لماذا يبني حزب الله «المجمعات الدينية» وما تأثيرها على الحالة الشيعية ؟

استحدث حزب الله بعد حرب تموز 2006 المجيدة فريق ولاية الفقيه أكثر من أربعمائة مجمع ديني ثقافي في مختلف المناطق جنوباً وبقاعاً وبيروتاً وفي الضواحي والأطراف.

يقَدَّر الخبراء الكلفة الإجمالية لبناء هذه المجمعات بأكثر من ملياري دولار أمريكي، والتي أنفقت على شراء الأرض وإقامة مبانٍ من عدة طبقات تحت الأرض وفوقها تصل إلى عشرة طوابق تحت وفوق الأرض في مجموعها في غالب الأحيان وتشتمل على مسجد وحسينية وقاعات وشقق وأروقة وتوابعها.

وفي التسريبات التي وصلتنا أن الملياري دولار هذه أرسلتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد حرب تموز 2006 من أموال خزانة حرم الإمام علي بن موسى الرضى عليه السلام، ولا ندري ما الوجه الشرعي الفقهي في التصرف بأموال المراقد المطهرة لأهل البيت عليهم السلام بهذه الطريقة؟

وأفادت المصادر أن المبلغ الإجمالي الذي تم إرساله بعد الحرب المذكورة هو عشرة مليارات دولار، ملياران لإعادة إعمار ما هدمته آلة الحرب الإسرائيلية وثمانية مليارات لإعادة تسليح المقاومة بأحدث الأسلحة والعتاد الممكن. ولكن الذي يهوِّن الخطب أن المليارين المخصصين من المال الطاهر والنظيف لإعادة الإعمار تم صرفها في غير طريق طاهر وغير نظيف وهو غير طريق إعادة الإعمار المقرر لها من المانحين وتُرِكت إعادة الإعمار لتستنفد الهبة السعودية المودعة في المصرف المركزي يومها – والتي بلغت نصف مليار دولار أمريكي – والهبات الكويتية والقطرية والدولية عموماً .

ولم يكتفِ حزب الله بغصب أموال التعويضات الرضوية الطاهرة والنظيفة بل ثَنَّى باشتراط تسليم البيوت التي قامت شركة الوعد الصادق بإعادة تشييدها مما هدمته الحرب اشترط تسليمها بأن يقبض ممن هُدِّم بيته سبعون مليون ليرة لبنانية على دفعتين هي إجمالي ما دفعه صندوق المهجرين من المال السعودي والخليجي والدولي لقاء كل وحدة سكنية تم تدميرها في الحرب في حين يقول الخبراء أن كلفة بناء الوحدة السكنية الواحدة هو أقل من ذلك بكثير فلا حاجة لشراء عقار ولا ترخيص للبناء ولا دفع الجمرك على لوازم البناء هذا عدا التبرعات والهبات الأخرى التي جاءت لإعادة الإعمار من هنا وهناك فشركة وعد هي شركة ربحية بامتياز ووعدت فصدقت فعدلت .

اقرأ أيضاً: محاربة حزب الله لعلماء الدين الشيعة (7): اتهامات ضدّ «المراجع» بالعمالة والقعود عن الجهاد

فحزب الوعد الصادق قبض ثمن إعادة بناء ما هدمته الحرب مرتين، مرة من المال الطاهر والنظيف ومرة من المال غير الطاهر وغير النظيف !

وأما المال الطاهر والنظيف الذي أكثر أمين عام حزب الله  يومها الحديث عن استخدامه في إعادة بناء ما هدمته الحرب فقد استعير بعضه مؤقتاً لإعادة الإعمار ريثما يتم قبض المال غير الطاهر وغير النظيف من وزارة المهجرين .

والمال الطاهر النظيف فقد غصبه حزب الله مرة أخرى ببناء المجمعات الدينية الثقافية التي تربو عن الأربعمائة في مختلف المناطق اللبنانية، ورغم تدنِّي مستوى أئمتها وكثرة غيابهم عن أداء الواجبات فيها وكثرة تبديلهم بسبب الفشل المتكرر من أكثرهم في تأدية الرسالة الدينية، هذه المجمعات لم تساهم في زيادة عدد المتدينين بل ساهمت في استقطابهم من المساجد المستقلة سياسياً أو التابعة لقوى أخرى، فقد بنيت أكثر هذه المجمعات في مناطق ليست بحاجة للمساجد والحسينيات أصلاً فكان الهدف من بنائها السيطرة الحزبية وتفريغ المساجد الأخرى من روادها واستقطاب المصلين من المساجد المجاورة! وبعض هذه المجمعات يفصلها عن مساجد مجاورة خمسون متراً فقط كما في منطقة المصيطبة وحي السلم، وبعضها وصل عدد المصلين فيها إلى سبعة في حين كانت كلفت بنائها بملايين الدولارات مما يعني عدم الحاجة إليها أو عدم قيامها بالدور الصحيح لتجميع المؤمنين واستحداث المتدينين.

وهل بعد هذا الفساد من فساد وبعد هذا الهدر من هدر. ولو كان المال الطاهر والنظيف بيد أهله في هذا الزمان لتَمَّ تزويج العزاب به لرفع الفساد من الأرض ولكن القوم لا فهم لهم لحقيقة الدين ولغاية الرسالة الإلهية ، فهم يفسدون في الأرض أكثر مما يصلحون حتى ولو زخرفوا المساجد والمعابد فخلفاء بني أمية وبني العباس أكثروا من بناء المساجد المزخرفة وهدموا الدين كما تحكى الروايات التاريخية المتواترة ..

 

السابق
خامنئي يعفي الجعفري من قيادة الحرس الثوري الإيراني ويعيّن سلامي خلفا له
التالي
وزارة الصحّة تصدر قراراً استثنائياً لمعالجة الشابة ديانا عقل