ثماني سنوات تكفي

في الاسابيع التالية سيحاول بنيامين نتنياهو – الذي تلقى من رئيس الدولة روبين ريفلين التكليف بتشكيل الحكومة – تشكيل ائتلاف وبلورة اغلبية برلمانية متماسكة تسمح باقامة الحكومة الـ 35. هذه الحكومة ستكون حكومة نتنياهو الخامسة، والرابعة على التوالي. فالولاية المتواصلة لنتنياهو في منصب رئيس الوزراء، الى جانب الاضرار التي تخلقها في المجال السياسي والامني الذي تسير فيه الدولة، الشرخ الاجتماعي وتشوش المعايير العامة للتمسك بقيم سلطة القانون، تخلق ايضا تشوها في المعايير السلطوية نفسها وبمفهوم الثقافة السياسية.
في الولاية الاخيرة اتخذ نتنياهو لنفسه علائم الحكم الملكي، سواء من ناحية تركيز الصلاحيات واتخاذ القرارات في يديه وفي أيدي مقربيه أم من ناحية اسلوب سلوكه وسلوك ابناء عائلته، الذين بدأوا يرون أنفسهم بانهم فوق الشعب. وعليه فمن الحيوي ان يتثبت مرة اخرى الفهم بان الولاية العامة الارفع هي وديعة مؤقتة تودع في يد المنتخب كي يخدم الجمهور على مدى فترة محددة.

اقرأ أيضاً: كيف نفهم سياسة «الرفيق» بوتين؟

في دول عديدة يتضمن الدستور مادة تقضي بالتحديد الزمني لولاية رئيس الدولة، او بعدد من الولايات. هكذا ايضا في الولايات المتحدة، حيث يتقرر في تعديل 22 للدستور بان “من حق الرئيس ان يتولى منصبه لثماني سنوات فقط، اي لولايتين. وفي اسرائيل ايضا ظهرت مادة مشابهة في القانون الاساس: الحكومة حين اتخذت الانتخابات المباشرة لرئاسة الوزراء، ولكنها اختفت من صيغة القانون الاساس مع العودة الى طريقة الانتخابات البرلمانية في 2001. ونتنياهو نفسه هو الاخر، حين كان رئيس وزراء في 1997:”كنت ممن بادروا ودفعوا باتجاه القانون للانتخاب المباشر، وطلبت أن تدخل الى هناك مادة معينة وقلت انه لا يمكن لرئيس الوزراء ان يتولى اكثر من ولايتين”.
يوم الاثنين وضعت كتلة أزرق أبيض على طاولة الكنيست مشروع قانون يسعى الى تعديل القانون الاساس للحكومة وتقييد عدد الولايات المتوالية لرئيس الوزراء. ان تقييد مدة ولاية رئيس الوزراء لا يقوض إرادة الناخب لان في اسرائيل لا يتم انتخاب رئيس وزراء بل انتخاب الاحزاب للكنيست، والكنيست تعطي الثقة للحكومة، والتي يكون فيها رئيس الوزراء هو الاول بين متساوين ليس الا.
ان تبادل الحكم هو قيمة هامة في الديمقراطية. وتقييد ولاية رئيس الوزراء بولايتين سيساهم ايضا في الاستقرار السلطوي إذ سيلغي الدافع القائم اليوم لدى رئيس الوزراء “الاندفاع” الى انتخابات سريعة في توقيت مريح له من ناحية سياسية، في الوقت الذي لا يكون فيه خصومه من حزبه ومن الاحزاب الاخرى جاهزين ودون اي صلة بمصلحة الجمهور او الدولة. يجدر بهذا المشروع ان يتخذ بدعم جارف من عموم كتل المجلس.

السابق
عقدة الحكم عند الشيعة
التالي
الدراما التاريخية تزدهر… والأسباب سياسية!