عن محاربة الفساد بانتهاك السيادة!

أعجب كيف لمن يستبيح الحدود وينتقل عبرها كما يشتهي ويشاء، ويستخدم نفوذه لتمرير عناصر ومجموعات وغير ذلك من الداخل الى الخارج ومن الخارج الى الداخل، ثم يتحدث عن اعلان الحرب على الفساد في البلاد التي هو نفسه لا يحترم سيادتها ولا يقر لها بحق ممارسة هذه السيادة عليه؟

اللعب بالعقول ومحاولة صنع حقيقة غير مقبولة والقول أنها الواقع والشرعي والحقيقي، لا يمكن لهكذا منطق أن يدوم، الا اذا كان القصد منه تدمير الدولة وانهائها لصالح حكم الميليشيات والمافيات وترك المجتمع فريسة له.

ما يدّعيه حزب الله من حرب على الفساد، وادعائه الطهارة من هذا النجس، هو أول من يجب أن يُسأل بشأنه.

أن يقول امين عام حزب الله في احد خطبه قبل سنوات  وفي اكثر من مرة على الأرجح، أن الأموال تأتينا من ايران بالاكياس وليس عبر البنوك، وهذا يفترض من رجل يهتم بتطبيق القانون وبسيادة الدولة، أن يلتزم بدفع حقوق الدولة من هذه الأموال، فالضريبة التي تستحق على عشرات الاف الرواتب التي تدفع للمحازبين هل تخضع لضريبة الدخل أو لضرائب وزارة المالية؟ أو غيرها من العوائد التي تستحق للدولة ووزارة المالية؟

اليس التهرب من دفع الرسوم المتوجبة للدولة في هذا الشأن يندرج تحت عنوان الفساد؟

يعرف الكثيرون أن عمليات التهريب على الحدود بين لبنان وسوريا تجري على عين المجاهدين والمقاومين، واغراءات التهريب وارباحه أوقعت كثيراً من الحزبيين وغيرهم بفتنة المال، وكل ذلك يتم على مرأى من حزب الله من دون أن يتخذ أي موقف ضد هذا السلوك المدمر للاقتصاد، والممعن في الفساد والافساد، ذلك أن كرامة حزب الله ووطنيته التي لم تسمح له بالوقوف متفرجا أمام احتمال تمدد الإرهاب الى لبنان، فجنّد الآلاف للقتال في سوريا، يفترض ان هذه الكرامة الوطنية تجعله اشدّ بأساً حيال المسّ بالاقتصاد والمال العام من قبل المهربين، سواء كانوا من حزبه أو من خارجه سواء كانوا حلفاء أو مناصرين.

اقرأ أيضا: في موقف مستهجن لأبو صعب من الجنوب: لا للاستراتيجية الدفاعية

انتهاك السيادة رأس الفساد، وغطاء لكل المخالفات القانونية التي تجري داخل أروقة السلطة واداراتها، لأن السكوت عن انتهاك السيادة والتعامل مع هذا الحال باعتباره واقعا يجب التآلف معه وقبوله، هو ما يجعل السلطات الرقابية والقضائية أمام مأزق عدم القدرة على تطبيق القانون على الجميع، وبالتالي يدفعها نحو العزلة ويهزّ هيبتها ويخل بقدرتها على القيام بواجبها هذا في الحدّ الأدنى، فيما بعضها يتحول الى وسيلة لتغطية كل المخالفات التي تريد اطراف السلطة تغطيتها.

مكافحة الفساد تبدأ من اعتبار أن مال الدولة كما سيادتها على أرض الوطن ومؤسسات الدولة ومعابرها الحدودية، ثوابت وطنية لا تُمسّ، ومن يمسها هو الفاسد والمفسد الذي يجب أن يعاقب بأشد الأحكام القضائية والأخلاقية والوطنية.

السابق
عقوبات اميركية ضد وائل بزي وحسن طباجة وشركات بتهم تمويل حزب الله
التالي
21 دولة حليفة لواشنطن ترفض طلبها إرسال قوات إلى سوريا