالت تحلم بها منذ انطلاق «خمينيتها» . كي تتوج فصلاً جديداً من فصول ثورتها المبنية على تكريس العداء “للشيطان الاكبر” وحليفته «اسرائيل».

وهي بحاجة ماسة لهذه المواجهة كي تنتقل بوضعها الداخلي الاقتصادي والسياسي الى مرحلة التبريرات امام شعبها الغارق بالفقر والانتفاضات نتيجة العقوبات والمغامرات العسكرية في سوريا واليمن وغزة ولبنان.

وتأتي دعوة الرئيس الايراني حسن روحاني إلى «الوحدة بين الفصائل السياسية في البلاد لتجاوز الظروف التي قال إنها ربما تكون أصعب من أوضاع البلاد خلال الحرب مع العراق في الثمانينات»، واضاف «ضغوط الأعداء حرب غير مسبوقة في تاريخ ثورتنا… لكني لا أيأس ولدي أمل كبير في المستقبل وأعتقد أننا يمكن أن نتجاوز تلك الظروف الصعبة شريطة أن نتحد». هذا الكلام يشير الى ان القيادة الايرانية تدرك تماماً مدى صعوبة وجدية وضعها الحرج في المرحلة القادمة، سواء تمت الضربة ام تم تأجيلها لبعض الوقت لأسباب تتعلق بالقرار الاميركي.

جميع التحليلات القادمة من الغرب تشير الى حتمية الضربة.

اقرأ أيضاً: هل نحن أمام سياسة أميركية جديدة لردع إيران؟

تحت عنوان «سياسات ترامب الحمقاء تجعل الحرب مع إيران أقرب» نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية مقالا يناقش خيارات طهران الصعبة ضد سياسات واشنطن التي تدفع المنطقة إلى مواجهة شاملة.

وحسب الصحيفة، فإن الساسة الإيرانيين السلطويين والقمعيين يجب أن يغيروا سلوكهم، لكن دونالد ترامب ومستشاريه يصرون على أن يفعل الإيرانيون بالضبط كل ما تقوله الولايات المتحدة وما يصب في مصلحتها، وهو بالتحديد إنهاء 40 عاما من التحدي الذي بدأ بعد الثورة الإيرانية، فما يريدونه هو تغيير النظام في إيران.

وتعتقد الصحيفة أن القيادة الإيرانية تواجه حاليا ثلاثة خيارات: الاستسلام أو الانتظار أو المقاومة، مضيفة أن الاستسلام ليس خيارا حقيقيا على الإطلاق، فالرئيس المعتدل حسن روحاني وحلفاؤه الأساسيون مثل وزير الخارجية جواد ظريف، لن ينجو من تبعات هذا النوع من الانسحاب الاستراتيجي والإقليمي الشامل الذي يطالب به الأمريكيون.

وحسب الغارديان، فإنه من غير المرجح أن يكون لدى الأمريكيين خطة لإيران ما بعد انهيار النظام، مثلما افتقدوا مثل هذه الخطة للعراق عام 2003. ونظرا إلى تلك السابقة الكارثية، تضيف الصحيفة، يتوجب على جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي ومهندس العراق الغزو، أن يفكر مليا قبل تكرارها، كما يجب عليه وغيره من «المتلاعبين قصيري النظر» أن يحذروا مما يتمنونه.

وأي محاولة لحل وسط ستستغلها المؤسسة الدينية بقيادة المرشد الأعلى أية الله علي خامنئي والأصوليون اليمينيون والحرس الثوري المتنفذ لضرب بقايا المعسكر الإصلاحي.

موقع إلكتروني محسوب على الاستخبارات الإسرائيلية، افاد بأن حراك واشنطن لتعزيز قواتها في الشرق الأوسط يهدف لصد هجوم إيراني عراقي محتمل على قاعدتها في التنف بسوريا والرد عليه.

وذكر موقع «ديبكا» العبري المحسوب على الاستخبارات الإسرائيلية، في تقرير حصري نشر السبت استنادا إلى أقوال مصادر عسكرية واستخباراتية، أن سبب الإجراءات الأمريكية الأخيرة المعادية لإيران، وبينها زيارة مفاجئة قام بها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو للعراق الثلاثاء الماضي، وإرسال سفن حربية أمريكية إلى الخليج ونشر صواريخ «باتريوت» وقاذفات «بي-52 « النووية في المنطقة وتحذير بومبيو إيران وو»كلائها مهما كانت هويتهم» من مهاجمة المصالح الأمريكية وتهديدها برد سريع وحاسم، سببه زيادة المعلومات الاستخباراتية التي تلقاها قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال كينيث ماكنزي ومفادها أن حركة «عصائب أهل الحق» العراقية بزعامة قيس الخزعلي تستعد لمهاجمة القاعدة الأمريكية في منطقة التنف الواقعة عند مثلث الحدود العراقية السورية الأردنية.

