دبل تتهيأ لاستقبال درب الصليب على طريقتها وتقليدها…

دبل

في تلك الناحية من أرض الجليل في جنوب لبنان، الشاهدة على تاريخ الخلاص البشري، يتهيّأ الجنوبيون للإلتحاق بموكب الكلمة المتجسّدة، التي جالت بينهم مُبشّرة ومُعلمّة لتصعد في جلجلتها وآلامها، إلى خشبة، أوقد فيها المصلوب نار حبّ ونور خلاص للأمم.

في بلدة دبل، يوم الجمعة العظيمة، يحافظ أهلها على تقليدٍ قديم يعود إلى القرن الماضي.

يقول الأستاذ بطرس غالي: “في العام 1975 مع اشتداد الأحداث الدموية في لبنان وتعرّض البلدة للقصف والقنص، تحاشى المؤمنون التجمعات، وفي العام 1979 عندما خفّت حدّة الإشتباكات، إرتأت لجنة مؤلفة من خادم الرعية الأب يعقوب ناصيف، الأخت آنج المعراوي، الأخت ستيفاني عتمة، كشافة مار جرجس، طلائع وفرسان العذراء بقيادة الدكتور ميشال حنّا… أن تنظّم مسيرة درب الصليب يوم الجمعة العظيمة في شوارع البلدة، حيث يتبرّع الشبان والشابات بتجسيد أدوار: المسيح، اللصين، الجنود، المريمات، الرسل، سمعان القرواني، بيلاطس… وأن يسيروا في درب الصليب بمراحله الـ 14 التي تتوزّع على 12 منزلٍ (بوضع صورة الأيقونة التي تُجسّد المرحلة أمام مدخل البيت) التي يمرّ بها موكب المؤمنين، أما مرحلة الصلب فتكون في ساحة كنيسة مار جرجس الأثرية، ورتبة جنّاز المسيح في كنيسة مار جرجس الكبيرة أو الجديدة.

اقرأ أيضاً: أهالي قرية الهبارية يتبرعون بمائة ليرة سورية لفلسطين

ويشير إلى أن الهدف من هذا التقليد الذي فيه جلد وضرب “ضمن المعقول والمحمول”، هو لكي نتذكّر آلام المسيح من أجلنا، وأن نصبر على صعابنا وظروفنا ومآسينا وأن نصمد في أرضنا، مشدّداً على أن هذه المسيرة ليست تمثيلية.

في هذا الإطار، لفت غالي إلى أنه وفي بعض المرات، طلب الشبان الذين جسّدوا أدوار “المسيح واللصين…” من جلّاديهم أن يضربوهم بقسوة، غير أن كهنة الرعية والقيّمين والأهليين تنبّهوا لهذا الأمر بسرعة ومنعوا هكذا تصرفات مبالغ فيها كي لا تأخذ منحى دراماتيكياً استعراضياً تُفقد التقليد رمزيته وجوهره.

وختم الأستاذ بطرس: “تعجّ البلدة بأهلها المقيمين والمغتربين الذين يقصدونها في عطلة الفصح، نظراً لأهمية هذا العيد الكبير في إيماننا ووجداننا وتاريخنا ووجودنا، ولا شكّ أن الحفاظ على العادات والتقاليد الجميلة والإيجابية، دافع أساسي لتمسّك الناس بأرضهم ووطنهم.

دبل، كباقي قرى الجنوب، أمينة على إيمانها وكنيستها في العيش بقيم الإنجيل والشهادة للربّ الذي تجسّد في هذه الأرض لكي يعلمنا التضحية والمحبة ونشر ثقافة التلاقي والتسامح والأخوة، مع كافة اطياف وطوائف الجنوب.

السابق
جدعون ليفي: لقد فاز المستوطنون وحل الدولتين لم يعد ممكنا
التالي
أسراب من الجراد في طريقها إلى إيران قادمة من السعودية