«مزارع شبعا» لبنانية باعتراف سوري وإسرائيلي.. وإيران ترفض انسحاب إسرائيل منها!

مزارع شبعا
بعد تصريح رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط من على منبر قناة روسيا اليوم بأن "رأيه" أن مزارع شبعا ليست لبنانية، دون سؤاله عن ذلك، توالت ردود الفعل الداخلية على ذلك، وسط تساؤلات عن توقيت هذا "الرأي" الذي لطالما سمعناه على لسان البعض بين فترة وأخرى.

يملك الحزب التقدمي الإشتراكي خرائط، يلوح بالكشف عنها لاثبات صحة كلام جنبلاط، إلا أنه اذا أردنا اعتماد الخرائط كمقياس لتحديد هوية المزارع، فهناك العديد من الخرائط التي تحمل تواريخ مختلفة بامكانها أن تدحض الخرائط الأخرى، ولكن بعد إثارة الموضوع من جديد، تعود التساؤلات المحلية عن هوية المزارع في قصة تشبه قصة البيضة والدجاجة ومن أتى قبل، فهل المزارع لبنانية؟

في هذا الشأن، تؤكد المراسلات الخارجية مع الدولة اللبنانية وغيرها من القرائن لبنانية مزارع شبعا، لا سيما بعد ما جرى ترسيم الحدود بين لبنان وسورية في تلك المنطقة عام 1943، إضافة الى المواقف الرسمية السورية الموثقة بالصوت والصورة.

من هذه المواقف السورية، يأتي كلام رئيس النظام السوري بشار الأسد الذي قال في أحد خطاباته أن مزارع شبعا لبنانية، ولكنه شدد على نقطة ترسيم الحدود والاعتماد على الخرائط التي تعكس الأرض، إلا أنه ربط ذلك بانسحاب اسرائيل من المنطقة.

اقرأ أيضاً: حزب الله: من مزارع شبعا الى هدية «الرفات» ليس هناك ما يستدعي «المقاومة»

وكان النائب السابق للأسد فاروق الشرع قد أكد سابقاً بأن سوريا تدعم ادعاء لبنان بأن مزارع شبعا لبنانية، أما وزير خارجية الأسد وليد المعلم فقد قال وكرر أكثر من مرة أن المزارع لبنانية، وأشار الى أنه على اسرائيل الانسحاب منها ومن كل شبر من الأراضي اللبنانية.

ووفقاً لهذا الكلام، تحرك لبنان سابقاً للأخذ من دمشق الخرائط والوثائق التي تؤكد ذلك، للشروع في ترسيم الحدود، وتجسد هذا التحرك بالزيارة التي قام بها الرئيس سعد الحريري الى دمشق في أوّل حكومة ترأسها عام 2009 والتقى خلالها الأسد، بعد ضغوط دولية على الأول، ووعود بحل الأمور العالقة بين البلدين، ومن بينها قضية مزارع شبعا وتثبيت لبنانيتها.

في هذه الزيارة، وبعد كلام رسمي دولي صرح به أمين عام الأمم المتحدة آنذاك بان كي مون مفاده بأن على لبنان الحصول على رسالة خطية من سورية تثبت لبنانية المزارع بعد ما لوحظ غياب المزارع عن خرائط لبنان الرسمية، ترأس الحريري حينها مع نظيره السوري محمد ناجي العطري، الاجتماع المشترك للهيئة اللبنانية – السورية، الّذي أدّى إلى تعديل 24 اتفاقية من مجموع الاتفاقيات المعقودة بين البلدين، وعددها 42، إضافة إلى البحث في تشكيل لجنة فنية مشتركة توكل إليها مهمة ترسيم الحدود.

إلا أن هذه اللجنة كان مصيرها البقاء شكلية بعد تنصل دمشق من موضوع ترسيم الحدود بحجة أن اللجنة التي ستكلّف بترسيم الحدود منصرفة إلى ترسيم الحدود السورية مع ​الأردن.

وثائق من عهد الإنتداب

في العودة الى ملف الخرائط والوثائق، هناك وثائق تعود الى حقبة الإنتداب الفرنسي، منها خريطة أرسلها أحد الضباط الفرنسيين الى قيادته عام 1937، يشرح فيها أن الحدود الفعلية بين لبنان وسوريا في منطقة مزارع شبعا تتبع مجرى وادي العسل، ويطلب تعديل الحدود المرسومة على الخرائط الفرنسية لتتطابق مع الوثائق على الأرض.

وأظهرت مراكز أبحاث لبنانية وثائق تعود إلى عام 1937 و1939 تثبت أن سكان مزارع شبعا كانوا يدفعون ضرائبهم للدولة اللبنانية. وفي كتاب للعالم الجغرافي الإسرائيلي موشيه بريفر، ذكر أن هناك خريطتين فرنسيتين، تعودان لعامي 1932 و1946 تؤكدان لبنانية مزارع شبعا، إلا أن الخرائط الأحدث تُظهر أن المزارع جزء من سوريا. وهذا يعني أن حتى الجانب الإسرائيلي المحتل يعترف بلبنانية المزارع.

لماذا أثار جنبلاط الموضوع اليوم؟

من المعروف أن ما يشتهر به النائب السابق وليد جنبلاط هو صراحته وبراغماتيته بنفس الوقت، وهذه الخاصية في شخصيته السياسية طالت أيضاً رأيه بهوية مزارع شبعا.

فبين أعوام 2000 و2003، صرح جنبلاط مراراً وتكراراً بأن مزارع شبعا لبنانية، علماً أنه استند اليوم برأيه على ما يملك من وثائق حصل عليها بعد العام 2000، لكن اليوم يأتي تشكيكه بلبنانية المزارع كنوع من “الزكزكة” لحزب الله الذي يأخذ من المزارع المحتلة ذريعة للبقاء على سلاحه، علماً أنه لم يقدم اية خطوات عملية تساعد على تحريرها فعلياً.

اقرأ أيضاً: جنبلاط يواجه حزب الله وحده…

حزب الله وإذا عدنا بالذاكرة الى العام 2006 وطاولة الحوار التي أدارها الرئيس نبيه بري قبيل حرب تموز بأشهر، نستذكر أن الحزب عندما أثير ملف المزارع، رفض “ترسيم الحدود” مع سوريا لأنه يعتبر أن هذا المصطلح يستخدم مع الأعداء، وفضل حينها استخدام كلمة “تحديد”.

فحزب الله بملف المزارع يتعمق في التفاصيل لا بالجوهر، وهو من صالحه أن يقول أنها أرض لبنانية، وهي كذلك، لكن لا يناسبه انسحاب اسرائيل منها، وهذا ما كان قد صرح به رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة عن أن أول من اعترض على انسحاب اسرائيل منها ووضعها بعهدة الأمم المتحدة ليصار بعدها الى بت الأمر بين لبنان وسوريا، كان وزير الخارجية الإيراني، الذي قالها له بشكل صريح.

السابق
كيف نفهم سياسة «الرفيق» بوتين؟
التالي
الرئيس عون والسفيرة ريتشارد يزرعان «الشجرة المليون»