مملكة نتنياهو بدعم ترامب وهدايا “أبو علي..”

على رغم ملاحقته من قبل القضاء في إسرائيل، إلاّ أن بنيامين نتنياهو أنتخب مجدداً كزعيم لأكبر كتلة في الكنيست، وبالتالي هو رئيس الحكومة التي يفترض ان تتشكل خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

أهم ما جعل نتنياهو متقدما على منافسيه في انتخابات الكنيست الاسرائيلي، رغم ما يعانيه قضائيا، هي الإنجازات التي حققها للاسرائيليين، وهي تتركز في نقطتين اساسييتين:
الأولى، الأمن الذي تعيشه إسرائيل على المستوى الداخلي وعلى الحدود، وفي المستوى الاستراتيجي، وهو الذي نجح الى حدّ بعيد في التفلت من قيود الحل السلمي بالنسبة للقضية الفلسطينية، واجتياحها من قبل “صفقة القرن” التي يُنتظر ان تتضح كامل تفاصيلها في حزيران المقبل.
الثانية، هوالاقتصاد، فإسرائيل شهدت منذ العام 2006 وصولا الى اليوم، طفرة اقتصادية أدت الى أن تكون دولة متقدمة عالمياً على المستوى التكنلوجي، وباتت دولة جاذبة لاستثمارات بعشرات مليارات الدولارات لشركات أمثال غوغل ومايكروسوفت وغيرها، بل أصبحت من الدول الأولى في العالم على مستوى الأمن السيبراني، كما باتت من الدول المستثمرة على صعيد التكنلوجيا الزراعية والطائرات المسيرة وتكنلوجيا السيارات وغير ذلك.
خلاصة ما وصلت اليه إسرائيل في عهد حكومة نتنياهو يجعل من الطبيعي أن يكون هو الرجل الوحيد في تاريخ انتخابات إسرائيل الذي يتولى رئاسة الحكومة لولاية خامسة، بل ظهر عشية الانتخابات انه يحظى بدعم أميركي صريح، عبّر عنه قرار الرئيس الأميركي الاعتراف بالجولان كأرض تابعة لدولة إسرائيل، وتأييد روسي عبّر عنه الرئيس فلاديمير بوتين الذي قدم له هدية رفات الجندي الإسرائيلي التي كانت في عهدة النظام السوري، وليس خافيا أن تطور العلاقات الروسية-الإسرائيلية شهد في السنوات الأخيرة أي منذ التدخل الروسي في سوريا، قفزات نوعية، حيث كان نتنياهو يحتل المرتبة الأولى في عدد اللقاءات الرسمية التي عقدها الرئيس الروسي مع رؤساء العالم خلال السنوات الأربع الماضية.
ولعل ما حققه نتنياهو على مستوى اختراق الدول العربية من خلال زيارات مسؤولين إسرائيليين الى هذه الدول، وتلك الزيارة التي قام هو نفسه بها الى السلطان قابوس في سلطنة عمان، أظهرت الى حدّ بعيد المدى الذي وصلت اليه إسرائيل على هذا الصعيد، حيث لم تُحدث زيارة عمان ايّ اعتراض جديّ من قبل جارتها ايران، بل على العكس فقد تطورت علاقتها بعمان اثر هذه الزيارة، وآخرها ما وقعه الطرفان، أي طهران ومسقط امس الخميس، من اتفاق للتعاون العسكري الذي يضاف الى اتفاقات تجارية واقتصادية كانت قائمة ولم تتأثر بالعلاقة العمانية الإسرائيلية.

من هنا نتنياهو ليس بحاجة لخوض حرب، لأن التهديدات التي طالما كانت ذريعة إسرائيل لشنها الحروب، لا تبرر الحرب اليوم، طالما أن المصالح الإسرائيلية مؤمنة من الأعداء قبل الحلفاء، ومن الممانعين قبل الراكضين لترسيخ العلاقات العلنية مع إسرائيل، بل أن روسيا التي تتصدر خطابات الممانعة باعتبارها منافسة لأميركا في المنطقة، هي المعبر الفعلي لتقديم الهدايا الى ملك إسرائيل الجديد.
واشنطن في عهد دونالد ترامب لا تلوّح إلاّ بالعصا وتطالب بدفع “الجزية” لم تعد هي المعبر او الواسطة نحو إسرائيل، فقد تماهت مع الموقف الإسرائيلي بشكل كامل، وباتت طرفا غير مغرٍ لخصوم إسرائيل او أعدائها كواسطة تفاهم، روسيا أصبحت هي الطرف النموذجي، او وسيلة الاتصال المباشر بنتنياهو، في الحسابات التجارية الاتصال المباشر بنتنياهو أقل خسارة، من الاتكاء على دور واشنطن في الشأن الإسرائيلي.

هذه السياسة المقصودة من واشنطن، عزّزت من دور روسيا، ليس لكونها طرفا دوليا مؤثرا وفاعلا في الشرق الأوسط، بل لأنها تدرك أن باب النفوذ والفاعلية وباب اتاحة الدور لها اميركيا في المنطقة، يبدأ من العلاقة الممتازة مع إسرائيل، فصارت هي الباب الخلفي لإسرائيل، ما دام التنازل لإسرائيل عبر “أبو علي بوتين” هو انتصار كما يقول منطق قوى الممانعة من دمشق الى بيروت وصولا الى طهران.

السابق
40 بلدية منحلّة و18 متوقفة عن العمل… فهل تُجري «الحسن» الانتخابات؟
التالي
تعرّفوا بالصور على «سدّ الملك طلال» في الأردن