لماذا لا تستطيع إيران إغلاق مضيق «هرمز»؟

لطالما هدد النظام الإيراني بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي في الخليج العربي، الذي تمر عبره معظم إمدادات النفط العالمية، لكن هل بالفعل تستطيع إيران إغلاق المضيق؟

حسنا.. هناك حادثة رئيسية وقعت قبل 30 عاما قد تجيب على التساؤل.

عبر مضيق هرمز يسير شريان الطاقة إلى العالم، حيث تضخ صادرات النفط العربية إلى الأسواق، كما تبحر في مياه الخليج العربي قطع بحرية أميركية مهمتها الأولى تأمين هذا الشريان، وثانيا مراقبة تنفيذ العقوبات الصارمة على إيران التي أقتربت صادراتها النفطية من الصفر بعد إلغاء واشنطن للإعفاءات التي منحتها لبعض المتسوردين.

وقبل أيام، قال قائد الحرس الثوري الإيراني علي رضا تانجيري إن إيران سوف تغلق المضيق إذا تم منعها من استخدامه لتصدير النفط.

ونقلت وكالة أنباء “فارس” عن تانجيري: “في حالة وجود أي تهديد لن يكون لدينا أدنى شك في قدرتنا على حماية المياه الإيرانية والدفاع عنها”.

ولكي تنفذ إيران تهديداتها نظريا، يلزمها قوة عسكرية تقوم بشكل خاطف بإغراق سفن في أضيق مسار بالمضيق كي تعيق حركة السفن، أو نشر ألغام بحرية بكثافة تجعل من الصعب على السفن التجارية تجاوزها.

أما عمليا، فإن حادثة واحدة فقط يمكن أن تجيب على ما إذا كانت طهران قادرة على تحمل عواقب أي عمل يشكل خطرا على السفن الحربية أو التجارية في الخليج العربية.

اقرأ أيضاً: كيف ستساهم العقوبات الأمريكية في إضعاف نفوذ إيران في الشرق الأوسط؟

“عملية فرس النبي”

ففي 14 أبريل عام 1988، كانت فرقاطة الصواريخ الموجهة الأميركية “يو إس إس صامويل روبرتس” تبحر خلال مهامها في حماية ناقلات النفط ضمن مهمة أطلق عليها “إرنست”، قبل أن تصطدم بلغم بحري أحدث انفجارا كاد أن يغرق الفرقاطة بعد أن أحدث ثقبا بقطر 4.5 متر في هيكلها.

وتمكنت البحرية الأميركية من إنقاذ الفرقاطة وسحبها، لكن عملية بحث وتحقيق أفادت بأن الأرقام المتسلسلة على الألغام التي عثر عليها تشير إلى أنها إيرانية، لتبدأ في غضون أربعة أيام فقط عملية انتقامية لا تزال ماثلة للأذهان كدرس أميركي للنظام الإيراني.

أطلق الأميركيون على العملية العسكرية “براينغ مينتيس” (بالعربية: فرس النبي) نسبة إلى الحشرة الخضراء الشهيرة.

وأنطلقت العملية العسكرية في 18 أبريل عبر مجموعة من السفن الحربية الأميركية السطحية، بالإضافة إلى قوة جوية من حاملة الطائرات “يو إس إس إنترپرايز”، والطراد “يو إس إس تركستون”.

ومع نهاية العملية، كانت البحرية الأميركية وقواتها الجوية قد دمرت منشآت بحرية واستخباراتية إيرانية على منصتي نفط، وأغرقت على الأقل 3 زوارق سريعة إيرانية مسلحة وفرقاطة واحدة وزورق هجومي، كما أصيبت الفرقاطة الإيرانية سابالان في العملية، لتفقد إيران بحسب مصادر أميركية، نصف الأسطول العملياتي في هذه المعركة، كما قتل في الاشتباكات 55 عنصرا في البحرية الإيرانية.

وكانت هذه المعركة الوجيزة، واحدة من 5 اشتباكات بحرية كبيرة خاضتها الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، وتتضمن معركة چومونچين چان أثناء الحرب الكورية، وحادثة خليج تونكين ومعركة دونك هوي أثناء حرب ڤيتنام، والاشتباكات في خليج سدرة الليبي عام 1986.

وبسبب التوتر الشديد الذي أعقب العملية العسكرية، أسقط طراد أميركي طائرة مدنية إيرانية فوق الخليج في الثالث من يوليو عام 1988، بعد ورود معلومات خاطئة بأنها طائرة عسكرية، وأودى الحادث بحياة 290 شخصا.

اقرأ أيضاً: العقوبات الأميركية على حزب الله: التطويع و«التهذيب»

استيعاب الدرس

وبينما كانت العملية “فرس النبي” درسا عسكريا قاسيا للنظام الإيراني، فإن حادثا وقع في عام 1986 لم يكن كافيا لتحذير الإيرانيين.

ففي أكتوبر من ذلك العام، قصفت إيران “سي أيل سيتي” ناقلة النفط الأميركية التي كانت ترفع العلم الكويتي، وهو ما استدعى تنفيذ البحرية الأميركية لعملية أطلقت عليها “الرامي الرشيق”، دمرت خلالها منصتي نفط لإيران.

ومنذ ذلك الحين، والتهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز لا تتعدى الألفاظ، في حين يضع القادة الإيرانيون في اعتبارهم “فرس النبي” كنتيجة غير مرغوبة لأي عمل قد يقدمون عليه في مياه الخليج العربي الذي قد يتسبب في حرب، هي آخر ما يريدونه في ظل وضع اقتصادي متدهور وتململ شعبي في الداخل.

السابق
بومبيو: إيران تتدخل في شؤون لبنان وتزعزع أمن العراق
التالي
وزير التربية: غدا يوم تدريس عادي