حزب الله: من مزارع شبعا الى هدية «الرفات» ليس هناك ما يستدعي «المقاومة»

مزارع شبعا
أمران غابا عن خطاب حزب الله ويثير صمته حيالهما الاهتمام الى حدّ الريبة، الأول يتصل بموضوع تحرير مزارع شبعا، والثاني يتصل بالصمت حيال خطوة تسليم رفات الجندي الإسرائيلي من سوريا الى إسرائيل بوساطة روسية. وهذا مما لايجب أن يفوت ذكره لدى حزب الله وقيادته الذي يعرف عن نفسه بمصطلح "المقاومة الإسلامية" أو "المقاومة".

في الأولى أي في مسألة مزارع شبعا، فإن إعلان الرئيس الأميركي الاعتراف بضم الجولان الى إسرائيل، ينطوي كما هو معروف على خطر يمسّ لبنان في زاوية الجولان اللبنانية أي مزارع شبعا، لا نريد أن نلاحق حزب الله على ما فعله في مواجهة هذه الخطوة المتصلة بالجولان، سيما أنه قاتل في سوريا ولا يزال المشروع الصهيوني التكفيري، وافتتح أكثر من طريق الى القدس في الأراضي السورية، وانتظر الكثيرون منه أنه سيستمر في شق طريق القدس ومن الجولان نفسه. لنطوي هذا التساؤل وندخل في صلب الموضوع اللبناني، أي مزارع شبعا التي يتذكر اللبنانيون كيف تحولت هذه المزارع الى قميص عثمان في خطاب حزب الله، لتبرير المحافظة على سلاحه منذ العام 2000 أي تاريخ تحرير الجنوب وانسحاب إسرائيل، ويتذكر اللبنانيون أن الأمم المتحدة طالبت الحكومة السورية بخارطة رسمية للحدود مع لبنان تظهر أن مزارع شبعا لبنانية لتضم الى القرار 425 الذي تدعي إسرائيل انها نفذته، لكن النظام السوري لم يقم بهذه الخطوة، وبقي الممانعون يربطون بقاء السلاح بتحرير مزارع شبعا، التي رفضت سوريا عمليا تسهيل عودتها الى لبنان، وبقي حزب الله ينادي ليل نهار بتحريرها من دون ان يبذل أي جهد حقيقي مع حليفه الأسد ليأخذ منه صكاً بلبنانيتها.

اقرأ أيضاً: نصر الله يتبرَّم من «الانتقاد» ويتناسى ما فعله حزبه بالآخرين

لم يستفز حزب الله الذي له ما له من تأثير، ان لم يكن تحكم بالقرار اللبناني، على الأقل التحكم في القضايا المتصلة بالعدو الإسرائيلي، أيّ رد فعل يوازي الخطوة الأميركية، لم يهدد ولم يتوعد العدو ومن وراءه، لم يقم بأي عمليه سياسية مع من حماه وسانده ضد شعبه، أي الرئيس الأسد، من أجل الحصول على وثيقة سورية رسمية تثبت لبنانية المزارع، فضلا أنه لم يقم بأي خطوة عسكرية أو أمنية يؤكد من خلالها أن سلاحه فعلاً كما قال هدفه تحرير مزارع شبعا، المقاومة الحقة من أجل تحرير المزارع طريقها معروف، موقف سوري رسمي يساند موقف لبنان المقاوم، وسعي دبلوماسي لبناني لتوثيق لبنانية المزارع، وعمل عسكري لتحريرها فيما لو رفضت إسرائيل الانسحاب.

كل ذلك لم يحصل، بل ثمة صمت مريب يؤكد أن تحرير المزارع ليس من أولويات حزب الله، ولا من اهتمامات حلفائه الذين امسكوا بالرئاسة ووزارة الدفاع، ووزارة الخارجية.
في الثانية، أي الصمت حيال تسليم رفات الجندي الإسرائيلي من قبل سوريا عشية الانتخابات الإسرائيلية، ك”حبة مسك” بعد اعلان الرئيس الأميركي اعترافه بسيادة إسرائيل على الجولان، وعدم تعليق أمين المقاومة وقائدها على هذه الخطوة المستفزة، فهي لم تتم  بناء على عملية مقايضة ضمن صفقة تبادل بين تحرير اسرى سوريين وعرب موجودين في السجون الإسرائيلية مقابل رفات جندي إسرائيلي، بل كما أشرنا وكما يقال في العامية “حبة مسك” فوق هدية الجولان وفي اعقابها، كل ذلك لم يثر اهتماماً لدى حزب الله وقيادته، ولم يمسس مشاعرهم المقاومة، ولا أثار ريبة لديهم من سلوك حليفهم الذي قدموا له الدماء كرمى لبقائه في سدة السلطة السورية، لأنه كما يقولون ويصفون هو نظام ممانع ومقاوم.

اقرأ أيضاً: الكلام المنقول عن نصرالله بين النفي والترجيح.. والـ«بروباغندا»

هذا الصمت يؤكد مجددا أن المهم هو بقاء السلاح، اما السيادة واستعادة الأرض فهي ليست الا ذرائع من أجل السلطة والنفوذ، مزارع شبعا محتلة وكرامة الممانعة والمقاومة يجري انتهاكها كل يوم، ليس عبر هدية الرفات فحسب، بل من خلال عشرات الضربات الجوية الإسرائيلية التي طالت وتطال مواقع إيرانية ولحزب الله على امتداد الأراضي السورية، ولكن الجواب هو الصمت والصمت..
في خطابه الأخير وجد السيد حسن نصرالله مساحة للرد على ما قالته جريدة الراي الكويتية وعلى ما نقلت عنه بأنه يتوقع حصول حرب مع اسرائيل، لكنه لم يجد ربما في موضوعي مزارع شبعا ورفات الجندي الإسرائيلي  مساحة تستحق ذكرهما في خطابه “المقاوم”.

السابق
محكمة الجنايات أصدرت حكمها في حق لبناني وفلسطيني في مقتل ظماطا
التالي
عقوبات اميركية ضد وائل بزي وحسن طباجة وشركات بتهم تمويل حزب الله