وبحسب الموقع، كانت هذه المعلومات الاستخباراتية موضوع المناقشة الرئيسي في اجتماع سري طارئ عقد يوم 29 أبريل الماضي في مقر وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.

وحضر الاجتماع كل من وزير الخارجية مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي جون بولتون، ووزير الدفاع بالوكالة باتريك شاناهان، ورئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأمريكية جوزيف دانفورد، ومديرة وكالة المخابرات المركزية جينا هاسبيل، ومدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية دان كوتس.

تحت عنوان «إيران وقعت في الفخ الأمريكي في سوريا»
، كتب ألكسندر سيتنيكوف، في «سفوبودنايا بريسا»، حول تجلي الضعف الذي يعانيه الجيش الإيراني، من خلال الخسائر التي تكبدها في سوريا، ما يشجع واشنطن على ضرب إيران.

«ومنه، فحتى بالعين المجردة، يمكن رؤية الثغرات التي تعاني القوات المسلحة الإيرانية. فبالحكم على الخسائر الفادحة في سوريا، يتضح أن جيش طهران ليس على مستوى التحديات الحالية. وقد وصل المحلل العسكري في صحيفة الشرق الأوسط، حميد زمردي، إلى استنتاج، مفاده أن التجربة السورية، مثال مدرسي على سوء التخطيط (الإيراني) والقيادة غير الاحترافية. وأشار إلى عدم التنسيق بين الوحدات، والتخفي الشديد السوء وعدم القدرة على استخدام الطائرات الهجومية لدعم مشاة الدفاع أو الهجوم، كما يتضح من الخسائر الفادحة في صفوف الضباط.»

ايران بحاجة الى قافلة حديثة من “الشهداء” لتعلن انها جديرة بمواجهة العدو الأكبر .
ان فكرة الجمهورية الاسلامية في احد جوانبها مبنية على مبدأ العداء لاميركا.

ومع انها تملك الكثير من الصواريخ الا انها تستحوذ على القليل من الاصدقاء الذين قد يشكلون لها حلقة دعم معينة في اللحظات الحرجة.
المصالح الروسية في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط اوسع من حلقة ايران الضيقة، وإعمار سوريا ومغازلة لبنان وصداقة اسرائيل سوف تكون في اولويات هذه المصالح متى حان وقت خروج حزب الله وايران بشكل كامل من سوريا ، فروسيا تريدها نظيفة من احلام المرشد وحزب الله كي تكون قاعدة للاسثمارات في المنطقة.

اما لغة الصواريخ فقد تنفع في الالعاب الصغيرة “التكتيكات” كمواجهات غزة وتهديدات حزب الله.

ولكن هل تكون الضربة المحتملة سبباً في ازاحة النظام الحالي في ايران؟
بالتأكيد لا.. ولكنها ستعيق احلامه ، وسوف تخلق وضعاً اكثر ارباكاً على المستوى الداخلي، وبالتأكيد ايضاً سوف تكون ردود فعلها الايرانية اكثر دموية عبر الزج بحزب الله وغزة بالمواجهات كحرب استنزاف تخلق ارباكاً مماثلاً في المنطقة.. وسوف يقتصر على فترة محدودة في حال جفاف التمويل واستمرار الخيار الواحد ، وهو ايران دولة نظيفة غير داعمة للإرهاب ولا تشكل تهديداً لدول المنطقة .

الحرب التي تسعى اليها ايران مع الولايات المتحدة هي فعلاً احلام غبية، تصدر من رجال لغتهم الخطابية تجاوزها الزمن وان كانت اوسمتهم تقتصر علىى مدى الولاء للمرشد الاعلى.

لقد حان الوقت ان تبحث دول العالم الحضاري عن طريقة فعالة للتخلص من هذا النظام المغامر المتهور في ايران.

وان كانت الضربة المحتملة تتم بادوات اميركية فهناك صمت اممي بالغ تجاه مايجري بالقرب من شواطىء ايران . هذا الوضع يشبه الى خد بعيد جميع المواجهات التي خاضتها الولايات المتحدة في العالم، من افغانستان الى حرب العراق الى معركة القضاء على داعش . حيث شاركت معظم الدول في المواجهات بنهاية المطاف.

دول المنطقة والعالم والحضارة الانسانية بحاجة الى ايران ديمقراطية تتمتع فيها الاقليات بالحقوق الكاملة تتعايش مع جيرانها بسلام خارج العدوانية والأحلام التوسعية التي سقطت افكارها ولا يمكن ترويجها الا عبر التضليل المذهبي والاجتهاد الملتبس.

السابق
العقوبات الأمريكية على إيران: روحاني يدعو القوى السياسية في بلاده إلى «الوحدة»
التالي
إيران ومصيدة التصعيد