المتسوِّلون في الوسط الشيعي في تزايد

ماذا جنت لنا سياسات الساسة اللبنانيين الفاشلة في عقود ما بعد الحرب الأهلية اللبنانية ؟

ما الذي حلَّ بالبيئة الشيعية من الدمار الاقتصادي الذي لم يقتصر على الطبقتين الفقيرة والوسطى بل شمل الكثير من أفراد الطبقة الغنية فقد أدت السياسات الاقتصادية الراهنة إلى إفقار الكثير من الأغنياء على حساب تجمُّع الثروة عند بعض أفراد الطبقة السياسية وعلى حساب غرق الدولة في المديونية التي لا يعمل أحد الآن على سعي جاد للحد منها ولا للقضاء عليها !

عندما جاء المغيب السيد موسى الصدر إلى لبنان سعى للقضاء على ظاهرة التسوُّل في الوسط الشيعي في مدينة صور والجوار … ثم سعى عبر ” مشروع الليرة ” الشهير للقضاء على الفقر والعوز في البيئة الشيعية في كل المناطق اللبنانية وأطلق شعاره الخالد : ” حتى لا يبقى محروم واحد ” ، وعمل على استنهاض طاقات المغتربين الشيعة خصوصاً في أفريقيا لمواجهة المخاطر الاقتصادية كافة التي تحدق بأبناء الطائفة الإسلامية الشيعية ، كما شجع على بناء مصانع للصناعات المختلفة كالسجاد العجمي والنسيج وما شاكل في بعض المناطق وكل ذلك لتشغيل اليد العاملة ومنها الشيعية …

وقد استطاع احتواء العديد من تداعيات الفقر الذي كان يفتك بمختلف الطبقات الاجتماعية الشيعية، وكان لا يدَّخر صفراء ولا خضراء ليساعد المستضعفين، ولكن ما هو الواقع الشيعي الآن بعد أكثر من أربعين سنة على غيابه ؟

اقرأ أيضاً: هكذا استولى حزب الله على بلديات لحركة أمل في الجنوب

لقد أهمل الساسة اللبنانيون المعالجة الحقيقية لملفات الفساد المالي حتى وصل الوضع إلى ما وصلنا إليه ! فأينما تذهب في المناطق الشيعية تجد ظاهرة التسول والسؤال متفشية وعندما يشم البعض رائحة الأغنياء والأشخاص المرتاحين مالياً بسبب الهجرة وما شاكل ترى هذا البعض يبادر لطلب المساعدة المادية إن كان على صعيد الدواء والاستشفاء أو على صعيد نفقات المأكل والمشرب وسواها من الحاجات الملحة والضرورية وهذه الظاهرة في ازدياد مستمر في مختلف المناطق الشيعية وقد دفعت الأشخاص المرتاحين مادياً وأغنياء الشيعة للانقطاع عن التواصل الاجتماعي بكل أشكاله هرباً من المتسولين الشيعة في القرى والبلدات الجنوبية والبقاعية فضلاً عن المناطق الأخرى ! ولا يوجد أفق واضح لوضع حلول لهذه الظاهرة على طريقة المغيب السيد موسى الصدر، فالأمر متروك للدهر ولتدخل السماء …

فهل يمكن لأحد أن يلوم الجياع بعد اليوم على كل ما قد يرتكبونه من تجاوزات ومخالفات التي هي في ازدياد مستمر ؟ كفى الله العباد والبلاد شر فساد الفقر فقد صدق الإمام علي عليه السلام حين قال : ” لو كان الفقر رجلاً لقتلته ” وقال : ” الفقر كفر ” … والمؤسسات الرعائية والاجتماعية الحزبية تفتقر للعدالة الاجتماعية بامتياز وهي بالكاد تتمكن من متابعة مشاكل المحازبين فضلاً عن غيرهم الذين هم ليسوا في حساباتها أصلاً … وكل الحلول ممكنة ولكنها تفتقر إلى الإرادة الحقيقية والجدية للمعالجات الصحيحة هذه الإرادة المفقودة على ما يبدو عند الساسة والأحزاب اللبنانية والشعب في همود وقعود … وكما تكونوا يولَّى عليكم …

السابق
حزب الله يعمل على افراغ المساجد غير الحزبية من المصلين
التالي
تلفزيون لبنان يؤكد: شاشتنا لكل لبنان من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب